القول في تأويل قوله تعالى:
[151]
nindex.php?page=treesubj&link=18003_18028_19087_27521_28328_28662_30523_30578_32413_32438_32473_34145_34274_34334_34469_34513_9130_28977nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=151قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون
فقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=151قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا من الأوثان:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=151وبالوالدين إحسانا أي: وأحسنوا بالوالدين إحسانا. قال
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم: [ ص: 2565 ] والإحسان ما يخرج عن حد العقوق، ومثل هذا قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=15وصاحبهما في الدنيا معروفا ولما كان إيجاب الإحسان تحريما لترك الإحسان، ذكر في المحرمات. وكذا حكم ما بعده من الأوامر. فإن الأمر بالشيء مستلزم للنهي عن ضده. بل هو عينه عند البعض. كأن الأوامر ذكرت وقصد لوازمها، ومن سر ذلك هنا - أعني وضع: وبالوالدين إحسانا موضع (النهي عن الإساءة إليهما) - المبالغة والدلالة على أن ترك الإساءة في شأنهما غير كاف في قضاء حقوقهما، بخلاف غيرهما
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=151ولا تقتلوا أولادكم من إملاق أي: من أجل فقر، ومن خشيته. والمراد بالقتل:
nindex.php?page=treesubj&link=33302_30578وأد البنات وهن أحياء، وكانت
العرب تفعل ذلك في الجاهلية. فنهاهم الله عن ذلك وحرمه عليهم:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=151نحن نرزقكم وإياهم لأن رزق العبيد على مولاهم:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=151ولا تقربوا الفواحش يعني: الزنى لقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=32ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وإنما جيء بصيغة الجميع قصدا إلى النهي عن أنواعه أو مبالغة باعتبار تعدد من يصدر منه:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=151ما ظهر منها وما بطن يعني: علانيته وسره:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=151ولا تقتلوا النفس التي حرم الله أي: قتلها لإيمانها أو أمانها:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=151إلا بالحق أي: بالعدل، يعني بالقود والرجم والارتداد:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=151ذلكم وصاكم به تلطفا ورأفة.
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=151لعلكم تعقلون يعني: لتعقلوا عظمها عند الله تعالى فتكفوا عن مباشرتها.
قال
المهايمي: nindex.php?page=treesubj&link=18021_28675فالشرك وعقوق الوالدين nindex.php?page=treesubj&link=30578_32473_30523وقتل الأولاد للفقر، منشؤه الجهل بما في الشرك من استهانة المنعم بالإيجاد، وبما في الإساءة إلى الأبوين من مقابلة الإحسان بالإساءة،
nindex.php?page=treesubj&link=21483وقربان الفواحش من متابعة الهوى، والقتل من متابعة الغضب; وكلها أضداد العقل.
[ ص: 2566 ] تنبيه:
قال بعض
(الزيدية): قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=151من إملاق خرج على العادة. وإلا فهو محرم، خشي الفقر أم لا. وقد دلت على
nindex.php?page=treesubj&link=32473_30523تحريم قتل الأولاد.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم: فيدخل في ذلك
nindex.php?page=treesubj&link=9348شرب الدواء لقتل الجنين. قال الإمام
يحيى: إذا نفخ فيه الروح دون إفساد النطفة والعلقة والمضغة قبل أن ينفخ فيها الروح. وفي "الأحكام" يجب على من انقطع حيضها أن توقى من الأدوية ما يخاف على الجنين منها، إذا كانت من ذوات البعول. وفي قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=151ذلكم وصاكم به تأكيد للزوم ما تقدم. انتهى.
