قوله تعالى: إنا أعتدنا للكافرين سلاسل وأغلالا وسعيرا
قال الله تعالى: إنا أعتدنا للكافرين سلاسل وأغلالا وسعيرا
وقال الله تعالى: وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا وقال الله تعالى: إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون في الحميم ثم في النار يسجرون وقال: خذوه فغلوه ثم الجحيم صلوه ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه وقال تعالى: إن لدينا أنكالا وجحيما وطعاما ذا غصة وعذابا أليما
وقرأ : "والسلاسل يسحبون " بنصب السلاسل وفتح ياء يسحبون، قال: هو أشد عليهم هم يسحبون السلاسل . خرجه ابن عباس . [ ص: 525 ] فهذه ثلاثة أنواع: ابن أبي حاتم
أحدها: الأغلال: وهي في الأعناق، كما ذكر سبحانه . قال : الغل تغل اليد الواحدة إلى العنق، والصفد: اليدان جميعا إلى العنق . خرجه الحسن بن صالح . ابن أبي الدنيا
وقال أسباط عن : الأصفاد تجمع اليدين إلى العنق . وقال السدي عن معمر في قوله: قتادة مقرنين في الأصفاد قال: مقرنين في القيود والأغلال .
قال عيينة بن الغصن عن إن الأغلال لم تجعل في أعناق أهل النار لأنهم أعجزوا الرب عز وجل، ولكنها إذا طفئ بهم اللهب أرستهم . قال: ثم خر الحسن مغشيا عليه . الحسن:
وقال سيار بن حاتم: حدثنا مسكين عن حوشب عن أنه ذكر النار فقال: لو أن غلا منها وضع على الجبال لقصمها إلى الماء الأسود ، ولو أن ذراعا من السلسلة وضع على جبل لرضه . الحسن
وروى بإسناد عن ابن أبي حاتم موسى بن أبي عائشة أنه قرأ قوله تعالى: أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة قال: تشد أيديهم بالأغلال في النار، فيستقبلون العذاب بوجوههم قد شدت أيديهم، فلا يقدرون على أن يتقوا بها، كلما جاء نوع من العذاب يستقبلون بوجوههم . وبإسناده عن فيض بن إسحاق عن فضيل بن عياض : إذا قال الرب تبارك وتعالى: خذوه فغلوه تبدره سبعون ألف ملك كلهم يتبدر أيهم يجعل الغل في عنقه . [ ص: 526 ] النوع الثاني: الأنكال: وهي القيود، قال مجاهد والحسن وغيرهم . قال: وعكرمة قيود من نار، قال الحسن: : قيود لا تحل والله أبدا، وواحد الأنكال: نكل، وسميت القيود أنكالا لأنه ينكل بها، أي يمنع . وروى أبو عمران الجوني عن أبو سنان أما وعزته ما قيدهم مخافة أن يعجزوه . ولكن قيدهم لترسى في النار . وقال الحسن: : الصفد: القيود، وقوله تعالى: الأعمش مقرنين في الأصفاد القيود، وقد سبق عن قوله: أبي صالح في عمد ممددة قال: القيود الطوال .
النوع الثالث: السلاسل: خرج وغيره من طريق الإمام أحمد أبي السمح عن عيسى بن هلال الصدفي عن ، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: عبد الله بن عمرو غريب، وفي رفعه نظر، والله أعلم . "لو أن رصاصة مثل هذه - وأشار إلى مثل الجمجمة - أرسلت من السماء إلى الأرض وهي مسيرة خمسمائة عام لبلغت الأرض قبل الليل، ولو أنها أرسلت من رأس السلسلة لسارت أربعين خريفا الليل والنهار قبل أن تبلغ أصولها"
وفي حديث عدي الكندي عن أن عمر جبريل قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: خرجه "لو أن حلقة من سلسلة أهل النار التي نعت الله في كتابه وضعت على جبال الدنيا لانقضت ولم يردها شيء حتى تنتهي إلى الأرض السابعة السفلى" ، وسبق الكلام على إسناده . وروى الطبراني عن سفيان بشير عن نوف الشامي في قوله تعالى: ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه قال: إن الذراع سبعون باعا، والباع [ ص: 527 ] من هاهنا إلى مكة! - وهو يومئذ بالكوفة .
