[ ص: 82 ] وقال شيخ الإسلام أحمد ابن تيمية قدس الله روحه أما بعد : فإني كنت دائما أعلم أن . ولكن كنت أحسب أن قضاياه صادقة لما رأينا من صدق كثير منها ثم تبين لي فيما بعد خطأ طائفة من قضاياه وكتبت في ذلك شيئا ; ولما كنت المنطق اليوناني لا يحتاج إليه الذكي ولا ينتفع به البليد بالإسكندرية اجتمع بي من رأيته يعظم المتفلسفة بالتهويل والتقليد فذكرت له بعض ما يستحقونه من التجهيل والتضليل . واقتضى ذلك أني كتبت في قعدة بين الظهر والعصر من الكلام على المنطق ما علقته تلك الساعة .
ولم يكن ذلك من همتي لأن همتي كانت فيما كتبته عليهم في " الإلهيات " وتبين لي أن كثيرا مما ذكروه في المنطق هو من أصول فساد قولهم في الإلهيات [ ص: 83 ] مثل ما ذكروه من تركيب الماهيات من الصفات التي سموها ذاتيات . وما ذكروه من حصر طرق العلم فيما ذكروه من الحدود والأقيسة البرهانيات بل ما ذكروه من الحدود التي بها تعرف التصورات . بل ما ذكروه من صور القياس ومواده اليقينيات .
فأراد بعض الناس أن يكتب ما علقته إذ ذاك من الكلام عليهم في المنطق فأذنت في ذلك ; لأنه يفتح باب معرفة الحق وإن كان ما فتح من باب الرد عليهم يحتمل أضعاف ما علقته .
فاعلم أنهم بنوا " المنطق " على الكلام في الحد ونوعه والقياس البرهاني ونوعه . قالوا : لأن العلم إما تصور وإما تصديق فالطريق الذي ينال به التصور هو الحد والطريق الذي ينال به التصديق هو القياس .