[ ص: 435 ] فصل
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=28660اتحاد ذات العبد بذات الرب بل اتحاد ذات عبد بذات عبد أو حلول حقيقة في حقيقة كحلول الماء في الوعاء : فهذا باطل قطعا بل ذلك باطل في العبد مع العبد ; فإنه لا تتحد ذاته بذاته ولا تحل ذات أحدهما في ذات الآخر .
وهذا هو الذي وقعت فيه
الاتحادية والحلولية ; من
النصارى وغيرهم ; من غالية هذه الأمة وغيرها وهو اتحاد متجدد بين ذاتين كانتا متميزتين فصارتا متحدتين أو حلول إحداهما في الأخرى فهذا بين البطلان .
وأبطل منه قول من يقول : ما زال واحدا وما ثم تعدد أصلا . وإنما التعدد في الحجاب فلما انكشف الأمر رأيت أني أنا وكل شيء هو الله سواء قال بالوحدة مطلقا أو بوحدة الوجود المطلق دون المعين أو بوحدة الوجود دون الأعيان الثابتة في العدم .
فهذه وما قبلها مذاهب أهل الكفر والضلال كما أن الأولى مذهب أهل الإيمان والعلم والهدى .
ومن كفر بالحق من ذلك أو آمن بالباطل .
[ ص: 436 ] فهما في طرفي نقيض .
كاليهود والنصارى .
وأما المؤمنون : فيؤمنون بحق ذلك دون باطله وكتاب الله وسنة رسوله فيهما الهدى والنور وفيهما بيان الصراط المستقيم : صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين .
فأما إثبات الحق من ذلك وهو ما يحصل لأنبياء الله وأوليائه الذين هم المتقون من السابقين والمقتصدين وما قد يحصل من ذلك لكل مؤمن مثل محبتهم لله تعالى ومحبته لهم ورضوانهم عنه ورضوانه عنهم : فقد قال الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=728&ayano=5فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم } وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=174&ayano=2ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله } وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=204&ayano=2وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين } وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=372&ayano=3بلى من أوفى بعهده واتقى فإن الله يحب المتقين } وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1251&ayano=9فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم إن الله يحب المتقين } وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1248&ayano=9فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم إن الله يحب المتقين } وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=231&ayano=2فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين } وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1352&ayano=9فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين } وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4670&ayano=49فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين } . وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5228&ayano=61إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص } وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=327&ayano=3قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله } وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1268&ayano=9قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم }
[ ص: 437 ] إلى قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1268&ayano=9أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله } وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=622&ayano=4واتخذ الله إبراهيم خليلا } وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1344&ayano=9والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه } وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5184&ayano=58أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه } وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=6235&ayano=98أولئك هم خير البرية } {
nindex.php?page=tafseer&surano=6236&ayano=98جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه } .
وقال النبي {
nindex.php?page=hadith&LINKID=595372 : إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي } {
nindex.php?page=hadith&LINKID=58574إن الله جميل يحب الجمال } {
nindex.php?page=hadith&LINKID=595373إن الله نظيف يحب النظافة } {
nindex.php?page=hadith&LINKID=11434إن الله وتر يحب الوتر } {
nindex.php?page=hadith&LINKID=595374إن الله يحب معالي الأخلاق ويكره سفسافها } وقال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=595375إن الله يرضى لكم ثلاثا : أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا وأن تناصحوا من ولاه الله أموركم } .
وفي القرآن من ذكر الاصطفاء والاجتباء والتقريب والمناجاة والمناداة والخلة ونحو ذلك : ما هو كثير وكذلك في السنة .
وهذا مما اتفق عليه قدماء
أهل السنة والجماعة وأهل المعرفة والعبادة والعلم والإيمان .
وخالف في حقيقته قوم من الملحدة المنافقين : المضارعين للصابئين ومن وافقهم والمضارعين
لليهود والنصارى من
الجهمية أو من فيه تجهم وإن كان الغالب عليه السنة .
[ ص: 438 ] فتارة ينكرون أن الله يخالل أحدا أو يحب أحدا أو يواد أحدا أو يكلم أحدا أو يتكلم ويحرفون الكلم عن مواضعه ; فيفسرون ذلك تارة بإحسانه إلى عباده وتارة بإرادته الإحسان إليهم وتارة ينكرون أن الله يحب أو يخالل .
ويحرفون الكلم عن مواضعه في محبة العبد له ; بأنه إرادة طاعته أو محبته على إحسانه .
وأما إنكار الباطل :
nindex.php?page=treesubj&link=28660فقد نزه الله نفسه عن الوالد والولد وكفر من جعل له ولدا أو والدا أو شريكا فقال تعالى في السورة التي تعدل ثلث القرآن - التي هي صفة الرحمن ولم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضل سورة من القرآن ما صح في فضلها حتى أفرد الحفاظ مصنفات في فضلها
كالدارقطني nindex.php?page=showalam&ids=12181وأبي نعيم وأبي محمد الخلال وأخرج أصحاب الصحيح فيها أحاديث متعددة - قال فيها : {
nindex.php?page=tafseer&surano=6334&ayano=112قل هو الله أحد } {
nindex.php?page=tafseer&surano=6335&ayano=112الله الصمد } {
nindex.php?page=tafseer&surano=6336&ayano=112لم يلد ولم يولد } {
nindex.php?page=tafseer&surano=6337&ayano=112ولم يكن له كفوا أحد } .
وعلى هذه السورة اعتماد الأئمة في التوحيد
nindex.php?page=showalam&ids=12251كالإمام أحمد nindex.php?page=showalam&ids=14919والفضيل بن عياض وغيرهما من الأئمة قبلهم وبعدهم .
فنفى عن نفسه الأصول والفروع والنظراء وهي جماع ما ينسب إليه المخلوق من الآدميين والبهائم والملائكة والجن بل والنبات ونحو ذلك ; فإنه
[ ص: 439 ] ما من شيء من المخلوقات إلا ولا بد أن يكون له شيء يناسبه : إما أصل وإما فرع وإما نظير أو اثنان من ذلك أو ثلاثة .
