ومعلوم أن
nindex.php?page=treesubj&link=29532الصلاة " أفضل العبادات " كما في الصحيحين عن {
nindex.php?page=hadith&LINKID=70216ابن مسعود أنه قال : قلت للنبي صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله ؟ قال : الصلاة على وقتها . قلت : ثم أي ؟ قال : بر الوالدين . قلت : ثم أي ؟ قال : الجهاد . قال حدثني بهن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو استزدته لزادني } . وثبت أيضا في الصحيحين { عنه أنه جعل
nindex.php?page=treesubj&link=29532أفضل الأعمال إيمان بالله وجهاد في سبيله ثم الحج المبرور } . ولا منافاة بينهما ; فإن الصلاة داخلة في مسمى الإيمان بالله كما دخلت في قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=152&ayano=2وما كان الله ليضيع إيمانكم } قال
البراء بن عازب وغيره من
السلف : أي صلاتكم إلى
بيت المقدس . ولهذا كانت
nindex.php?page=treesubj&link=28426الصلاة كالإيمان لا تدخلها النيابة بحال فلا يصلي أحد عن أحد الفرض لا لعذر ولا لغير عذر كما لا يؤمن أحد عنه ولا
[ ص: 440 ] تسقط بحال كما لا يسقط الإيمان ; بل عليه الصلاة ما دام عقله حاضرا وهو متمكن من فعل بعض أفعالها فإذا
nindex.php?page=treesubj&link=1766_1764عجز عن جميع الأفعال ولم يقدر على الأقوال فهل يصلي بتحريك طرفه ويستحضر الأفعال بقلبه ؟ فيه قولان للعلماء وإن كان الأظهر أن هذا غير مشروع . فإذا كان كذلك تبين أن من زال عقله فقد حرم ما يتقرب به إلى الله من فرض ونفل و " الولاية " هي الإيمان والتقوى المتضمنة للتقرب بالفرائض والنوافل فقد حرم ما به يتقرب أولياء الله إليه ; لكنه مع جنونه قد رفع القلم عنه فلا يعاقب كما لا يعاقب الأطفال والبهائم ; إذ لا تكليف عليهم في هذه الحال . ثم إن
nindex.php?page=treesubj&link=20733كان مؤمنا قبل حدوث الجنون به وله أعمال صالحة وكان يتقرب إلى الله بالفرائض والنوافل قبل زوال عقله كان له من ثواب ذلك الإيمان والعمل الصالح ما تقدم وكان له من ولاية الله تعالى بحسب ما كان عليه من الإيمان والتقوى كما لا يسقط ذلك بالموت ; بخلاف ما لو ارتد عن الإسلام ; فإن الردة تحبط الأعمال وليس من السيئات ما يحبط الأعمال الصالحة إلا الردة .
كما أنه ليس من الحسنات ما يحبط جميع السيئات إلا التوبة فلا يكتب للمجنون حال جنونه مثل ما كان يعمل في حال إفاقته كما لا يكون مثل ذلك لسيئاته في زوال عقله بالأعمال المسكرة والنوم ; لأنه في هذه الحال ليس له قصد صحيح ولكن في الحديث
[ ص: 441 ] الصحيح عن
أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=10093إذا مرض العبد أو سافر كتب له من العمل ما كان يعمل وهو صحيح مقيم } . وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=596905أنه قال في غزوة تبوك إن بالمدينة لرجالا ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم قالوا : وهم بالمدينة قال : وهم بالمدينة حبسهم العذر } فهؤلاء كانوا قاصدين للعمل الذي كانوا يعملونه راغبين فيه لكن عجزوا فصاروا بمنزلة العامل ; بخلاف من زال عقله فإنه ليس له قصد صحيح ولا عبادة أصلا بخلاف أولئك فإن لهم قصدا صحيحا يكتب لهم به الثواب .
وأما إن
nindex.php?page=treesubj&link=20733كان قبل جنونه كافرا أو فاسقا أو مذنبا لم يكن حدوث الجنون به مزيلا لما ثبت من كفره وفسقه ولهذا كان
nindex.php?page=treesubj&link=20733من جن من اليهود والنصارى بعد تهوده وتنصره محشورا معهم وكذلك
nindex.php?page=treesubj&link=20733من جن من المسلمين بعد إيمانه وتقواه محشورا مع المؤمنين من المتقين .
nindex.php?page=treesubj&link=28806وزوال العقل بجنون أو غيره سواء سمي صاحبه مولها أو متولها لا يوجب مزيد حال صاحبه من الإيمان والتقوى ولا يكون زوال عقله سببا لمزيد خيره ولا صلاحه ولا ذنبه ; ولكن الجنون يوجب زوال العقل فيبقى على ما كان عليه من خير وشر لا أنه يزيده ولا ينقصه لكن جنونه يحرمه الزيادة من الخير كما أنه يمنع عقوبته على الشر .
