فصل و " " يجب أن يكون جامعا عاما مؤتلفا لا تفريق فيه ولا تبعيض ولا اختلاف ; بأن يؤمن بجميع الرسل وبجميع ما أنزل إليهم . فمن الإيمان بالرسل فهو كافر وهذا حال من بدل وكفر من آمن ببعض الرسل وكفر ببعض أو آمن ببعض ما أنزل الله وكفر ببعض اليهود والنصارى والصابئين ; فإن [ ص: 12 ] هؤلاء في أصلهم قد يؤمنون بالله واليوم الآخر ويعملون صالحا ; فأولئك لا خوف عليهم ولا هم يحزنون . كما قال تعالى : { إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون } ونحوه في المائدة .
ومنهم من فرق فآمن ببعض وكفر ببعض كما قال تعالى عن اليهود : { وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل الله قالوا نؤمن بما أنزل علينا ويكفرون بما وراءه } الآيات وقال تعالى : { إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا } { أولئك هم الكافرون حقا } الآية . وقال تعالى : { قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل } الآيتين وقال عن المؤمنين { آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله } وقال : { شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه } .
وذم الذين تفرقوا واختلفوا في الكتب وهم الذين يؤمنون ببعض دون بعض فيكون مع هؤلاء بعض ومع هؤلاء بعض كقوله : [ ص: 13 ] { وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد } وقوله : { وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم } وقوله : { وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة } وقال تعالى : { إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء }