الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
وسئل شيخ الإسلام رحمه الله عمن nindex.php?page=treesubj&link=28008_11417_11027تزوج امرأة من سنتين ثم طلقها ثلاثا وكان ولي نكاحها فاسقا : فهل يصح عقد الفاسق ; بحيث إذا طلقت ثلاثا لا تحل له إلا بعد نكاح غيره ؟ أو لا يصح عقده فله أن يتزوجها بعقد جديد وولي مرشد من غير أن ينكحها غيره ؟
فأجاب : الحمد لله . إن كان قد طلقها ثلاثا فقد وقع به الطلاق ؟ وليس لأحد بعد الطلاق الثلاث أن ينظر في الولي : هل كان عدلا أو فاسقا ; ليجعل فسق الولي ذريعة إلى عدم nindex.php?page=treesubj&link=11027_11417_28008وقوع الطلاق ; فإن أكثر [ ص: 100 ] الفقهاء يصححون nindex.php?page=treesubj&link=11027ولاية الفاسق وأكثرهم يوقعون الطلاق في مثل هذا النكاح ; بل وفي غيره من الأنكحة الفاسدة .
فإذا فرع على أن النكاح فاسد ; وأن الطلاق لا يقع فيه ; فإنما يجوز أن يستحل الحلال من يحرم الحرام ; وليس لأحد أن يعتقد الشيء حلالا حراما .
وهذا الزوج كان وطئها قبل الطلاق ولو ماتت لورثها : فهو عامل على صحة النكاح فكيف يعمل بعد الطلاق على فساده فيكون النكاح صحيحا إذا كان له غرض في صحته فاسدا إذ كان له غرض في فساده وهذا القول يخالف إجماع المسلمين ; فإنهم متفقون على أن من اعتقد حل الشيء كان عليه أن يعتقد ذلك سواء وافق غرضه أو خالفه ومن اعتقد تحريمه كان عليه أن يعتقد ذلك في الحالين . وهؤلاء المطلقون لا يفكرون في فساد النكاح بفسق الولي إلا عند الطلاق الثلاث لا عند الاستمتاع والتوارث فيكونون في وقت يقلدون من يفسده وفي وقت يقلدون من يصححه بحسب الغرض والهوى ومثل هذا لا يجوز باتفاق الأمة .
ونظير هذا أن يعتقد الرجل ثبوت " شفعة الجوار " إذا كان طالبا لها ويعتقد عدم الثبوت إذا كان مشتريا ; فإن هذا لا يجوز بالإجماع وهذا أمر مبني على صحة ولاية الفاسق في حال نكاحه وبني على فساد ولايته [ ص: 101 ] في حال طلاقه : فلم يجز ذلك بإجماع المسلمين . ولو قال المستفتي المعين : أنا لم أكن أعرف ذلك وأنا من اليوم ألتزم ذلك : لم يكن من ذلك لأن ذلك يفتح باب التلاعب بالدين وفتح للذريعة إلى أن يكون التحليل والتحريم بحسب الأهواء . والله أعلم .