وهذا في الآدميين والجن والبهائم ظاهر .
وأما الملائكة : فإنهم وإن لم يتوالدوا بالتناسل فلهم الأمثال والأشباه ; ولهذا قال سبحانه : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4775&ayano=51ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=4776&ayano=51ففروا إلى الله } قال بعض
السلف : لعلكم تتذكرون فتعلمون أن خالق الأزواج واحد .
ولهذا كان في هذه السورة الرد على من كفر من
اليهود والنصارى والصابئين والمجوس والمشركين .
فإن قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=6336&ayano=112لم يلد } رد لقول من يقول : إن له بنين وبنات من الملائكة أو البشر مثل من يقول الملائكة بنات الله أو يقول :
المسيح أو
عزير ابن الله كما قال تعالى عنهم : {
nindex.php?page=tafseer&surano=895&ayano=6وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم وخرقوا له بنين وبنات بغير علم } وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3974&ayano=37فاستفتهم ألربك البنات ولهم البنون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3975&ayano=37أم خلقنا الملائكة إناثا وهم شاهدون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3976&ayano=37ألا إنهم من إفكهم ليقولون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3977&ayano=37ولد الله وإنهم لكاذبون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3978&ayano=37أاصطفى البنات على البنين } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3979&ayano=37ما لكم كيف تحكمون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3980&ayano=10أفلا تذكرون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3981&ayano=37أم لكم سلطان مبين } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3982&ayano=37فأتوا بكتابكم إن كنتم صادقين } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3983&ayano=37وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون } وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1274&ayano=9وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يؤفكون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=1275&ayano=9اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم } وقد أخبر أن هذا مضاهاة لقول الذين كفروا من قبل .
وقد قيل : إنهم قدماؤهم . وقيل :
مشركو العرب وفيهما نظر . فإن
مشركي العرب الذين قالوا هذا ليسوا قبل
اليهود والنصارى وقدمائهم منهم فلعله
الصابئون المشركون الذين كانوا قبل
موسى والمسيح بأرض الشام ومصر وغيرها الذين يجعلون الملائكة أولادا له كما سنبينه .
وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1979&ayano=16ويجعلون لله ما يكرهون وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى } وهو قول من قال من
العرب : إن الملائكة بنات الله .
وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1973&ayano=16ويجعلون لما لا يعلمون نصيبا مما رزقناهم تالله لتسألن عما كنتم تفترون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=1974&ayano=16ويجعلون لله البنات سبحانه ولهم ما يشتهون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=1975&ayano=16وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم } {
nindex.php?page=tafseer&surano=1976&ayano=16يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=1977&ayano=16للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء ولله المثل الأعلى وهو العزيز الحكيم } وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4383&ayano=43وجعلوا له من عباده جزءا إن الإنسان لكفور مبين } {
nindex.php?page=tafseer&surano=4384&ayano=43أم اتخذ مما يخلق بنات وأصفاكم بالبنين } {
nindex.php?page=tafseer&surano=4385&ayano=43وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلا ظل وجهه مسودا وهو كظيم } {
nindex.php?page=tafseer&surano=4386&ayano=43أومن ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين } {
nindex.php?page=tafseer&surano=4387&ayano=43وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا أشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسألون } .
[ ص: 441 ] وهذا القدر الذي عابه الله على من جعل الملائكة بناته من
العرب مع كراهتهم أن يكون لهم بنات فنظيره في
النصارى ; فإنهم يجعلون لله ولدا وينزهون أكابر أهل دينهم عن أن يكون لأحدهم صاحبة أو ولدا فيجعلون لله ما يكرهونه لأكابر دينهم .
وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2357&ayano=19وقالوا اتخذ الرحمن ولدا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2358&ayano=19لقد جئتم شيئا إدا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2359&ayano=19تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2360&ayano=19أن دعوا للرحمن ولدا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2361&ayano=19وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2362&ayano=19إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2363&ayano=19لقد أحصاهم وعدهم عدا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2364&ayano=19وكلهم آتيه يوم القيامة فردا } .
وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=668&ayano=4يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد له ما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=669&ayano=4لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=670&ayano=4فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله وأما الذين استنكفوا واستكبروا فيعذبهم عذابا أليما ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا } .
فنهى
أهل الكتاب عن الغلو في الدين وعن أن يقولوا على الله إلا الحق
[ ص: 442 ] وذكر القول الحق في
المسيح ثم قال لهم : {
nindex.php?page=tafseer&surano=668&ayano=3فآمنوا بالله ورسله } لأنهم كفروا بالله بتثليثهم وكفروا برسله بالاتحاد والحلول . فكفروا بأصلي الإسلام العام التي هي الشهادة لله بالوحدانية في الألوهية والشهادة للرسل بالرسالة وذكر أن
المسيح والملائكة لا يستنكفون عن عبادته ; لأن من الناس من جعل الملائكة أولاده
كالمسيح وعبدوا الملائكة
والمسيح .
ولهذا قال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=375&ayano=3ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=376&ayano=3ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون } فذكر الملائكة والنبيين جميعا .
وقد نفى في كتابه عن نفسه الولادة ونفى اتخاذ الولد جميعا . فقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2157&ayano=17وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل } وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2787&ayano=23ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله } الآية وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2882&ayano=25الذي له ملك السماوات والأرض ولم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك } وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2520&ayano=21وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2521&ayano=21لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2522&ayano=21بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2523&ayano=21وله من في السماوات والأرض ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2524&ayano=21يسبحون الليل والنهار لا يفترون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2525&ayano=21أم اتخذوا آلهة من الأرض هم ينشرون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2526&ayano=21لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش عما يصفون } وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2530&ayano=21وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2531&ayano=21لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2532&ayano=21يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون } .
ومعلوم أن الذين خرقوا له بنين وبنات بغير علم والذين قالوا : ولد الله ; وإنهم لكاذبون والذين قالوا :
المسيح ابن الله
وعزير ابن الله : لم يرد عقلاؤهم ولادة حسية من جنس ولادة الحيوان بانفصال جزء من ذكره في أنثاه يكون منه الولد . فإن
النصارى والصابئين متفقون على نفي ذلك وكذلك
مشركو العرب ما أظن عقلاؤهم كانوا يعتقدون ذلك وإنما وصفوا الولادة العقلية الروحانية مثل ما يقوله
النصارى : إن الجوهر الذي هو الله من وجه وهو الكلمة من وجه تدرعت بإنسان مخلوق من
مريم فيقولون تدرع اللاهوت بالناسوت فظاهره - وهو الدرع والقميص - بشر وباطنه - وهو المتدرع - لاهوت هو الابن الذي هو الكلمة لتولد هذا من الأب الذي هو جوهر الوجود .
فهذه البنوة مركبة عندهم من أصلين : : أحدهما : أن الجوهر الذي هو الكلمة تولد من الجوهر الذي هو الأب كتولد العلم والقول من العالم القائل .
[ ص: 444 ] والثاني : أن هذا الجوهر اتحد بالمسيح وتدرع به وذلك الجوهر هو الأب من وجه وهو الابن من وجه . فلهذا حكى الله عنهم تارة أنهم يقولون :
المسيح ابن الله .
وتارة أنهم يقولون : إن الله هو
المسيح ابن مريم وأما حكايته عنهم أنهم قالوا : إن الله ثالث ثلاثة فالمفسرون يقولون : الله
والمسيح وأمه كما قال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=790&ayano=5يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله } ولهذا قال في سياق الكلام : {
nindex.php?page=tafseer&surano=749&ayano=5ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة } أي غاية
المسيح الرسالة وغاية أمه : الصديقية لا يبلغان إلى اللاهوتية ; فهذا حجة هذا . وهو ظاهر .
ومن الناس من يزعم أن المراد بذلك الأقانيم الثلاثة وهي الأب والابن وروح القدس وهذا فيه نظر .
فأما قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=895&ayano=6وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم وخرقوا له بنين وبنات بغير علم سبحانه وتعالى عما يصفون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=896&ayano=6بديع السماوات والأرض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم } فإن قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=896&ayano=2بديع السماوات والأرض } أي مبدعهما كما ذكر مثل ذلك في البقرة ; وليس المراد أنهما بديعة سماواته وأرضه كما تحتمله العربية لولا السياق . لأن المقصود نفي ما زعموه من خرق البنين والبنات له ومن كونه اتخذ ولدا .
[ ص: 445 ] وهذا ينتفي بضده كونه أبدع السموات ثم قال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=896&ayano=6أنى يكون له ولد } وذكر ثلاثة أدلة على نفي ذلك .
أحدها : كونه ليس له صاحبة ; فهذا نفي الولادة المعهودة : وقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=896&ayano=6وخلق كل شيء } نفي للولادة العقلية وهي التولد ; لأن خلق كل شيء ينافي تولدها عنه . وقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=896&ayano=2وهو بكل شيء عليم } يشبه - والله أعلم - أن يكون لما ادعت
النصارى أن المتحد به هو الكلمة التي يفسرونها بالعلم
والصابئة القائلون بالتولد والعلة لا يجعلونه عالما بكل شيء - ذكر أنه بكل شيء عليم لإثبات هذه الصفة له ردا على
الصابئة ونفيها عن غيره ردا على
النصارى .
وإذا كان كذلك فقول من قال بتولد العقول والنفوس - التي يزعمون أنها الملائكة - أظهر في كونهم يقولون إنه ولد الملائكة وأنهم بنوه وبناته فالعقول بنوه والنفوس بناته : من قول
النصارى .
ودخل في هذا من تفلسف من المنتسبة إلى الإسلام حتى أني أعرف كبيرا لهم سئل عن العقل والنفس : فقال بمنزلة الذكر والأنثى . فقد جعلهم كالابن والبنت وهم يجعلونهم متولدين عنه تولد المعلول عن العلة ; فلا يمكنه أن يفك ذاته عن معلوله ولا معلوله عنه كما لا يمكنه أن يفصل نفسه عن نفسه بمنزلة شعاع الشمس مع الشمس وأبلغ .
[ ص: 446 ] وهؤلاء يقولون : إن هذه الأرواح التي ولدها متصلة بالأفلاك : الشمس والقمر والكواكب كاتصال اللاهوت بجسد
المسيح فيعبدونها كما عبدت
النصارى المسيح إلا أنهم أكفر من وجوه كثيرة ; وهم أحق بالشرك من
النصارى ; فإنهم يعبدون ما يعلمون أنه منفصل عن الله وليس هو إياه ولا صفة من صفاته
والنصارى يزعمون أنهم ما يعبدون إلا ما اتحد بالله لا لما ولده من المعلولات .
ثم من عبد الملائكة والكواكب وأرواح البشر وأجسادهم : اتخذ الأصنام على صورهم وطبائعهم ; فكان ذلك أعظم أسباب عبادة الأصنام .
ولهذا كان الخليل إمام الحنفاء : مخاطبا لهؤلاء الذين عبدوا الكواكب والشمس والقمر والذين عبدوا الأصنام مع إشراكهم واعترافهم بأصل الجميع .
وقد ذكر الله قصتهم في القرآن في غير موضع وأولئك هم الصابئون المشركون الذين ملكهم
نمروذ . وعلماؤهم
الفلاسفة من اليونانيين وغيرهم الذين كانوا
بأرض الشام والجزيرة والعراق وغيرها
وجزائر البحر قبل
النصارى وكانوا بهذه البلاد في أيام
بني إسرائيل وهم الذين كانوا يقاتلون
بني إسرائيل فيغلبون تارة ويغلبون تارة
وسنحاريب وبختنصر ونحوهما : هم
ملوك الصابئة بعد الخليل .
والنمروذ الذي كان في زمانه .
[ ص: 447 ] فتبين بذلك ما في القرآن من الرد لمقالات المتقدمين قبل هذه الأمة
والكفار والمنافقين فيها : من إثبات الولادة لله وإن كان كثير من الناس لا يفهم دلالة القرآن على هذه المقالات ; لأن ذلك يحتاج إلى شيئين : إلى تصور مقالتهم بالمعنى لا بمجرد اللفظ وإلى تصور معنى القرآن والجمع بينهما . فتجد المعنى الذي عنوه قد دل القرآن على ذكره وإبطاله .