لطيفة:
قال
القاشاني: لما كان الكلام مع المشركين في تحريم الطيبات، عدد المحرمات ليستدل بها على المحللات. فحصر جميع أنواع الفضائل بالنهي عن أجناس الرذائل. وابتدأ بالنهي عن رذيلة القوة النطقية التي هي أشرفها. فإن رذيلتها أكبر الكبائر مستلزمة لجميع الرذائل. بخلاف رذيلة أخويها من القوتين البهيمية السبعية. فقال: ألا تشركوا به شيئا إذ الشرك من خطئها في النظر، وقصورها عن استعمال العقل ودرك البرهان. وعقبه بإحسان الوالدين. إذ معرفة حقوقهما تتلو معرفة الله في الإيجاد والربوبية؛ لأنه ما سببان قريبان في الوجود والتربية. وواسطتان جعلهما الله تعالى مظهرين لصفتي إيجاده وربوبيته ولهذا قال: (من أطاع الوالدين فقد أطاع الله ورسوله) فعقوقهما يلي الشرك ولا يقع الجهل بحقوقهما إلا عن الجهل بحقوق الله تعالى ومعرفة صفاته. ثم بالنهي عن قتل الأولاد خشية الفقر. فإن ارتكاب ذلك لا يكون إلا عن الجهل والعمى عن تسبيبه تعالى الرزق لكل مخلوق. وأن أرزاق العباد بيده، يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر. والاحتجاب عن سر القدر، فلا يعلم أن الأرزاق مقدرة بإزاء الأعمار كتقدير الآجال. فأولاها لا تقع إلا من خطئها في معرفة ذات الله تعالى. والثانية من خطئها في معرفة صفاته. والثالثة من معرفة أفعاله. فلا
[ ص: 2567 ] يرتكب هذه الرذائل الثلاث إلا منكوس محجوب عن ذات الله تعالى وصفاته وأفعاله; وهذه الحجب أم الرذائل وأساسها. ثم بين رذيلة القوة البهيمية؛ لأن رذيلتها أظهر وأقدم فقال: ولا تقربوا الفواحش ، ثم أشار إلى رذيلة القوة السبعية بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=151ولا تقتلوا النفس الآية.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى:
[151]
nindex.php?page=treesubj&link=18003_18028_19087_27521_28328_28662_30523_30578_32413_32438_32473_34145_34274_34334_34469_34513_9130_28977nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=151قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ
فَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=151قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا مِنَ الْأَوْثَانِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=151وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا أَيْ: وَأَحْسِنُوا بِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا. قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14070الْحَاكِمُ: [ ص: 2565 ] وَالْإِحْسَانُ مَا يَخْرُجُ عَنْ حَدِّ الْعُقُوقِ، وَمِثْلُ هَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=15وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَلَمَّا كَانَ إِيجَابُ الْإِحْسَانِ تَحْرِيمًا لِتَرْكِ الْإِحْسَانِ، ذُكِرَ فِي الْمُحَرَّمَاتِ. وَكَذَا حُكْمُ مَا بَعْدَهُ مِنَ الْأَوَامِرِ. فَإِنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ مُسْتَلْزِمٌ لِلنَّهْيِ عَنْ ضِدِّهِ. بَلْ هُوَ عَيْنُهُ عِنْدَ الْبَعْضِ. كَأَنَّ الْأَوَامِرَ ذُكِرَتْ وَقُصِدَ لَوَازِمُهَا، وَمِنْ سِرِّ ذَلِكَ هُنَا - أَعْنِي وَضْعَ: وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا مَوْضِعَ (النَّهْيِ عَنِ الْإِسَاءَةِ إِلَيْهِمَا) - الْمُبَالَغَةُ وَالدَّلَالَةُ عَلَى أَنَّ تَرْكَ الْإِسَاءَةِ فِي شَأْنِهِمَا غَيْرُ كَافٍ فِي قَضَاءِ حُقُوقِهِمَا، بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=151وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ أَيْ: مِنْ أَجْلِ فَقْرٍ، وَمِنْ خَشْيَتِهِ. وَالْمُرَادُ بِالْقَتْلِ:
nindex.php?page=treesubj&link=33302_30578وَأْدُ الْبَنَاتِ وَهُنَّ أَحْيَاءٌ، وَكَانَتِ
الْعَرَبُ تَفْعَلُ ذَلِكَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. فَنَهَاهُمُ اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ وَحَرَّمَهُ عَلَيْهِمْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=151نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ لِأَنَّ رِزْقَ الْعَبِيدِ عَلَى مَوْلَاهُمْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=151وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ يَعْنِي: الزِّنَى لِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=32وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَإِنَّمَا جِيءَ بِصِيغَةِ الْجَمِيعِ قَصْدًا إِلَى النَّهْيِ عَنْ أَنْوَاعِهِ أَوْ مُبَالَغَةً بِاعْتِبَارِ تَعَدُّدِ مَنْ يَصْدُرُ مِنْهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=151مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ يَعْنِي: عَلَانِيَتَهُ وَسِرَّهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=151وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ أَيْ: قَتْلَهَا لِإِيمَانِهَا أَوْ أَمَانِهَا:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=151إِلا بِالْحَقِّ أَيْ: بِالْعَدْلِ، يَعْنِي بِالْقَوَدِ وَالرَّجْمِ وَالِارْتِدَادِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=151ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ تَلَطُّفًا وَرَأْفَةً.
