قوله تعالى: إن شجرت الزقوم (43) طعام الأثيم (44) كالمهل يغلي في البطون (45) كغلي الحميم
قال الله تعالى: إن شجرت الزقوم طعام الأثيم كالمهل يغلي في البطون كغلي الحميم وقال: أذلك خير نـزلا أم شجرة الزقوم إنا جعلناها فتنة للظالمين إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم طلعها كأنه رءوس الشياطين فإنهم لآكلون منها فمالئون منها البطون ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم وقال: ثم إنكم أيها الضالون المكذبون لآكلون من شجر من زقوم فمالئون منها البطون فشاربون عليه من الحميم فشاربون شرب الهيم هذا نـزلهم يوم الدين نحن خلقناكم فلولا تصدقون وقال: وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا
وخرج الترمذي وابن ماجه في "صحيحه " من حديث وابن حبان ابن [ ص: 248 ] عباس اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " . "لو أن قطرة من الزقوم قطرت في دار الدنيا لأفسدت على أهل الدنيا معايشهم، فكيف بمن تكون طعامه؟! أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ هذه الآية:
وقال : صحيح، وروي موقوفا على الترمذي . وقال ابن عباس : حدثني ابن إسحاق حكيم بن حكيم، عن ، عكرمة عن قال: قال ابن عباس أبو جهل لما ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شجرة الزقوم: يخوفنا بها محمد، يا معشر قريش أتدرون ما شجرة الزقوم التي يخوفكم بها محمد؟ قالوا: لا، قال: عجوة يثرب بالزبد، والله لئن اهتمكنا منها لنتزقمنها تزقما، فأنزل الله فيه: إن شجرت الزقوم طعام الأثيم الآية، أي ليس كما تقول، وأنزل الله والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا .
وقال ، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، في قوله: قتادة فتنة للظالمين قال: زادتهم تكذيبا حين أخبرهم أن في النار شجرة . قال: يخبرهم أن في النار شجرة والنار تحرق الشجر . فأخبرهم أن غذاءها من النار .
وقد تقدم عن أن شجرة الزقوم نابتة في أصل سقر . وروي عن ابن عباس أن أصلها في قعر جهنم وأغصانها ترتفع إلى دركاتها . الحسن
وقال سمعت سلام بن مسكين: تلا هذه الآية: الحسن إن شجرت الزقوم طعام الأثيم كالمهل يغلي في البطون كغلي الحميم قال: إنها هناك قد حميت عليها جهنم . [ ص: 249 ] وقال مغيرة، عن إبراهيم وأبي رزين: كالمهل يغلي في البطون قال: الشجر يغلي .
قال : سمعت جعفر بن سليمان يقول: بلغنا أنه لا ينهش منها نهشة إلا نهشت منه مثلها . أبا عمران الجوني
وقد دل القرآن على أنهم يأكلون منها حتى تمتلئ منها بطونهم، فتغلي في بطونهم كما يغلي الحميم، وهو الماء الذي قد انتهى حره، ثم بعد أكلهم منها يشربون عليه من الحميم شرب الهيم .
قال في رواية ابن عباس علي بن أبي طلحة : الهيم: الإبل العطاش . وقال: : هو داء يأخذ الإبل فلا تروى أبدا حتى تموت، فكذلك أهل جهنم لا يروون من الحميم أبدا، وعن السدي نحوه . وعن مجاهد في قوله: الضحاك شرب الهيم قال: من العرب من يقول: هو الرمل، ومنهم من يقول: الإبل العطاش، وقد روي عن كلا القولين، ودل قوله سبحانه: ابن عباس ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم على أن الحميم يشاب به ما في بطونهم من الزقوم فيصير شوبا له، وقال في هذه الآية: يقال: يخلط طعامهم ويشاب بالحميم . وقال عطاء الخراساني : قتادة لشوبا من حميم مزاجا من حميم .
وعن قال: إذا جاع أهل النار استغاثوا من الجوع فأغيثوا بشجرة الزقوم فأكلوا منها فانسلخت وجوههم حتى لو أن مارا مر عليهم يعرفهم لعرف جلود وجوههم، فإذا أكلوا منها ألقي عليهم العطش . فاستغاثوا من العطش فأغيثوا بماء كالمهل، والمهل: الذي قد انتهى حره، فإذا [ ص: 250 ] أدنوه من أفواههم أنضج حره الوجوه فيصهر به ما في بطونهم، ويضربون بمقامع من حديد فيسقط كل عضو على حياله يدعون بالثبور . وقوله تعالى: سعيد بن جبير ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم أي: بعد أكل الزقوم وشرب الحميم عليه، ويدل هذا على أن الحميم خارج من الجحيم فهم يردونه كما ترد الإبل الماء، ثم يردون إلى الجحيم، ويدل على هذا أيضا قوله تعالى: هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون يطوفون بينها وبين حميم آن والمعنى أنهم يترددون بين جهنم والحميم فمرة إلى هذا، ومرة إلى هذا قاله قتادة ، وغيرهما . وابن جريج
وقال في قوله: القرظي يطوفون بينها وبين حميم آن قال: إن الحميم دون النار، فيؤخذ العبد بناصيته فيجر في ذلك الحميم حتى يذوب اللحم ويبقى العظم والعينان في الرأس، وهذا الذي يقول الله عز وجل: في الحميم ثم في النار يسجرون