وَمَعْلُومٌ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29532الصَّلَاةَ " أَفْضَلُ الْعِبَادَاتِ " كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=70216ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ : قُلْت لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ ؟ قَالَ : الصَّلَاةُ عَلَى وَقْتِهَا . قُلْت : ثُمَّ أَيُّ ؟ قَالَ : بِرُّ الْوَالِدَيْنِ . قُلْت : ثُمَّ أَيُّ ؟ قَالَ : الْجِهَادُ . قَالَ حَدَّثَنِي بِهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَوْ اسْتَزَدْته لَزَادَنِي } . وَثَبَتَ أَيْضًا فِي الصَّحِيحَيْنِ { عَنْهُ أَنَّهُ جَعَلَ
nindex.php?page=treesubj&link=29532أَفْضَلَ الْأَعْمَالِ إيمَانٌ بِاَللَّهِ وَجِهَادٌ فِي سَبِيلِهِ ثُمَّ الْحَجُّ الْمَبْرُورُ } . وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا ; فَإِنَّ الصَّلَاةَ دَاخِلَةٌ فِي مُسَمَّى الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ كَمَا دَخَلَتْ فِي قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=152&ayano=2وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إيمَانَكُمْ } قَالَ
الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ وَغَيْرُهُ مِنْ
السَّلَفِ : أَيْ صَلَاتُكُمْ إلَى
بَيْتِ الْمَقْدِسِ . وَلِهَذَا كَانَتْ
nindex.php?page=treesubj&link=28426الصَّلَاةُ كَالْإِيمَانِ لَا تَدْخُلُهَا النِّيَابَةُ بِحَالِ فَلَا يُصَلِّي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ الْفَرْضَ لَا لِعُذْرِ وَلَا لِغَيْرِ عُذْرٍ كَمَا لَا يُؤْمِنُ أَحَدٌ عَنْهُ وَلَا
[ ص: 440 ] تَسْقُطُ بِحَالِ كَمَا لَا يَسْقُطُ الْإِيمَانُ ; بَلْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ مَا دَامَ عَقْلُهُ حَاضِرًا وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ فِعْلِ بَعْضِ أَفْعَالِهَا فَإِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=1766_1764عَجَزَ عَنْ جَمِيعِ الْأَفْعَالِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْأَقْوَالِ فَهَلْ يُصَلِّي بِتَحْرِيكِ طَرْفِهِ وَيَسْتَحْضِرُ الْأَفْعَالَ بِقَلْبِهِ ؟ فِيهِ قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ وَإِنْ كَانَ الْأَظْهَرُ أَنَّ هَذَا غَيْرُ مَشْرُوعٍ . فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ تَبَيَّنَ أَنَّ مَنْ زَالَ عَقْلُهُ فَقَدْ حُرِمَ مَا يَتَقَرَّبُ بِهِ إلَى اللَّهِ مِنْ فَرْضٍ وَنَفْلٍ و " الْوِلَايَةُ " هِيَ الْإِيمَانُ وَالتَّقْوَى الْمُتَضَمِّنَةُ لِلتَّقَرُّبِ بِالْفَرَائِضِ وَالنَّوَافِلِ فَقَدْ حُرِمَ مَا بِهِ يَتَقَرَّبُ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ إلَيْهِ ; لَكِنَّهُ مَعَ جُنُونِهِ قَدْ رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْهُ فَلَا يُعَاقَبُ كَمَا لَا يُعَاقَبُ الْأَطْفَالُ وَالْبَهَائِمُ ; إذْ لَا تَكْلِيفَ عَلَيْهِمْ فِي هَذِهِ الْحَالِ . ثُمَّ إنْ
nindex.php?page=treesubj&link=20733كَانَ مُؤْمِنًا قَبْلَ حُدُوثِ الْجُنُونِ بِهِ وَلَهُ أَعْمَالٌ صَالِحَةٌ وَكَانَ يَتَقَرَّبُ إلَى اللَّهِ بِالْفَرَائِضِ وَالنَّوَافِلِ قَبْلَ زَوَالِ عَقْلِهِ كَانَ لَهُ مِنْ ثَوَابِ ذَلِكَ الْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ مَا تَقَدَّمَ وَكَانَ لَهُ مِنْ وِلَايَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِحَسَبِ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْإِيمَانِ وَالتَّقْوَى كَمَا لَا يَسْقُطُ ذَلِكَ بِالْمَوْتِ ; بِخِلَافِ مَا لَوْ ارْتَدَّ عَنْ الْإِسْلَامِ ; فَإِنَّ الرِّدَّةَ تُحْبِطُ الْأَعْمَالَ وَلَيْسَ مِنْ السَّيِّئَاتِ مَا يُحْبِطُ الْأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ إلَّا الرِّدَّةُ .
كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْحَسَنَاتِ مَا يُحْبِطُ جَمِيعَ السَّيِّئَاتِ إلَّا التَّوْبَةُ فَلَا يُكْتَبُ لِلْمَجْنُونِ حَالَ جُنُونِهِ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ فِي حَالِ إفَاقَتِهِ كَمَا لَا يَكُونُ مِثْلُ ذَلِكَ لِسَيِّئَاتِهِ فِي زَوَالِ عَقْلِهِ بِالْأَعْمَالِ الْمُسْكِرَةِ وَالنَّوْمِ ; لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالِ لَيْسَ لَهُ قَصْدٌ صَحِيحٌ وَلَكِنْ فِي الْحَدِيثِ
[ ص: 441 ] الصَّحِيحِ عَنْ
أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=10093إذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مِنْ الْعَمَلِ مَا كَانَ يَعْمَلُ وَهُوَ صَحِيحٌ مُقِيمٌ } . وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=596905أَنَّهُ قَالَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ إنَّ بِالْمَدِينَةِ لَرِجَالًا مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا وَلَا قَطَعْتُمْ وَادِيًا إلَّا كَانُوا مَعَكُمْ قَالُوا : وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ قَالَ : وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ حَبَسَهُمْ الْعُذْرُ } فَهَؤُلَاءِ كَانُوا قَاصِدِينَ لِلْعَمَلِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَهُ رَاغِبِينَ فِيهِ لَكِنْ عَجَزُوا فَصَارُوا بِمَنْزِلَةِ الْعَامِلِ ; بِخِلَافِ مَنْ زَالَ عَقْلُهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ قَصْدٌ صَحِيحٌ وَلَا عِبَادَةٌ أَصْلًا بِخِلَافِ أُولَئِكَ فَإِنَّ لَهُمْ قَصْدًا صَحِيحًا يُكْتَبُ لَهُمْ بِهِ الثَّوَابُ .
وَأَمَّا إنْ
nindex.php?page=treesubj&link=20733كَانَ قَبْلَ جُنُونِهِ كَافِرًا أَوْ فَاسِقًا أَوْ مُذْنِبًا لَمْ يَكُنْ حُدُوثُ الْجُنُونِ بِهِ مُزِيلًا لِمَا ثَبَتَ مِنْ كُفْرِهِ وَفِسْقِهِ وَلِهَذَا كَانَ
nindex.php?page=treesubj&link=20733مَنْ جُنَّ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى بَعْدَ تَهَوُّدِهِ وَتَنَصُّرِهِ مَحْشُورًا مَعَهُمْ وَكَذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=20733مَنْ جُنَّ مِنْ الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ إيمَانِهِ وَتَقْوَاهُ مَحْشُورًا مَعَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ الْمُتَّقِينَ .
nindex.php?page=treesubj&link=28806وَزَوَالُ الْعَقْلِ بِجُنُونِ أَوْ غَيْرِهِ سَوَاءٌ سُمِّيَ صَاحِبُهُ مُولَهًا أَوْ مُتَوَلِّهًا لَا يُوجِبُ مَزِيدَ حَالِ صَاحِبِهِ مِنْ الْإِيمَانِ وَالتَّقْوَى وَلَا يَكُونُ زَوَالُ عَقْلِهِ سَبَبًا لِمَزِيدِ خَيْرِهِ وَلَا صَلَاحِهِ وَلَا ذَنْبِهِ ; وَلَكِنَّ الْجُنُونَ يُوجِبُ زَوَالَ الْعَقْلِ فَيَبْقَى عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ لَا أَنَّهُ يَزِيدُهُ وَلَا يَنْقُصُهُ لَكِنَّ جُنُونَهُ يَحْرِمُهُ الزِّيَادَةَ مِنْ الْخَيْرِ كَمَا أَنَّهُ يَمْنَعُ عُقُوبَتَهُ عَلَى الشَّرِّ .