قال المروذي قلت - لأبي عبد الله يعني أحمد بن حنبل قال : إذا خاف الفتنة لم ينظر إليه كم نظرة ألقت في قلب صاحبها البلاء : وقال الرجل ينظر إلى المملوك المروذي : قلت : رجل تاب وقال : لو ضرب ظهري بالسياط ما دخلت في معصية إلا أنه لا يدع النظر فقال : أي توبة هذه { لأبي عبد الله جرير سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجأة فقال : اصرف بصرك } . وقال قال ابن أبي الدنيا : حدثني أبي وسويد قالا : حدثني إبراهيم بن هراسة عن عثمان بن صالح عن الحسن بن ذكوان قال : لا تجالسوا أولاد الأغنياء فإن لهم صورا كصور النساء وهم أشد فتنة من العذارى .
وهذا الاستدلال والقياس والتنبيه بالأدنى على الأعلى وكان يقال [ ص: 375 ] لا يبيت الرجل في بيت مع وقال الغلام الأمرد ابن أبي الدنيا بإسناده عن : قال سيكون في هذه الأمة قوم يقال لهم اللوطيون على ثلاثة أصناف . صنف ينظرون وصنف يصافحون وصنف يعملون ذلك العمل . وقال أبي سهل الصعلوكي إبراهيم النخعي : كانوا يكرهون مجالسة الأغنياء وأبناء الملوك وقال : مجالستهم فتنة إنما هم بمنزلة النساء . ووقفت جارية لم ير أحسن وجها منها على بشر الحافي فسألته عن باب حرب فدلها ثم وقف عليه غلام حسن الوجه فسأله عن باب حرب فأطرق رأسه فرد عليه الغلام السؤال فغمض عينيه فقيل له : يا أبا نصر جاءتك جارية فسألتك فأجبتها وجاءك هذا الغلام فسألك فلم تكلمه فقال : نعم . يروى عن سفيان الثوري أنه قال : مع الجارية شيطان ومع الغلام شيطانان فخشيت على نفسي شيطانيه .
وروى أبو الشيخ القزويني بإسناده عن بشر أنه قال : احذروا هؤلاء الأحداث وقال : صحبت ثلاثين شيخا كانوا يعدون من الأبدال كلهم أوصاني عند مفارقتي له : اتق صحبة الأحداث : اتق معاشرة الأحداث . وكان فتح الموصلي سفيان الثوري لا يدع أمرد يجالسه وكان مالك بن أنس يمنع دخول المرد مجلسه للسماع فاحتال هشام فدخل في غمار الناس مستترا بهم وهو أمرد فسمع منه ستة عشر حديثا فأخبر بذلك مالك فضربه ستة عشر سوطا فقال هشام : ليتني سمعت [ ص: 376 ] مائة حديث وضربني مائة سوط وكان يقول : هذا علم إنما أخذناه عن ذوي اللحى والشيوخ فلا يحمله عنا إلا أمثالهم وقال : ما طمع أمرد أن يصحبني ولا يحيى بن معين في طريق . أحمد بن حنبل
وقال أبو علي الروذباري : قال لي أبو العباس أحمد بن المؤدب : يا أبا علي من أين أخذ صوفية عصرنا هذا الأنس بالأحداث وقد تصحبهم السلامة في كثير من الأمور ؟ فقال : هيهات قد رأينا من هو أقوى منهم إيمانا إذا رأى الحدث قد أقبل فر منه كفراره من الأسد وإنما ذاك على حسب الأوقات التي تغلب الأحوال على أهلها فيأخذها تصرف الطباع ما أكثر الخطأ ما أكثر الغلط قال الجنيد بن محمد جاء رجل إلى معه غلام أمرد حسن الوجه فقال له : من هذا الفتى فقال الرجل : ابني فقال لا تجئ به معك مرة أخرى فلامه بعض أصحابه في ذلك فقال أحمد بن حنبل أحمد : على هذا رأينا أشياخنا وبه أخبرونا عن أسلافهم .
وجاء حسن بن الرازي إلى أحمد ومعه غلام حسن الوجه فتحدث معه ساعة فلما أراد أن ينصرف قال له أحمد : يا أبا علي لا تمش مع هذا الغلام في طريق فقال : يا إنه ابن أختي قال : وإن كان : لا يأثم الناس فيك وروى أبا عبد الله ابن الجوزي بإسناده عن [ ص: 377 ] سعيد بن المسيب قال : إذا رأيتم الرجل يلح بالنظر إلى الغلام الأمرد فاتهموه وقد روي في ذلك أحاديث مسندة ضعيفة وحديث مرسل أجود منها وهو ما رواه أبو محمد الخلال . ثنا عمر بن شاهين ثنا محمد بن أبي سعيد المقري . ثنا أحمد بن حماد المصيصي ثنا عباس بن مجوز ثنا عن أبو أسامة مجالد عن سعيد عن الشعبي قال : { قدم وفد عبد القيس على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيهم غلام أمرد ظاهر الوضاءة فأجلسه النبي صلى الله عليه وسلم وراء ظهره وقال كانت خطيئة داود في النظر } هذا حديث منكر .
وأما المسندة فمنها ما رواه ابن الجوزي بإسناده عن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { أبي هريرة من نظر إلى غلام أمرد بريبة حبسه الله في النار أربعين عاما } وروى الخطيب البغدادي بإسناده عن أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : { لا تجالسوا أبناء الملوك ; فإن الأنفس تشتاق إليهم ما لا تشتاق إلى الجواري العواتق } إلى غير ذلك من الأحاديث الضعيفة .