فإن قيل : إذا كان على وجهين - تارة يتوسل بذلك إلى ثوابه وجنته ( وهذا أعظم الوسائل وتارة يتوسل بذلك [ ص: 221 ] في الدعاء كما ذكرتم نظائره - فيحمل قول القائل : أسألك بنبيك التوسل بالإيمان به ومحبته وطاعته محمد على أنه أراد : أني أسألك بإيماني به وبمحبته وأتوسل إليك بإيماني به ومحبته ونحو ذلك وقد ذكرتم أن هذا جائز بلا نزاع . قيل : من أراد هذا المعنى فهو مصيب في ذلك بلا نزاع وإذا حمل على هذا المعنى كلام من توسل بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد مماته من السلف - كما نقل عن بعض الصحابة والتابعين وعن وغيره كان هذا حسنا . وحينئذ فلا يكون في المسألة نزاع . ولكن كثير من العوام يطلقون هذا اللفظ ولا يريدون هذا المعنى فهؤلاء الذين أنكر عليهم من أنكر . وهذا كما أن الإمام أحمد الصحابة كانوا يريدون بالتوسل به التوسل بدعائه وشفاعته وهذا جائز بلا نزاع ثم إن أكثر الناس في زماننا لا يريدون هذا المعنى بهذا اللفظ . فإن قيل : فقد قيل : الرحم توجب على صاحبها حقا لذي الرحم كما قال الله تعالى : { يقول الرجل لغيره بحق الرحم واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام } وقال النبي صلى الله عليه وسلم { } وقال { الرحم شجنة من الرحمن من وصلها وصله الله ومن قطعها قطعه الله } وقال صلى الله عليه وسلم { لما خلق الله الرحم تعلقت بحقوي الرحمن وقالت : هذا مقام العائذ بك من القطيعة فقال : ألا ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك ؟ قالت : بلى قد رضيت } . [ ص: 222 ] وقد روي عن يقول الله تعالى : أنا الرحمن خلقت الرحم وشققت لها اسما من اسمي فمن وصلها وصلته ومن قطعها بتته علي أنه كان إذا سأله ابن أخيه بحق جعفر أبيه أعطاه لحق جعفر على علي . وحق ذي الرحم باق بعد موته كما في الحديث { } وفي الحديث الآخر حديث أن رجلا قال : يا رسول الله هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما ؟ قال نعم الدعاء لهما والاستغفار لهما وإنفاذ وعدهما من بعدهما وصلة رحمك التي لا رحم لك إلا من قبلهما ابن عمر { } . فصلة أقارب الميت وأصدقائه بعد موته هو من تمام بره . من أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه بعد أن يولي