وأما اتحاد الولد فيفسر بعين الولادة . وهو من باب الأفعال لا من باب الصفات كما يقوله طائفة من
النصارى في
المسيح .
[ ص: 435 ] فَصْلٌ
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=28660اتِّحَادُ ذَاتِ الْعَبْدِ بِذَاتِ الرَّبِّ بَلْ اتِّحَادُ ذَاتِ عَبْدٍ بِذَاتِ عَبْدٍ أَوْ حُلُولُ حَقِيقَةٍ فِي حَقِيقَةٍ كَحُلُولِ الْمَاءِ فِي الْوِعَاءِ : فَهَذَا بَاطِلٌ قَطْعًا بَلْ ذَلِكَ بَاطِلٌ فِي الْعَبْدِ مَعَ الْعَبْدِ ; فَإِنَّهُ لَا تَتَّحِدُ ذَاتُهُ بِذَاتِهِ وَلَا تَحِلُّ ذَاتُ أَحَدِهِمَا فِي ذَاتِ الْآخَرِ .
وَهَذَا هُوَ الَّذِي وَقَعَتْ فِيهِ
الِاتِّحَادِيَّةُ وَالْحُلُولِيَّةُ ; مِنْ
النَّصَارَى وَغَيْرِهِمْ ; مِنْ غَالِيَةِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَغَيْرِهَا وَهُوَ اتِّحَادٌ مُتَجَدِّدٌ بَيْنَ ذَاتَيْنِ كَانَتَا مُتَمَيِّزَتَيْنِ فَصَارَتَا مُتَّحِدَتَيْنِ أَوْ حُلُولُ إحْدَاهُمَا فِي الْأُخْرَى فَهَذَا بَيِّنُ الْبُطْلَانِ .
وَأَبْطَلُ مِنْهُ قَوْلُ مَنْ يَقُولُ : مَا زَالَ وَاحِدًا وَمَا ثَمَّ تَعَدُّدٌ أَصْلًا . وَإِنَّمَا التَّعَدُّدُ فِي الْحِجَابِ فَلَمَّا انْكَشَفَ الْأَمْرُ رَأَيْت أَنِّي أَنَا وَكُلُّ شَيْءٍ هُوَ اللَّهُ سَوَاءٌ قَالَ بِالْوَحْدَةِ مُطْلَقًا أَوْ بِوَحْدَةِ الْوُجُودِ الْمُطْلَقِ دُونَ الْمُعَيَّنِ أَوْ بِوَحْدَةِ الْوُجُودِ دُونَ الْأَعْيَانِ الثَّابِتَةِ فِي الْعَدَمِ .
فَهَذِهِ وَمَا قَبْلَهَا مَذَاهِبُ أَهْلِ الْكُفْرِ وَالضَّلَالِ كَمَا أَنَّ الْأُولَى مَذْهَبُ أَهْلِ الْإِيمَانِ وَالْعِلْمِ وَالْهُدَى .
وَمَنْ كَفَرَ بِالْحَقِّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ آمَنَ بِالْبَاطِلِ .
[ ص: 436 ] فَهُمَا فِي طَرَفَيْ نَقِيضٍ .
كَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى .
وَأَمَّا الْمُؤْمِنُونَ : فَيُؤْمِنُونَ بِحَقِّ ذَلِكَ دُونَ بَاطِلِهِ وَكِتَابُ اللَّهِ وَسُنَّةُ رَسُولِهِ فِيهِمَا الْهُدَى وَالنُّورُ وَفِيهِمَا بَيَانُ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ : صِرَاطِ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ .
فَأَمَّا إثْبَاتُ الْحَقِّ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ مَا يَحْصُلُ لِأَنْبِيَاءِ اللَّهِ وَأَوْلِيَائِهِ الَّذِينَ هُمْ الْمُتَّقُونَ مِنْ السَّابِقِينَ وَالْمُقْتَصِدِينَ وَمَا قَدْ يَحْصُلُ مِنْ ذَلِكَ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِثْلُ مَحَبَّتِهِمْ لِلَّهِ تَعَالَى وَمَحَبَّتِهِ لَهُمْ وَرِضْوَانِهِمْ عَنْهُ وَرِضْوَانِهِ عَنْهُمْ : فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=728&ayano=5فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةً عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةً عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ } وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=174&ayano=2وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ } وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=204&ayano=2وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=372&ayano=3بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ } وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1251&ayano=9فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ } وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1248&ayano=9فَأَتِمُّوا إلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إلَى مُدَّتِهِمْ إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ } وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=231&ayano=2فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ } وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1352&ayano=9فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ } وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4670&ayano=49فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ } . وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5228&ayano=61إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ } وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=327&ayano=3قُلْ إنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ } وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1268&ayano=9قُلْ إنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ }
[ ص: 437 ] إلَى قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1268&ayano=9أَحَبَّ إلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ } وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=622&ayano=4وَاتَّخَذَ اللَّهُ إبْرَاهِيمَ خَلِيلًا } وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1344&ayano=9وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ } وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5184&ayano=58أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ } وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=6235&ayano=98أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=6236&ayano=98جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ } .
وَقَالَ النَّبِيُّ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=595372 : إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعَبْدَ التَّقِيَّ الْغَنِيَّ الْخَفِيَّ } {
nindex.php?page=hadith&LINKID=58574إنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ } {
nindex.php?page=hadith&LINKID=595373إنَّ اللَّهَ نَظِيفٌ يُحِبُّ النَّظَافَةَ } {
nindex.php?page=hadith&LINKID=11434إنَّ اللَّهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ } {
nindex.php?page=hadith&LINKID=595374إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ مَعَالِيَ الْأَخْلَاقِ وَيَكْرَهُ سَفْسَافَهَا } وَقَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=595375إنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا : أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَأَنْ تَنَاصَحُوا مَنْ وَلَّاهُ اللَّهُ أُمُورَكُمْ } .
وَفِي الْقُرْآنِ مِنْ ذِكْرِ الِاصْطِفَاءِ وَالِاجْتِبَاءِ وَالتَّقْرِيبِ وَالْمُنَاجَاةِ وَالْمُنَادَاةِ وَالْخِلَّةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ : مَا هُوَ كَثِيرٌ وَكَذَلِكَ فِي السُّنَّةِ .
وَهَذَا مِمَّا اتَّفَقَ عَلَيْهِ قُدَمَاءُ
أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ وَأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ وَالْعِبَادَةِ وَالْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ .
وَخَالَفَ فِي حَقِيقَتِهِ قَوْمٌ مِنْ الْمُلْحِدَةِ الْمُنَافِقِينَ : الْمُضَارِعِينَ لِلصَّابِئِينَ وَمَنْ وَافَقَهُمْ وَالْمُضَارِعِينَ
لِلْيَهُودِ وَالنَّصَارَى مِنْ
الجهمية أَوْ مَنْ فِيهِ تَجَهُّمٌ وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ عَلَيْهِ السُّنَّةُ .
[ ص: 438 ] فَتَارَةً يُنْكِرُونَ أَنَّ اللَّهَ يخالل أَحَدًا أَوْ يُحِبُّ أَحَدًا أَوْ يُوَادُّ أَحَدًا أَوْ يُكَلِّمُ أَحَدًا أَوْ يَتَكَلَّمُ وَيُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ ; فَيُفَسِّرُونَ ذَلِكَ تَارَةً بِإِحْسَانِهِ إلَى عِبَادِهِ وَتَارَةً بِإِرَادَتِهِ الْإِحْسَانَ إلَيْهِمْ وَتَارَةً يُنْكِرُونَ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَوْ يخالل .
وَيُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ فِي مَحَبَّةِ الْعَبْدِ لَهُ ; بِأَنَّهُ إرَادَةُ طَاعَتِهِ أَوْ مَحَبَّتُهُ عَلَى إحْسَانِهِ .
وَأَمَّا إنْكَارُ الْبَاطِلِ :
nindex.php?page=treesubj&link=28660فَقَدْ نَزَّهَ اللَّهُ نَفْسَهُ عَنْ الْوَالِدِ وَالْوَلَدِ وَكَفَّرَ مَنْ جَعَلَ لَهُ وَلَدًا أَوْ وَالِدًا أَوْ شَرِيكًا فَقَالَ تَعَالَى فِي السُّورَةِ الَّتِي تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ - الَّتِي هِيَ صِفَةُ الرَّحْمَنِ وَلَمْ يَصِحَّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي فَضْلِ سُورَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ مَا صَحَّ فِي فَضْلِهَا حَتَّى أَفْرَدَ الْحُفَّاظُ مُصَنَّفَاتٍ فِي فَضْلِهَا
كالدارقطني nindex.php?page=showalam&ids=12181وَأَبِي نُعَيْمٍ وَأَبِي مُحَمَّدٍ الْخَلَّالِ وَأَخْرَجَ أَصْحَابُ الصَّحِيحِ فِيهَا أَحَادِيثَ مُتَعَدِّدَةً - قَالَ فِيهَا : {
nindex.php?page=tafseer&surano=6334&ayano=112قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=6335&ayano=112اللَّهُ الصَّمَدُ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=6336&ayano=112لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=6337&ayano=112وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ } .
وَعَلَى هَذِهِ السُّورَةِ اعْتِمَادُ الْأَئِمَّةِ فِي التَّوْحِيدِ
nindex.php?page=showalam&ids=12251كَالْإِمَامِ أَحْمَدَ nindex.php?page=showalam&ids=14919والفضيل بْنِ عِيَاضٍ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْأَئِمَّةِ قَبْلَهُمْ وَبَعْدَهُمْ .
فَنَفَى عَنْ نَفْسِهِ الْأُصُولَ وَالْفُرُوعَ وَالنُّظَرَاءَ وَهِيَ جِمَاعُ مَا يُنْسَبُ إلَيْهِ الْمَخْلُوقُ مِنْ الْآدَمِيِّينَ وَالْبَهَائِمِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْجِنِّ بَلْ وَالنَّبَاتِ وَنَحْوِ ذَلِكَ ; فَإِنَّهُ
[ ص: 439 ] مَا مِنْ شَيْءٍ مِنْ الْمَخْلُوقَاتِ إلَّا وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ شَيْءٌ يُنَاسِبُهُ : إمَّا أَصْلٌ وَإِمَّا فَرْعٌ وَإِمَّا نَظِيرٌ أَوْ اثْنَانِ مِنْ ذَلِكَ أَوْ ثَلَاثَةٌ .
وَهَذَا فِي الْآدَمِيِّينَ وَالْجِنِّ وَالْبَهَائِمِ ظَاهِرٌ .
وَأَمَّا الْمَلَائِكَةُ : فَإِنَّهُمْ وَإِنْ لَمْ يَتَوَالَدُوا بِالتَّنَاسُلِ فَلَهُمْ الْأَمْثَالُ وَالْأَشْبَاهُ ; وَلِهَذَا قَالَ سُبْحَانَهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4775&ayano=51وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=4776&ayano=51فَفِرُّوا إلَى اللَّهِ } قَالَ بَعْضُ
السَّلَفِ : لَعَلَّكُمْ تَتَذَكَّرُونَ فَتَعْلَمُونَ أَنَّ خَالِقَ الْأَزْوَاجِ وَاحِدٌ .
وَلِهَذَا كَانَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ الرَّدُّ عَلَى مَنْ كَفَرَ مِنْ
الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ وَالْمَجُوسِ وَالْمُشْرِكِينَ .
فَإِنَّ قَوْلَهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=6336&ayano=112لَمْ يَلِدْ } رَدٌّ لِقَوْلِ مَنْ يَقُولُ : إنَّ لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ مِنْ الْمَلَائِكَةِ أَوْ الْبَشَرِ مِثْلُ مَنْ يَقُولُ الْمَلَائِكَةُ بَنَاتُ اللَّهِ أَوْ يَقُولُ :
الْمَسِيحُ أَوْ
عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى عَنْهُمْ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=895&ayano=6وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ } وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3974&ayano=37فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3975&ayano=37أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3976&ayano=37أَلَا إنَّهُمْ مِنْ إفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3977&ayano=37وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3978&ayano=37أَاصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3979&ayano=37مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3980&ayano=10أَفَلَا تَذَكَّرُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3981&ayano=37أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُبِينٌ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3982&ayano=37فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3983&ayano=37وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ } وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1274&ayano=9وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=1275&ayano=9اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ } وَقَدْ أَخْبَرَ أَنَّ هَذَا مُضَاهَاةٌ لِقَوْلِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ .
وَقَدْ قِيلَ : إنَّهُمْ قُدَمَاؤُهُمْ . وَقِيلَ :
مُشْرِكُو الْعَرَبِ وَفِيهِمَا نَظَرٌ . فَإِنَّ
مُشْرِكِي الْعَرَبِ الَّذِينَ قَالُوا هَذَا لَيْسُوا قَبْلَ
الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَقُدَمَائِهِمْ مِنْهُمْ فَلَعَلَّهُ
الصَّابِئُونَ الْمُشْرِكُونَ الَّذِينَ كَانُوا قَبْلَ
مُوسَى وَالْمَسِيحِ بِأَرْضِ الشَّامِ وَمِصْرَ وَغَيْرِهَا الَّذِينَ يَجْعَلُونَ الْمَلَائِكَةَ أَوْلَادًا لَهُ كَمَا سَنُبَيِّنُهُ .
وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1979&ayano=16وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى } وَهُوَ قَوْلُ مَنْ قَالَ مِنْ
الْعَرَبِ : إنَّ الْمَلَائِكَةَ بَنَاتُ اللَّهِ .
وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1973&ayano=16وَيَجْعَلُونَ لِمَا لَا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=1974&ayano=16وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=1975&ayano=16وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=1976&ayano=16يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=1977&ayano=16لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4383&ayano=43وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا إنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=4384&ayano=43أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُمْ بِالْبَنِينَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=4385&ayano=43وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=4386&ayano=43أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=4387&ayano=43وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ } .
[ ص: 441 ] وَهَذَا الْقَدْرُ الَّذِي عَابَهُ اللَّهُ عَلَى مَنْ جَعَلَ الْمَلَائِكَةَ بَنَاتِهِ مِنْ
الْعَرَبِ مَعَ كَرَاهَتِهِمْ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ بَنَاتٌ فَنَظِيرُهُ فِي
النَّصَارَى ; فَإِنَّهُمْ يَجْعَلُونَ لِلَّهِ وَلَدًا وَيُنَزِّهُونَ أَكَابِرِ أَهْلِ دِينِهِمْ عَنْ أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِهِمْ صَاحِبَةً أَوْ وَلَدًا فَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَهُ لِأَكَابِرِ دِينِهِمْ .
وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2357&ayano=19وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2358&ayano=19لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إدًّا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2359&ayano=19تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2360&ayano=19أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2361&ayano=19وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2362&ayano=19إنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2363&ayano=19لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2364&ayano=19وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا } .
وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=668&ayano=4يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إلَّا الْحَقَّ إنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إنَّمَا اللَّهُ إلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=669&ayano=4لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إلَيْهِ جَمِيعًا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=670&ayano=4فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا } .
فَنَهَى
أَهْلَ الْكِتَابِ عَنْ الْغُلُوِّ فِي الدِّينِ وَعَنْ أَنْ يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إلَّا الْحَقَّ
[ ص: 442 ] وَذَكَرَ الْقَوْلَ الْحَقَّ فِي
الْمَسِيحِ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=668&ayano=3فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ } لِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاَللَّهِ بِتَثْلِيثِهِمْ وَكَفَرُوا بِرُسُلِهِ بِالِاتِّحَادِ وَالْحُلُولِ . فَكَفَرُوا بِأَصْلَيْ الْإِسْلَامِ الْعَامِّ الَّتِي هِيَ الشَّهَادَةُ لِلَّهِ بالوحدانية فِي الْأُلُوهِيَّةِ وَالشَّهَادَةِ لِلرُّسُلِ بِالرِّسَالَةِ وَذَكَرَ أَنَّ
الْمَسِيحَ وَالْمَلَائِكَةَ لَا يَسْتَنْكِفُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ ; لِأَنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ جَعَلَ الْمَلَائِكَةَ أَوْلَادَهُ
كَالْمَسِيحِ وَعَبَدُوا الْمَلَائِكَةَ
وَالْمَسِيحَ .
وَلِهَذَا قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=375&ayano=3مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=376&ayano=3وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } فَذَكَرَ الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ جَمِيعًا .
وَقَدْ نَفَى فِي كِتَابِهِ عَنْ نَفْسِهِ الْوِلَادَةَ وَنَفَى اتِّخَاذَ الْوَلَدِ جَمِيعًا . فَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2157&ayano=17وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ } وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2787&ayano=23مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إلَهٍ } الْآيَةَ وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2882&ayano=25الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ } وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2520&ayano=21وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2521&ayano=21لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إنْ كُنَّا فَاعِلِينَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2522&ayano=21بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2523&ayano=21وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2524&ayano=21يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2525&ayano=21أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2526&ayano=21لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ } وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2530&ayano=21وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2531&ayano=21لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2532&ayano=21يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ } .
وَمَعْلُومٌ أَنَّ الَّذِينَ خَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَاَلَّذِينَ قَالُوا : وَلَدَ اللَّهُ ; وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ وَاَلَّذِينَ قَالُوا :
الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ
وَعُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ : لَمْ يُرِدْ عُقَلَاؤُهُمْ وِلَادَةً حِسِّيَّةً مِنْ جِنْسِ وِلَادَةِ الْحَيَوَانِ بِانْفِصَالِ جُزْءٍ مِنْ ذَكَرِهِ فِي أُنْثَاهُ يَكُونُ مِنْهُ الْوَلَدُ . فَإِنَّ
النَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مُتَّفِقُونَ عَلَى نَفْيِ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ
مُشْرِكُو الْعَرَبِ مَا أَظُنُّ عُقَلَاؤُهُمْ كَانُوا يَعْتَقِدُونَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا وَصَفُوا الْوِلَادَةَ الْعَقْلِيَّةَ الرُّوحَانِيَّةَ مِثْلَ مَا يَقُولُهُ
النَّصَارَى : إنَّ الْجَوْهَرَ الَّذِي هُوَ اللَّهُ مِنْ وَجْهٍ وَهُوَ الْكَلِمَةُ مِنْ وَجْهٍ تَدَرَّعَتْ بِإِنْسَانِ مَخْلُوقٍ مِنْ
مَرْيَمَ فَيَقُولُونَ تَدَرَّعَ اللَّاهُوتُ بِالنَّاسُوتِ فَظَاهِرُهُ - وَهُوَ الدِّرْعُ وَالْقَمِيصُ - بَشَرٌ وَبَاطِنُهُ - وَهُوَ الْمُتَدَرِّعُ - لَاهُوتٌ هُوَ الِابْنُ الَّذِي هُوَ الْكَلِمَةُ لِتَوَلُّدِ هَذَا مِنْ الْأَبِ الَّذِي هُوَ جَوْهَرُ الْوُجُودِ .
فَهَذِهِ الْبُنُوَّةُ مُرَكَّبَةٌ عِنْدَهُمْ مِنْ أَصْلَيْنِ : : أَحَدُهُمَا : أَنَّ الْجَوْهَرَ الَّذِي هُوَ الْكَلِمَةُ تُولَدُ مِنْ الْجَوْهَرِ الَّذِي هُوَ الْأَبُ كَتَوَلُّدِ الْعِلْمِ وَالْقَوْلِ مِنْ الْعَالِمِ الْقَائِلِ .
[ ص: 444 ] وَالثَّانِي : أَنَّ هَذَا الْجَوْهَرَ اتَّحَدَ بِالْمَسِيحِ وَتَدَرَّعَ بِهِ وَذَلِكَ الْجَوْهَرُ هُوَ الْأَبُ مِنْ وَجْهٍ وَهُوَ الِابْنُ مِنْ وَجْهٍ . فَلِهَذَا حَكَى اللَّهُ عَنْهُمْ تَارَةً أَنَّهُمْ يَقُولُونَ :
الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ .
وَتَارَةً أَنَّهُمْ يَقُولُونَ : إنَّ اللَّهَ هُوَ
الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَأَمَّا حِكَايَتُهُ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ قَالُوا : إنْ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ فَالْمُفَسِّرُونَ يَقُولُونَ : اللَّهُ
وَالْمَسِيحُ وَأُمُّهُ كَمَا قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=790&ayano=5يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ } وَلِهَذَا قَالَ فِي سِيَاقِ الْكَلَامِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=749&ayano=5مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ } أَيْ غَايَةُ
الْمَسِيحِ الرِّسَالَةُ وَغَايَةُ أُمِّهِ : الصديقية لَا يَبْلُغَانِ إلَى اللَّاهُوتِيَّةِ ; فَهَذَا حُجَّةُ هَذَا . وَهُوَ ظَاهِرٌ .
وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَزْعُمُ أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ الْأَقَانِيمُ الثَّلَاثَةُ وَهِيَ الْأَبُ وَالِابْنُ وَرُوحُ الْقُدُسِ وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ .
فَأَمَّا قَوْلُهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=895&ayano=6وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=896&ayano=6بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } فَإِنَّ قَوْلَهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=896&ayano=2بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } أَيْ مُبْدِعُهُمَا كَمَا ذَكَرَ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْبَقَرَةِ ; وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُمَا بَدِيعَةٌ سَمَاوَاتُهُ وَأَرْضُهُ كَمَا تَحْتَمِلُهُ الْعَرَبِيَّةُ لَوْلَا السِّيَاقُ . لِأَنَّ الْمَقْصُودَ نَفْيُ مَا زَعَمُوهُ مَنْ خَرْقِ الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ لَهُ وَمِنْ كَوْنِهِ اتَّخَذَ وَلَدًا .
[ ص: 445 ] وَهَذَا يَنْتَفِي بِضِدِّهِ كَوْنُهُ أَبْدَعَ السَّمَوَاتِ ثُمَّ قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=896&ayano=6أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ } وَذَكَرَ ثَلَاثَةَ أَدِلَّةٍ عَلَى نَفْيِ ذَلِكَ .
أَحَدُهَا : كَوْنُهُ لَيْسَ لَهُ صَاحِبَةٌ ; فَهَذَا نَفْيُ الْوِلَادَةِ الْمَعْهُودَةِ : وَقَوْلُهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=896&ayano=6وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ } نَفْيٌ لِلْوِلَادَةِ الْعَقْلِيَّةِ وَهِيَ التَّوَلُّدُ ; لِأَنَّ خَلْقَ كُلِّ شَيْءٍ يُنَافِي تَوَلُّدَهَا عَنْهُ . وَقَوْلُهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=896&ayano=2وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } يُشْبِهُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنْ يَكُونَ لَمَّا ادَّعَتْ
النَّصَارَى أَنَّ الْمُتَّحِدَ بِهِ هُوَ الْكَلِمَةُ الَّتِي يُفَسِّرُونَهَا بِالْعِلْمِ
وَالصَّابِئَةُ الْقَائِلُونَ بِالتَّوَلُّدِ وَالْعِلَّةِ لَا يَجْعَلُونَهُ عَالِمًا بِكُلِّ شَيْءٍ - ذَكَرَ أَنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ لِإِثْبَاتِ هَذِهِ الصِّفَةِ لَهُ رَدًّا عَلَى
الصَّابِئَةِ وَنَفْيِهَا عَنْ غَيْرِهِ رَدًّا عَلَى
النَّصَارَى .
وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَقَوْلُ مَنْ قَالَ بِتَوَلُّدِ الْعُقُولِ وَالنُّفُوسِ - الَّتِي يَزْعُمُونَ أَنَّهَا الْمَلَائِكَةُ - أَظْهَرُ فِي كَوْنِهِمْ يَقُولُونَ إنَّهُ وَلَدَ الْمَلَائِكَةَ وَأَنَّهُمْ بَنُوهُ وَبَنَاتُهُ فَالْعُقُولُ بَنُوهُ وَالنُّفُوسُ بَنَاتُهُ : مِنْ قَوْلِ
النَّصَارَى .
وَدَخَلَ فِي هَذَا مَنْ تَفَلْسَفَ مِنْ الْمُنْتَسِبَةِ إلَى الْإِسْلَامِ حَتَّى أَنِّي أَعْرِفُ كَبِيرًا لَهُمْ سُئِلَ عَنْ الْعَقْلِ وَالنَّفْسِ : فَقَالَ بِمَنْزِلَةِ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى . فَقَدْ جَعَلَهُمْ كَالِابْنِ وَالْبِنْتِ وَهُمْ يَجْعَلُونَهُمْ متولدين عَنْهُ تَوَلُّدَ الْمَعْلُولِ عَنْ الْعِلَّةِ ; فَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَفُكَّ ذَاتَهُ عَنْ مَعْلُولِهِ وَلَا مَعْلُولَهُ عَنْهُ كَمَا لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَفْصِلَ نَفْسَهُ عَنْ نَفْسِهِ بِمَنْزِلَةِ شُعَاعِ الشَّمْسِ مَعَ الشَّمْسِ وَأَبْلَغَ .
[ ص: 446 ] وَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ : إنَّ هَذِهِ الْأَرْوَاحَ الَّتِي وَلَدَهَا مُتَّصِلَةٌ بِالْأَفْلَاكِ : الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالْكَوَاكِبِ كَاتِّصَالِ اللَّاهُوتِ بِجَسَدِ
الْمَسِيحِ فَيَعْبُدُونَهَا كَمَا عَبَدَتْ
النَّصَارَى الْمَسِيحَ إلَّا أَنَّهُمْ أَكْفَرُ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ ; وَهُمْ أَحَقُّ بِالشِّرْكِ مِنْ
النَّصَارَى ; فَإِنَّهُمْ يَعْبُدُونَ مَا يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنْفَصِلٌ عَنْ اللَّهِ وَلَيْسَ هُوَ إيَّاهُ وَلَا صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِهِ
وَالنَّصَارَى يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ مَا يَعْبُدُونَ إلَّا مَا اتَّحَدَ بِاَللَّهِ لَا لِمَا وَلَدَهُ مِنْ الْمَعْلُولَاتِ .
ثُمَّ مَنْ عَبَدَ الْمَلَائِكَةَ وَالْكَوَاكِبَ وَأَرْوَاحَ الْبَشَرِ وَأَجْسَادَهُمْ : اتَّخَذَ الْأَصْنَامَ عَلَى صُوَرِهِمْ وَطَبَائِعِهِمْ ; فَكَانَ ذَلِكَ أَعْظَمَ أَسْبَابِ عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ .
وَلِهَذَا كَانَ الْخَلِيلُ إمَامُ الْحُنَفَاءِ : مُخَاطِبًا لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ عَبَدُوا الْكَوَاكِبَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَاَلَّذِينَ عَبَدُوا الْأَصْنَامَ مَعَ إشْرَاكِهِمْ وَاعْتِرَافِهِمْ بِأَصْلِ الْجَمِيعِ .
وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ قِصَّتَهُمْ فِي الْقُرْآنِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ وَأُولَئِكَ هُمْ الصَّابِئُونَ الْمُشْرِكُونَ الَّذِينَ مَلَكَهُمْ
نمروذ . وَعُلَمَاؤُهُمْ
الْفَلَاسِفَةُ مِنْ الْيُونَانِيِّينَ وَغَيْرُهُمْ الَّذِينَ كَانُوا
بِأَرْضِ الشَّامِ وَالْجَزِيرَةِ وَالْعِرَاقِ وَغَيْرِهَا
وَجَزَائِرِ الْبَحْرِ قَبْلَ
النَّصَارَى وَكَانُوا بِهَذِهِ الْبِلَادِ فِي أَيَّامِ
بَنِي إسْرَائِيلَ وَهُمْ الَّذِينَ كَانُوا يُقَاتِلُونَ
بَنِي إسْرَائِيلَ فَيَغْلِبُونَ تَارَةً وَيُغْلَبُونَ تَارَةً
وسنحاريب وبختنصر وَنَحْوُهُمَا : هُمْ
مُلُوكُ الصَّابِئَةِ بَعْدَ الْخَلِيلِ .
والنمروذ الَّذِي كَانَ فِي زَمَانِهِ .
[ ص: 447 ] فَتَبَيَّنَ بِذَلِكَ مَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ الرَّدِّ لِمَقَالَاتِ الْمُتَقَدِّمِينَ قَبْلَ هَذِهِ الْأُمَّةِ
وَالْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ فِيهَا : مِنْ إثْبَاتِ الْوِلَادَةِ لِلَّهِ وَإِنْ كَانَ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ لَا يَفْهَمُ دَلَالَةَ الْقُرْآنِ عَلَى هَذِهِ الْمَقَالَاتِ ; لِأَنَّ ذَلِكَ يَحْتَاجُ إلَى شَيْئَيْنِ : إلَى تَصَوُّرِ مَقَالَتِهِمْ بِالْمَعْنَى لَا بِمُجَرَّدِ اللَّفْظِ وَإِلَى تَصَوُّرِ مَعْنَى الْقُرْآنِ وَالْجَمْعِ بَيْنَهُمَا . فَتَجِدُ الْمَعْنَى الَّذِي عَنَوْهُ قَدْ دَلَّ الْقُرْآنُ عَلَى ذِكْرِهِ وَإِبْطَالِهِ .
وَأَمَّا اتِّحَادُ الْوَلَدِ فَيُفَسَّرُ بِعَيْنِ الْوِلَادَةِ . وَهُوَ مِنْ بَابِ الْأَفْعَالِ لَا مِنْ بَابِ الصِّفَاتِ كَمَا يَقُولُهُ طَائِفَةٌ مِنْ
النَّصَارَى فِي
الْمَسِيحِ .