ولكن من وأنا في حسبها ويسجد لها ويتضرع في دعائها مثل ما يتضرع في دعاء رب الأرض والسموات ويتوكل على حي قد مات ولا يتوكل على الحق الذي لا يموت ، فلا ريب أن إشراكه بمن هو أفضل منها يكون أقوى . يتخذ نفيسة ربا ويقول : إنها تجير الخائف وتغيث الملهوف
قال تعالى : { قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون } { سيقولون لله قل فأنى تسحرون } .
وحديث { معاذ لما رجع من الشام فسجد للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : ما هذا يا معاذ فقال : رأيتهم في الشام يسجدون لأساقفتهم ويذكرون ذلك عن أنبيائهم فقال يا معاذ : أرأيت لو مررت بقبري أكنت ساجدا له ؟ قال لا قال : فلا تسجد لي ، فلو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها } .
فمن لا ينهى الضالين عن مثل هذا الشرك المحرم بإجماع المسلمين .
كيف ينهى عما هو أقل منه ؟ ومن فهو مضاه لمن اتخذ دعا رجلا أو امرأة من دون الله المسيح وأمه إلهين من دون الله .
وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 276 ] أنه قال : " { النصارى عيسى ابن مريم ، فإنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله } " . لا تطروني كما أطرت
بل فقد ناقض " الإسلام " في النفي والإثبات : وهو شهادة أن لا إله إلا الله . من سوغ أن يدعى المخلوق ومنع من دعاء الخالق الذي فيه تحقيق صمديته وإلهيته
وأما - بأبي هو وأمي - مثل تقديم محبته على النفس والأهل والمال ، وتعزيره وتوقيره وإجلاله وطاعته واتباع سنته وغير ذلك فعظيمة جدا . حقوق رسول الله
وكذلك مما يشرع التوسل به في الدعاء كما في الحديث الذي رواه الترمذي وصححه أن { محمد نبي الرحمة يا محمد يا رسول الله إني أتوسل بك إلى ربي في حاجتي ليقضيها اللهم فشفعه في } " فهذا التوسل به حسن . النبي صلى الله عليه وسلم علم شخصا أن يقول : اللهم إني أسألك وأتوسل إليك بنبيك
وأما دعاؤه والاستغاثة به : فحرام .
والفرق بين هذين متفق عليه بين المسلمين .
المتوسل إنما يدعو الله ويخاطبه ويطلب منه لا يدعو غيره إلا على سبيل استحضاره ، لا على سبيل الطلب منه وأما الداعي والمستغيث فهو الذي يسأل المدعو ويطلب منه ويستغيثه ويتوكل عليه والله هو رب العالمين [ ص: 277 ] ومالك الملك وخالق كل شيء وهو الذي يجيب المضطر إذا دعاه وهو القريب الذي يجيب دعوة الداعي إذا دعاه وهو سميع الدعاء سبحانه وتعالى : عما يقول الظالمون علوا كبيرا .
وأنا قد صنفت كتابا كبيرا سميته " الصارم المسلول على شاتم الرسول " وذكرت في هذه المسألة ما لم أعرف أحدا سبق إليه .
وكذلك هذه " القواعد الإيمانية " قد كتبت فيها فصولا هي من أنفع الأشياء في أمر الدين .
ومما ينبغي أن يعرف به الشيخ أني أخاف أن القضية تخرج عن أمره بالكلية ويكون فيها ما فيه ضرر عليه وعلى ابن مخلوف ونحوهما ، فإنه قد طلب مني ما يجعل سببا لذلك ولم أجب إليه فإني إنما أنا لون واحد والله ما غششتهما قط ولو غششتهما كتمت ذلك .
وأنا مساعد لهما على كل بر وتقوى .
ولا ريب أن الأصل الذي تصلح عليه الأمور رجوع كل شخص إلى الله وتوبته إليه في هذا العشر المبارك .
فإذا حسنت السرائر أصلح الله الظواهر .
فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون وهذه قضية كبيرة كلما كانت تزداد ظهورا تزداد انتشارا .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
والحمد لله وحده وصلى الله على محمد وآله وسلم تسليما .