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=151لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ يَعْنِي: لِتَعْقِلُوا عِظَمَهَا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى فَتَكُفُّوا عَنْ مُبَاشَرَتِهَا.
قَالَ
الْمَهَايِمِيُّ: nindex.php?page=treesubj&link=18021_28675فَالشِّرْكُ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ nindex.php?page=treesubj&link=30578_32473_30523وَقَتْلُ الْأَوْلَادِ لِلْفَقْرِ، مَنْشَؤُهُ الْجَهْلُ بِمَا فِي الشِّرْكِ مِنَ اسْتِهَانَةِ الْمُنْعِمِ بِالْإِيجَادِ، وَبِمَا فِي الْإِسَاءَةِ إِلَى الْأَبَوَيْنِ مِنْ مُقَابَلَةِ الْإِحْسَانِ بِالْإِسَاءَةِ،
nindex.php?page=treesubj&link=21483وَقُرْبَانِ الْفَوَاحِشِ مِنْ مُتَابَعَةِ الْهَوَى، وَالْقَتْلِ مِنْ مُتَابَعَةِ الْغَضَبِ; وَكُلُّهَا أَضْدَادُ الْعَقْلِ.
[ ص: 2566 ] تَنْبِيهٌ:
قَالَ بَعْضُ
(الزَّيْدِيَّةِ): قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=151مِنْ إِمْلاقٍ خَرَجَ عَلَى الْعَادَةِ. وَإِلَّا فَهُوَ مُحَرَّمٌ، خَشِيَ الْفَقْرَ أَمْ لَا. وَقَدْ دَلَّتْ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=32473_30523تَحْرِيمِ قَتْلِ الْأَوْلَادِ.
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14070الْحَاكِمُ: فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=9348شُرْبُ الدَّوَاءِ لِقَتْلِ الْجَنِينِ. قَالَ الْإِمَامُ
يَحْيَى: إِذَا نُفِخَ فِيهِ الرُّوحُ دُونَ إِفْسَادِ النُّطْفَةِ وَالْعَلَقَةِ وَالْمُضْغَةِ قَبْلَ أَنْ يُنْفَخَ فِيهَا الرُّوحُ. وَفِي "الْأَحْكَامِ" يَجِبُ عَلَى مَنِ انْقَطَعَ حَيْضُهَا أَنْ تُوقَّى مِنَ الْأَدْوِيَةِ مَا يُخَافُ عَلَى الْجَنِينِ مِنْهَا، إِذَا كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْبُعُولِ. وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=151ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ تَأْكِيدٌ لِلُزُومِ مَا تَقَدَّمَ. انْتَهَى.
