القول في تأويل قوله تعالى:
[131] ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم وأهلها غافلون
وقوله تعالى: ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم وأهلها غافلون إعلام بأنه تعالى أعذر إلى الثقلين بإرسال الرسل، وإنزال الكتب، وتبيين الآيات، وإلزام الحجة بالإنذار والتهديد. وأنه تعالى لا يؤاخذ القرى بظلم أهلها بالشرك ونحوه، وهم لا تبلغهم دعوة رسول ينهاهم عنه، وينبههم على بطلانه؛ لأنه ينافي الحكمة. وجوز في ذلك أن يكون خبرا لمحذوف. أي: الأمر ذلك. أو مبتدأ وخبره محذوف. أي: كما ذكر. أو خبره: إن لم يكن ... إلخ. والمشار إليه إتيان الرسل، أو ما قص من أمرهم، أو السؤال المفهوم من قوله: ألم يأتكم . واستظهر أبو السعود أن الإشارة إلى شهادتهم على أنفسهم بالكفر، واستيجاب العذاب، وأنه مبتدأ خبره ما بعده، وأن (أن) مصدرية، و (اللام) [ ص: 2510 ] مقدرة قبلها. أو مخففة، واسمها ضمير الشأن، و: بظلم متعلق ب: مهلك . أي: بسبب ظلم، أو بمحذوف حالا من (القرى)، أي: متلبسة بظلم. والمعنى: ذلك ثابت لانتفاء كون ربك، أو لأن الشأن لم يكن ربك مهلك القرى بسبب ظلم فعلوه قبل أن ينبهوا على بطلانه برسول.
تنبيه:
في الآية دليل على أنه لا تكليف قبل البعثة، ولا حكم للعقل. كقوله: وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا