الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
وسئل رحمه الله هل يسوغ nindex.php?page=treesubj&link=22312تقليد هؤلاء الأئمة : nindex.php?page=showalam&ids=15741كحماد بن أبي سليمان وابن المبارك وسفيان الثوري nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي وقد قال عنهم رجل - أعني هؤلاء الأئمة المذكورين - هؤلاء لا يلتفت إليهم . فصاحب هذا الكلام ما حكمه ؟ .
فأجاب : وأما الأئمة المذكورون فمن سادات أئمة الإسلام ; فإن الثوري إمام أهل العراق وهو عند أكثرهم أجل من أقرانه nindex.php?page=showalam&ids=12526كابن أبي ليلى والحسن بن صالح بن حي وأبي حنيفة وغيره وله مذهب باق إلى اليوم بأرض خراسان . والأوزاعي إمام أهل الشام وما زالوا على مذهبه إلى المائة الرابعة بل أهل المغرب كانوا على مذهبه قبل أن يدخل إليهم مذهب مالك nindex.php?page=showalam&ids=15741وحماد بن أبي سليمان هو شيخ أبي حنيفة .
[ ص: 584 ] ومع هذا فهذا القول هو قول nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وغيرهما . ومذهبه باق إلى اليوم وهو مذهب داود بن علي وأصحابه . ومذهبهم باق إلى اليوم فلم يجمع الناس اليوم على خلاف هذا القول ; بل القائلون به كثير في المشرق والمغرب nindex.php?page=treesubj&link=22270_22269ليس في الكتاب والسنة فرق في الأئمة المجتهدين بين شخص وشخص . فمالك والليث بن سعد والأوزاعي والثوري : هؤلاء أئمة في زمانهم وتقليد كل منهم كتقليد الآخر ; لا يقول مسلم إنه يجوز تقليد هذا دون هذا ولكن من منع من تقليد أحد هؤلاء في زماننا فإنما يمنعه لأحد شيئين .
( أحدهما اعتقاده أنه لم يبق من يعرف مذاهبهم وتقليد الميت فيه نزاع مشهور . فمن منعه قال هؤلاء موتى ومن سوغه قال لا بد أن يكون في الأحياء من يعرف قول الميت .
و ( الثاني أن يقول : الإجماع اليوم قد انعقد على خلاف هذا القول وينبني ذلك على مسألة معروفة في أصول الفقه وهي أن nindex.php?page=treesubj&link=21653الصحابة مثلا أو غيرهم من أهل الأعصار إذا اختلفوا في مسألة على قولين ثم أجمع التابعون أو أهل العصر الثاني على أحدهما فهل يكون هذا إجماعا يرفع ذلك الخلاف ؟ وفي المسألة نزاع مشهور في مذهب أحمد وغيره من العلماء . فمن قال : إن مع إجماع أهل العصر الثاني لا يسوغ الأخذ بالقول الآخر واعتقد أن أهل العصر أجمعوا على ذلك يركب من هذين [ ص: 585 ] الاعتقادين المنع .
ومن علم أن الخلاف القديم حكمه باق ; لأن الأقوال لا تموت بموت قائلها : فإنه يسوغ الذهاب إلى القول الآخر للمجتهد الذي وافق اجتهاده وأما التقليد فينبني على nindex.php?page=treesubj&link=22314مسألة تقليد الميت وفيها قولان مشهوران أيضا في مذهب الشافعي وأحمد وغيرهما .
وأما إذا كان القول الذي يقول به هؤلاء الأئمة أو غيرهم قد قال به بعض العلماء الباقية مذاهبهم فلا ريب أن قوله مؤيد بموافقة هؤلاء ويعتضد به ويقابل بهؤلاء من خالفه من أقرانهم : فيقابل بالثوري والأوزاعي أبا حنيفة ومالكا ; إذ الأمة متفقة على أنه nindex.php?page=treesubj&link=22413إذا اختلف مالك والأوزاعي والثوري وأبو حنيفة لم يجز أن يقال قول هذا هو صواب دون هذا إلا بحجة . والله أعلم .