[ ص: 140 ] فصل
هؤلاء : إن وجود الكائنات هو عين وجود الله تعالى ليس وجودها غيره ولا شيء سواه ألبتة ولهذا من سماهم حقيقة قول حلولية أو قال هم قائلون بالحلول رأوه محجوبا عن معرفة قولهم خارجا عن الدخول إلى باطن أمرهم لأن من قال : إن الله يحل في المخلوقات فقد قال بأن المحل غير الحال وهذا تثنية عندهم وإثبات لوجودين :
أحدهما : وجود الحق الحال .
والثاني : وجود المخلوق المحل وهم لا يقرون بإثبات وجودين ألبتة .
ولا ريب أن هذا القول أقل كفرا من قولهم وهو قول الجهمية الذين كان السلف يردون قولهم وهم الذين يزعمون أن الله بذاته في كل مكان . وقد ذكره جماعات من الأئمة والسلف عن كثير من الجهمية وكفروهم به بل جعلهم خلق من الأئمة - كابن المبارك وطائفة من أهل العلم والحديث من أصحاب ويوسف بن أسباط أحمد وغيره - خارجين بذلك عن الثنتين والسبعين فرقة . وهو قول بعض متكلمة الجهمية وكثير من متعبديهم .
ولا ريب أن إلحاد هؤلاء المتأخرين وتجهمهم وزندقتهم تفريع وتكميل لإلحاد هذه الجهمية الأولى وتجهمها وزندقتها .