لَطِيفَةٌ:
قَالَ
الْقَاشَانِيُّ: لَمَّا كَانَ الْكَلَامُ مَعَ الْمُشْرِكِينَ فِي تَحْرِيمِ الطَّيِّبَاتِ، عَدَّدَ الْمُحَرَّمَاتِ لِيُسْتَدَلَّ بِهَا عَلَى الْمُحَلَّلَاتِ. فَحَصَرَ جَمِيعَ أَنْوَاعِ الْفَضَائِلِ بِالنَّهْيِ عَنْ أَجْنَاسِ الرَّذَائِلِ. وَابْتَدَأَ بِالنَّهْيِ عَنْ رَذِيلَةِ الْقُوَّةِ النُّطْقِيَّةِ الَّتِي هِيَ أَشْرَفُهَا. فَإِنَّ رَذِيلَتَهَا أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ مُسْتَلْزِمَةٌ لِجَمِيعِ الرَّذَائِلِ. بِخِلَافِ رَذِيلَةِ أَخَوَيْهَا مِنَ الْقُوَّتَيْنِ الْبَهِيمِيَّةِ السَّبُعِيَّةِ. فَقَالَ: أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا إِذِ الشِّرْكُ مِنْ خَطَئِهَا فِي النَّظَرِ، وَقُصُورِهَا عَنِ اسْتِعْمَالِ الْعَقْلِ وَدَرْكِ الْبُرْهَانِ. وَعَقَّبَهُ بِإِحْسَانِ الْوَالِدَيْنِ. إِذْ مَعْرِفَةُ حُقُوقِهِمَا تَتْلُو مَعْرِفَةَ اللَّهِ فِي الْإِيجَادِ وَالرُّبُوبِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ مَا سَبَبَانِ قَرِيبَانِ فِي الْوُجُودِ وَالتَّرْبِيَةِ. وَوَاسِطَتَانِ جَعَلَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى مَظْهَرَيْنِ لِصِفَتَيْ إِيجَادِهِ وَرُبُوبِيَّتِهِ وَلِهَذَا قَالَ: (مَنْ أَطَاعَ الْوَالِدَيْنِ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) فَعُقُوقُهُمَا يَلِي الشِّرْكَ وَلَا يَقَعُ الْجَهْلُ بِحُقُوقِهِمَا إِلَّا عَنِ الْجَهْلِ بِحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَعْرِفَةِ صِفَاتِهِ. ثُمَّ بِالنَّهْيِ عَنْ قَتْلِ الْأَوْلَادِ خَشْيَةَ الْفَقْرِ. فَإِنَّ ارْتِكَابَ ذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا عَنِ الْجَهْلِ وَالْعَمَى عَنْ تَسْبِيبِهِ تَعَالَى الرِّزْقَ لِكُلِّ مَخْلُوقٍ. وَأَنَّ أَرْزَاقَ الْعِبَادِ بِيَدِهِ، يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ. وَالِاحْتِجَابُ عَنْ سِرِّ الْقَدَرِ، فَلَا يُعْلَمُ أَنَّ الْأَرْزَاقَ مُقَدَّرَةٌ بِإِزَاءِ الْأَعْمَارِ كَتَقْدِيرِ الْآجَالِ. فَأُولَاهَا لَا تَقَعُ إِلَّا مِنْ خَطَئِهَا فِي مَعْرِفَةِ ذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى. وَالثَّانِيَةُ مِنْ خَطَئِهَا فِي مَعْرِفَةِ صِفَاتِهِ. وَالثَّالِثَةُ مِنْ مَعْرِفَةِ أَفْعَالِهِ. فَلَا
[ ص: 2567 ] يَرْتَكِبُ هَذِهِ الرَّذَائِلَ الثَّلَاثَ إِلَّا مَنْكُوسٌ مَحْجُوبٌ عَنْ ذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ; وَهَذِهِ الْحُجُبُ أُمُّ الرَّذَائِلِ وَأَسَاسُهَا. ثُمَّ بَيَّنَ رَذِيلَةَ الْقُوَّةِ الْبَهِيمِيَّةِ؛ لِأَنَّ رَذِيلَتَهَا أَظْهَرُ وَأَقْدَمُ فَقَالَ: وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ ، ثُمَّ أَشَارَ إِلَى رَذِيلَةِ الْقُوَّةِ السَّبُعِيَّةِ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=151وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الْآيَةَ.