قوله تعالى: ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب
وقال الحكم: سئل أبو مجلز عن الرجل يضع إحدى رجليه على الأخرى؟ فقال: لا بأس به، إنما هذا شيء قاله اليهود: إن الله لما خلق السماوات والأرض استراح، فجلس هذه الجلسة، فأنزل الله عز وجل: ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب خرجه أبو جعفر ابن أبي شيبة في "تاريخه " .
وقد ذكر غير واحد من التابعين: أن هذه الآية نزلت بسبب قول اليهود: إن الله خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استراح في اليوم السابع . منهم: عكرمة . [ ص: 316 ] فهذا كلام أئمة السلف في إنكار ذلك ونسبته إلى اليهود، وهذا يدل على أن الحديث المرفوع المروي في ذلك لا أصل لرفعه، وإنما هو متلقى عن اليهود، ومن قال: إنه على شرط الشيخين فقد أخطأ . وهو من رواية وقتادة محمد بن فليح بن سليمان، عن أبيه، عن سعيد بن الحارث ، عن سمع عبيد بن حنين: يحدثه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بمعنى قول قتادة بن النعمان أبي مجلز . وفي آخره: وقال عز وجل: " إنها لا تصلح لبشر" . وعبيد بن حنين، قيل: إنه لم يسمع من -: قاله قتادة بن النعمان . البيهقي
وفليح، وإن خرج له فقد سبق كلام أئمة الحفاظ في تضعيفه . وكان البخاري يقشعر من أحاديثه، وقال يحيى بن سعيد - فيما رواه عنه أبو زرعة سعيد البرذعي -: فليح واهي الحديث، وابنه محمد واهي الحديث .
ولو كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يروي عن ربه أنه قال: "إنها لا تصلح لبشر" لم يفعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولو كان قد انتسخ فعله الأول بهذا النهي لم يستمر على فعله خلفاؤه الراشدون الذين هم أعلم أصحابه به، وأتبعهم لهديه وسنته . وقد روي عن من وجه آخر منقطع، من رواية قتادة بن النعمان سالم أبي النضر، عن - ولم يدركه -، أنه روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، أنه نهى عن ذلك . خرجه قتادة بن النعمان . الإمام أحمد
وهذا محتمل، كما رواه عنه وغيره . فأما هذه الطامة، فلا تحتمل أصلا . [ ص: 317 ] وقد قيل: إن هذا مما اشتبه على بعض الرواة فيه ما قاله بعض اليهود . فظنه مرفوعا فرفعه، وقد وقع مثل هذا لغير واحد من متقدمي الرواة، وأنكر ذلك عليهم، وأنكر جابر على من سمعه يحدث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال: إنما حكاه النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بعض أهل الكتاب . الزبير
فروى مسلم بن الحجاج في "كتاب التفصيل" في "المدخل " من رواية والبيهقي ، عن ابن أبي الزناد ، عن هشام بن عروة عبد الله عروة ، عن . أن عروة سمع رجلا يحدث حديثا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فاستمع الزبير له، حتى إذا قضى الرجل حديثه قال له الزبير : أنت سمعت هذا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال الرجل: نعم . فقال الزبير : هذا وأشباهه مما يمنعنا أن نحدث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قد - لعمري - سمعت هذا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا يومئذ حاضر، ولكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ابتدأ هذا الحديث، فحدثناه عن رجل من أهل الكتاب حدثه إياه، فجئت أنت بعد أن تقضى صدر الحديث وذكر الرجل الذي من أهل الكتاب، فظننت أنه من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . الزبير
وروى - أيضا - في "كتاب التفصيل " بإسناد صحيح، عن مسلم بكير ابن الأشج، قال: قال لنا بسر بن سعيد : أيها الناس، اتقوا الله، وتحفظوا في الحديث، فوالله لقد رأيتنا نجالس ، فيحدثنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . ويحدثنا عن أبا هريرة ، ثم يقوم، فأسمع بعض من كان معنا يجعل حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن كعب ، ويجعل حديث كعب عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . [ ص: 318 ] ولو ذكرنا الأحاديث المرفوعة التي أعلت بأنها موقوفة: إما على كعب ، أو على عبد الله بن سلام ، واشتبهت على بعض الرواة فرفعها، لطال الأمر . كعب