( الدليل السابع وهو العاشر : ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم { وقال : إنه زاد إخوانكم من الجن الاستجمار بالعظم والبعر } وفي لفظ قال : { أنه نهى عن } قال النبي صلى الله عليه وسلم { فسألوني الطعام لهم ولدوابهم فقلت : لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه يعود أوفر ما يكون لحما وكل بعرة علف لدوابكم } . فلا تستنجوا [ ص: 577 ] بهما فإنهما زاد إخوانكم من الجن
فوجه الدلالة { } الذي هو زاد إخواننا من الجن وعلف دوابهم ومعلوم أنه إنما نهى عن ذلك لئلا ننجسه عليهم ولهذا استنبط الفقهاء من هذا أنه لا يجوز الاستنجاء بزاد الإنس . ثم إنه قد استفاض النهي في ذلك والتغليظ حتى قال : { أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يستنجى بالعظم والبعر محمدا منه بريء } ومعلوم أنه لو كان البعر في نفسه نجسا لم يكن الاستنجاء به ينجسه ولم يكن فرق بين البعر المستنجى به والبعر الذي لا يستنجى به وهذا جمع بين ما فرقت السنة بينه . ثم إن البعر لو كان نجسا لم يصلح أن يكون علفا لقوم مؤمنين فإنها تصير بذلك جلالة ولو جاز أن تصير جلالة لجاز أن تعلف رجيع الإنس ورجيع الدواب فلا فرق حينئذ . ولأنه لما جعل الزاد لهم ما فضل عن الإنس ولدوابهم ما فضل عن دواب الإنس من البعر شرط في طعامهم كل عظم ذكر اسم الله عليه فلا بد أن يشرط في علف دوابهم نحو ذلك وهو الطهارة . من تقلد وترا أو استنجى بعظم أو رجيع فإن
وهذا يبين لك أن قوله في حديث ابن مسعود لما أتاه بحجرين [ ص: 578 ] وروثة فقال : { } إنما كان لكونها روثة آدمي ونحوه على أنها قضية عين فيحتمل أن تكون روثة ما يؤكل لحمه وروثة ما لا يؤكل لحمه فلا يعم الصنفين ولا يجوز القطع بأنها مما يؤكل لحمه مع أن لفظ الركس لا يدل على النجاسة لأن الركس هو المركوس أي المردود وهو معنى الرجيع ومعلوم أن إنها ركس لا يجوز بحال إما لنجاسته وإما لكونه علف دواب إخواننا من الجن . الاستنجاء بالرجيع