قوله تعالى: عليها تسعة عشر (30) وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا
قال الله تعالى: عليها تسعة عشر وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا
قال : حدثنا آدم بن أبي إياس ، حدثنا حماد بن سلمة الأزرق بن قيس عن رجل من بني تميم: قال: كنا عند أبي العوام فقرأ هذه الآية: عليها تسعة [ ص: 509 ] عشر فقال: ما تقولون، تسعة عشر ملكا؟ قلنا: بل تسعة عشر ألفا، فقال: ومن أين علمت ذلك؟ قال: قلت لأن الله تعالى يقول: وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا قال أبو العوام : صدقت وبيد كل واحد منهم مرزبة من حديد لها شعبتان، فيضرب بها الضربة يهوي بها سبعين ألفا، بين منكبي كل ملك منهم مسيرة كذا وكذا، فعلى قول أبي العوام ومن وافقه، الفتنة للكفار، إنما جاء من ذكر العدد الموهم للقلة حيث لم يذكر المميز له . ويشبه هذا ما روى عن سعيد بن بشير في قوله: قتادة وما يعلم جنود ربك إلا هو أي: من كثرتهم . وكذلك ما روى إبراهيم بن الحكم بن أبان وفيه ضعف عن أبيه، عن قال: إن أول من وصل من أهل النار إلى النار وجدوا على الباب أربعمائة ألف من خزنة جهنم مسودة وجوههم كالحة أنيابهم، قد نزع الله الرحمة من قلوبهم، ليس في قلب واحد منهم مثقال ذرة من الرحمة لو طار الطائر من منكب أحدهم لطار شهرين قبل أن يبلغ المنكب الآخر، ثم يجدون على الباب التسعة عشر، عرض صدر أحدهم سبعون خريفا، ثم يهوون من باب إلى باب خمسمائة سنة حتى يأتوا الباب; ثم يجدون على كل باب منها من الخزنة مثل ما وجدوا على الباب الأول، حتى ينتهوا إلى آخرها . خرجه عكرمة . ابن أبي حاتم
وهذا يدل على أن تحت يد كل واحد منهم أربعمائة ألف . [ ص: 510 ] والمشهور بين السلف والخلف أن الفتنة إنما جاءت من حيث ذكر عدد الملائكة الذين اغتر الكفار بقلتهم، وظنوا أنهم يمكنهم مدافعتهم وممانعتهم . ولم يعلموا أن كل واحد من الملائكة لا يمكن البشر كلهم مقاومته، ولهذا قال الله تعالى: على كل باب من أبواب جهنم تسعة عشر خزانا هم رؤساء الخزنة، وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا إلى قوله: وما يعلم جنود ربك إلا هو
قال : إن رجلا من قريش يقال له السدي أبو الأشدين قال: يا معشر قريش لا يهولنكم التسعة عشر أنا أدفع عنكم بمنكبي الأيمن عشرة من الملائكة . وبمنكبي الأيسر التسعة الباقية ثم تمرون إلى الجنة - يقوله مستهزئا - فقال الله عز وجل: وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا
وقال : ذكر لنا أن قتادة أبا جهل حين نزلت هذه الآية قال: يا معشر قريش أما يستطيع كل عشرة منكم أن يأخذوا واحدا من خزنة النار وأنتم الدهم . وصاحبكم هذا يزعم أنهم تسعة عشر .
وقال : في التوراة والإنجيل: إن خزنة النار تسعة عشر . قتادة
وروى حريث عن عن الشعبي في قول الله عز وجل: البراء عليها تسعة عشر قال: إن رهطا من يهود سألوا رجلا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - عن خزنة جهنم، فقال: الله ورسوله أعلم . فجاء رجل فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فأنزل الله عليه ساعتئذ عليها تسعة عشر فأخبر أصحابه، وقال: ادعهم، فجاءوا فسألوه عن خزنة جهنم، فأهوى بأصابع كفيه مرتين وأمسك الإبهام في الثانية، [ ص: 511 ] خرجه ، ابن أبي حاتم وحريث هو ابن أبي مطر ضعيف .
وخرجه من طريق الترمذي عن مجالد ، الشعبي قال: قال ناس من اليهود لناس من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -: هل يعلم نبيكم عدد خزنة جهنم؟ قالوا: لا ندري حتى نسأله، فجاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا محمد غلب أصحابك اليوم، قال: "وما غلبوا؟ " قال: سألتهم يهود: هل يعلم نبيكم عدد خزنة جهنم؟ قال: "فما قالوا؟ " قالوا: لا ندري حتى نسأل نبينا - صلى الله عليه وسلم - . فقال: "يغلب قوم سئلوا عما لا يعلمون، فقالوا: لا نعلم حتى نسأل نبينا . لكنهم قد سألوا نبيهم، فقالوا: أرنا الله جهرة، علي بأعداء الله " فلما جاءوا قالوا: يا جابر أبا القاسم كم عدد خزنة جهنم؟ قال: "هكذا أو هكذا" في مرة عشرة وفي مرة تسعة، قالوا: نعم، وهذا أصح من حديث عن حريث المتقدم، قاله وغيره . البيهقي
وخرج من حديث الإمام أحمد قال: عبد الله بن عمرو بن العاص محمد النبي الأمي " ثلاثا، ولا نبي بعدي، أوتيت فواتح الكلم وخواتمه وجوامعه، وعلمت كم خزنة النار وحملة العرش " وذكر بقية الحديث . خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوما كالمودع، فقال: "أنا
* * *
قال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون [ ص: 512 ] وقال تعالى: فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين وقال تعالى: واتقوا النار التي أعدت للكافرين وقال تعالى: فأنذرتكم نارا تلظى وقال تعالى: لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل ذلك يخوف الله به عباده يا عباد فاتقون وقال تعالى: وما هي إلا ذكرى للبشر كلا والقمر والليل إذ أدبر والصبح إذا أسفر إنها لإحدى الكبر نذيرا للبشر لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر
قال الحسن في قوله تعالى: نذيرا للبشر قال: "والله ما أنذر العباد بشيء قط أدهى منها" خرجه . ابن أبي حاتم
وقال في قوله تعالى: قتادة إنها لإحدى الكبر يعني النار .
وروى سماك بن حرب ، قال: سمعت يخطب، يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: النعمان بن بشير خرجه "أنذرتكم النار أنذرتكم النار" حتى لو أن رجلا كان بالسوق لسمعه من مقامي هذا . حتى وقعت خميصة كانت على عاتقه عند رجليه . ، وفي رواية له أيضا عن الإمام أحمد ، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: النعمان بن بشير وفي رواية له عن " أنذرتكم النار، أنذرتكم النار" حتى لو كان رجل في أقصى السوق لسمعه وسمع أهل السوق صوته، وهو على المنبر . ، قال: سماك النعمان يخطب وعليه خميصة . فقال: لقد سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "أنذرتكم النار،أنذرتكم النار" فلو أن [ ص: 513 ] رجلا بموضع كذا وكذا، سمع صوته . سمعت
وعن قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: عدي بن حاتم خرجاه في "الصحيحين " . "اتقوا النار" قال: وأشاح، ثم قال: "اتقوا النار"، ثم أعرض وأشاح ثلاثا حتى ظننا أنه ينظر إليها، ثم قال: "اتقوا النار ولو بشق تمرة، فمن لم يجد فبكلمة طيبة"
وخرج بإسناد فيه جهالة عن البيهقي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنس "يا معشر المسلمين ارغبوا فيما رغبكم الله فيه، واحذروا، وخافوا ما خوفكم الله به من عذابه وعقابه، ومن جهنم، فإنها لو كانت قطرة من الجنة معكم في دنياكم التي أنتم فيها حلتها لكم، ولو كانت قطرة من النار معكم في دنياكم التي أنتم فيها خبثتها عليكم " .
وفي "الصحيحين " عن - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: أبي هريرة "إنما مثلي ومثل أمتي كمثل رجل استوقد نارا، فجعلت الدواب والفراش يقعن فيها، فأنا آخذ بحجزكم عن النار وأنتم تقتحمون فيها" وفي رواية لمسلم: "مثلي كمثل رجل استوقد نارا، فلما أضاءت ما حولها جعل الفراش وهذه الدواب التي في النار يقعن فيها . وجعل يحجزهن ويغلبنه فيقتحمن فيها" قال: "فذلكم مثلي ومثلكم أنا آخذ بحجزكم عن النار، هلم عن النار، هلم عن النار، فتغلبوني وتقتحمون فيها" .
وفي رواية للإمام : أحمد "مثلي ومثلكم أيتها الأمة كمثل رجل أوقد نارا بليل . فأقبلت إليها هذه الفراش والذباب التي تغشى النار، فجعل يذبها ويغلبنه إلا تقحما في [ ص: 514 ] النار، وأنا آخذ بحجزكم أدعوكم إلى الجنة وتغلبوني إلا تقحما في النار" .
وخرج أيضا من حديث الإمام أحمد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ابن مسعود "إن الله لم يحرم حرمة إلا وقد علم أنه سيطلعها منكم مطلع، ألا وإني آخذ بحجزكم أن تهافتوا في النار، كتهافت الفراش والذباب " .
وخرج البزار من حديث والطبراني عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ابن عباس وفي رواية "أنا آخذ بحجزكم فاتقوا النار، اتقوا النار، اتقوا الحدود، فإذا مت تركتكم، وأنا فرطكم على الحوض، فمن ورد فقد أفلح، فيؤتى بأقوام ويؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول: رب أمتي، فيقول: إنهم لم يزالوا بعدك يرتدون على أعقابهم " للبزار، قال: "وأنا آخذ بحجزكم أقول: إياكم وجهنم، إياكم والحدود، إياكم وجهنم، إياكم والحدود، إياكم وجهنم، إياكم والحدود" وذكر بقية الحديث . وفي "صحيح " عن مسلم قال: أبي هريرة وأنذر عشيرتك الأقربين دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قريشا فاجتمعوا، فعم وخص، فقال: "يا بني كعب بن لؤي، أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني مرة بن كعب ، أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد شمس، أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد مناف، أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني هاشم، أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد المطلب، أنقذوا أنفسكم من النار، يا ، أنقذي نفسك من النار، فإني لا أملك لكم من الله شيئا" . فاطمة بنت محمد وخرج لما نزلت هذه الآية: وغيره من طريق الطبراني يعلى بن الأشدق عن كليب بن حزن، [ ص: 515 ] قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ويروى هذا الحديث أيضا عن "اطلبوا الجنة جهدكم واهربوا من النار جهدكم، فإن الجنة لا ينام طالبها، وإن النار لا ينام هاربها، وإن الآخرة اليوم محفوفة بالمكاره، وإن الدنيا محفوفة باللذات والشهوات، فلا تلهينكم عن الآخرة" يعلى بن الأشدق عن عبد الله بن جراد عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأحاديث يعلى بن الأشدق باطلة منكرة .
وخرج من حديث الترمذي يحيى بن عبد الله عن أبيه، عن ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: أبي هريرة "ما رأيت مثل النار نام هاربها، ولا مثل الجنة نام طالبها" ويحيى هذا ضعفوه، وخرجه من وجه آخر أجود من هذا إلى ابن مردويه ، وخرج أبي هريرة نحوه بإسناد فيه نظر عن الطبراني عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وخرجه أنس ابن عدي بإسناد ضعيف عن - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - . وقال عمر يوسف بن عطية عن المعلى بن زياد : كان هرم بن حيان يخرج في بعض الليالي وينادي بأعلى صوته: عجبت من الجنة كيف نام طالبها . وعجبت من النار كيف نام هاربها، ثم يقول: أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون
وقال : لو وليت من أمر الناس شيئا اتخذت منارا على الطريق وأقمت عليها رجالا ينادون في الناس: النار النار . خرجه أبو الجوزاء في كتاب " الزهد " . الإمام أحمد
وخرج ابنه في هذا الكتاب أيضا بإسناده عن عبد الله . قال: لو وجدت أعوانا لناديت في منار مالك بن دينار البصرة بالليل: النار النار، ثم قال: [ ص: 516 ] لو وجدت أعوانا لناديت في منار البصرة بالليل: النار النار، ثم قال: لو وجدت أعوانا لفرقتهم في منار الدنيا: يا أيها الناس النار النار .