القول في تأويل قوله تعالى:
[129] وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون
وكذلك نولي بعض الظالمين أي: من الإنس: بعضا أي: نجعلهم بحيث يتولونهم بالإغواء والإضلال، كما فعل الشياطين وغواة الإنس بما كانوا يكسبون أي: بسبب ما كانوا مستمرين على كسبه من الكفر والمعاصي.
قال الرازي:
لأن الجنسية علة الضم. فالأرواح الخبيثة تنضم إلى ما يشاكلها في الخبث. وكذا القول في الأرواح الطاهرة، فكل أحد يهتم بشأن من يشاكله في النصرة والمعونة والتقوية.
[ ص: 2505 ] تنبيه:
قال السيوطي في "الإكليل": الآية معنى حديث: «كما تكونون يولى عليكم» ، أخرجه ابن قانع في معجم الصحابة من حديث انتهى. أبي بكرة.
وأسند في "الجامع الصغير" تخريجه إلى الديلمي في "الفردوس (عن وإلى أبي بكرة عن البيهقي، مرسلا - ورمز له بالضعف -. أبي إسحاق السبيعي
وأسند في "الدر المنثور" عن منصور بن الأسود قال: سألت عن قوله تعالى: الأعمش وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا ما سمعتهم يقولون فيه؟ قال: سمعتهم يقولون: إذا فسد الناس أمر عليهم شرارهم.
وأخرج نحوه عن مالك بن دينار وكعب والحسن.
قال في "تفسيره": ويقال في معنى الآية: نسلط على بعض الظالمين بعضا فيهلكه أو يذله. قال: وهذا كلام لتهديد الظالم، لكي يمتنع عن ظلمه. ويدخل في الآية جميع من يظلم: من راع في رعيته، وتاجر في تجارته، وسارق، وغيرهم. أبو الليث السمرقندي
قال إذا رأيت ظالما ينتقم من ظالم، فقف وانظر فيه متعجبا. انتهى. الفضيل بن عياض:
وقال معنى الآية الكريمة: كما ولينا هؤلاء الخاسرين من الإنس تلك الطائفة التي أغوتهم من الجن، كذلك نفعل بالظالمين، نسلط بعضهم على بعض، ونهلك بعضهم ببعض، وننتقم من بعضهم ببعض، جزاء على ظلمهم وبغيهم. ابن كثير: