وسئل شيخ الإسلام رحمه الله فيم استقر إطلاقه من الملوك المتقدمين وإلى الآن : من . فمنهم الفقير الذي لا مال له . ومنهم من له عائلة كثيرة يلزمه نفقتهم وكسبه لا يقوم بكلفتهم . ومنهم المنقطع إلى الله تعالى الذي ليس له سبب يتسبب به [ و ] لا يحسن صنعة يصنعها . ومنهم العاجز عن [ ص: 559 ] الحركة لكبر أو ضعف . ومنهم الصغير دون البالغ والنساء الأرامل وذوو العاهات . ومنهم المشتغلون بالعلم الشريف وقراءة القرآن ومن للمسلمين بهم نفع عام وله في بيت المال نصيب . ومنهم أرباب الزوايا والربط المتجردون للعبادة وتلقي الواردين : من الفقهاء وأهل العلم وغيرهم من أبناء السبيل . ومنهم أيتام المستشهدين في سبيل الله تعالى من أولاد الجند وغيرهم ممن لم يخلف له ما يكفيه وممن يسأل إحياء الموات فأحياها أو استصلح أحراسا عالية لتكون له مستمرة بعد إصلاحها فاستخرجها في مدة سنين عديدة واستقرت عليه على جاري العوائد في مثل ذلك . وجوه البر والقربات على سبيل المرتب للمرتزقين من الفقراء والمساكين على اختلاف أحوالهم
فهل تكون هذه الأسباب التي اتصفوا بها مسوغة لهم تناول ما نالوه من ذلك وأطلقه لهم ملوك الإسلام ونوابهم على وجه المصلحة واستقر بأيديهم إلى الآن أم لا ؟ وما حكم من ينزلهم بعدم الاستحقاق مع وجود هذه الصفات وتقرب إلى السلطان بالسعي بقطع أرزاقهم المؤدي إلى تعطيل الزوايا ومعظم الزوايا والربط التي يرتفق بها أبناء السبيل وغيرهم من المجردين ويقوم بها شعار الإسلام . هل يكون بذلك آثما عاصيا أم لا ؟ وهل يجب أن يكلف هؤلاء إثبات استحقاقهم مع كون ذلك مستقرا بأيديهم من قبل أولي الأمر . ولو كلفوا ذلك : فهل يتعين عليهم إثباته عند حاكم بعينه [ ص: 560 ] غريب من بلادهم متظاهر بمنافرتهم مع وجود عدة من الحكام غيره في بلادهم أو لا ؟ وما حكم من عجز منهم عن الإثبات لضعفه عن إقامة البينة الشرعية ؟ لما غلب عليه الحال من أن شهود هذا الزمان لا يؤدون شهادة إلا بأجرة ترضيهم وقد يعجز الفقير عن مثلها وكذلك النسوة اللاتي لا يعلم الشهود أحوالهن غالبا .
وإذا سأل الإمام حاكما عن استحقاق من ذكر . فأجاب بأنه لا يستحق من هؤلاء المذكورين ومن يجري مجراهم إلا الأعمى والمكسح والزمن لا غير واضرب عما سواهم من غير اطلاع على حقيقة أحوالهم . هل يكون بذلك آثما عاصيا أم لا ؟ وما الذي يجب عليه في ذلك ؟ وإذا سأله الإمام عن الزوايا والربط . هل يستحق من هو بها ما هو مرتب لهم . فأجاب بأن هذه الزوايا والربط دكاكين ولا شك أن فيهم الصلحاء والعلماء وحملة الكتاب العزيز والمنقطعين إلى الله تعالى . هل يكون مؤذيا لهم بذلك أم لا ؟ وما حكم هذا القول المطلق فيهم - مع عدم المعرفة بجميعهم والاطلاع على حقيقة أحوالهم بالكلية إذا تبين سقوطه وبطلانه - هل تسقط بذلك روايته وما عداها من أخباره أم لا ؟ وهل للمقذوفين الدعوى عليه بهذا الطعن عليهم المؤدي عند الملوك إلى قطع أرزاقهم وأن يكلفوه إثبات ذلك . وإذا عجز عن إثباته فهل لهم مطالبته [ ص: 561 ] بمقتضاه أم لا ؟ وإذا عجز عن ثبوت ذلك هل يكون قادحا في عدالته وجرحه : ينعزل بها عن المناصب الدينية أم لا ؟ ومن كانت هذه صفته لهذه الطائفة وهم له في غاية الكراهة هل يجوز أن يؤم بهم وقد جاء : { } ؟ ؟ . لا يؤم الرجل قوما أكثرهم له كارهون