وقال : أنبأنا ابن المبارك بكار عن عبد الله سمع يحدث أن ابن أبي مليكة قال: إن حلقة من السلسلة التي قال الله: كعبا ذرعها سبعون ذراعا إن حلقة منها أكثر من حديد الدنيا . وقال في قوله: ابن جريج ذرعها سبعون ذراعا قال: بذراع الملك .
وقال : لو جمع حديد الدنيا كله ما خلا منها وما بقي ما عدل حلقة من الحلق التي ذكر الله في كتابه تعالى فقال: ابن المنكدر في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا خرجه . أبو نعيم
قال عن ابن المبارك في قوله: سفيان فاسلكوه قال: بلغنا أنها تدخل في دبره حتى تخرج منه .
وقال : قال ابن جريج : السلسلة تدخل في استه ثم تخرج من فيه، ثم ينظمون فيها كما ينظم الجراد في العود حتى يشوى . خرجه ابن عباس . وخرجه أيضا من رواية ابن أبي حاتم عن العوفي . قال: تسلك في دبره حتى تخرج من منخريه حتى لا يقوم على رجليه . ابن عباس
وخرج من طريق ابن أبي الدنيا خلف بن خليفة عن أبي هاشم قال: يجعل لهم أوتاد في جهنم فيها سلاسل فتلقى في أعناقهم، فتزفر جهنم زفرة فتذهب بهم مسيرة خمسمائة سنة، ثم تجيء بهم في يوم، فذلك قوله: وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون
ومن طريق أشعث عن جعفر عن ، قال: لو انفلت رجل من أهل النار بسلسلة لزالت الجبال . [ ص: 528 ] وقال سعيد بن جبير جويبر عن في قوله: الضحاك فيؤخذ بالنواصي والأقدام قال: يجمع بين ناصيته وقدميه في سلسلة من وراء ظهره .
وقال في هذه الآية: يجمع بين ناصية الكافر وقدميه، فتربط ناصيته بقدمه وظهره ويفتل . السدي
وذكر عن الأعمش عن مجاهد ، قال: يؤخذ بناصيته وقدميه ويكسر ظهره، كما يكسر الحطب في التنور . ابن عباس
وقال سيار بن حاتم: حدثنا مسكين عن حوشب عن قال: إن جهنم ليغلي عليها من الدهر إلى يوم القيامة يحمى طعامها وشرابها وأغلالها، ولو أن غلا منها وضع على الجبال لقصمها إلى الماء الأسود ، ولو أن ذراعا من السلسلة وضع على جبل لرضه، ولو أن جبلا كان بينه وبين عذاب الله عز وجل مسيرة خمسمائة عام لذاب ذلك الجبل، وإنهم ليجمعون في السلسلة من آخرهم فتأكلهم النار وتبقى الأرواح . الحسن،
ورواه عن ابن أبي الدنيا عبد الله بن عمر الجشمي، عن المنهال بن عيسى العبدي، عن حوشب، عن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكره بمعناه، وزاد في آخره: الحسن، "تبقى الأرواح في الحناجر تصرخ " والموقوف أشبه .
وقال : أخبرت عن عبد الله بن الإمام أحمد سيار عن ابن المعزي - وكان من خيار الناس . قال: بلغني أن الأبدان تذهب وتبقى الأرواح في السلاسل .
وخرج الطبراني من طريق وابن أبي حاتم ، حدثنا منصور بن عمار بشير ابن طلحة ، عن خالد بن الدريك، عن يعلى بن منية رفع الحديث إلى النبي [ ص: 529 ] - صلى الله عليه وسلم - قال: وخرجه "ينشئ الله سبحانه لأهل النار سحابة سوداء مظلمة، فيقال: يا أهل النار، أي شيء تطلبون؟ فيذكرون بها سحابة الدنيا، فيقولون: يا ربنا الشراب، فتمطرهم أغلالا تزيد في أغلالهم، وسلاسل تزيد في سلاسلهم، وجمرا يلتهب عليهم" . موقوفا لم يرفعه . ابن أبي الدنيا
وروى عن أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس وغيره عن أبي العالية ، فذكر قصة الإسراء بطولها وفيها قال: أبي هريرة "ثم أتى على واد - يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - فسمع صوتا منكرا ووجد ريحا منتنة، فقال: ما هذا يا جبريل؟ " فقال: هذا صوت جهنم تقول: رب آتني ما وعدتني، فقد كثرت سلاسلي وأغلالي وسعيري وحميمي وغساقي وعذابي، وقد برد قعري واشتد حري فآتني ما وعدتني، قال: لك كل مشرك ومشركة، وكافر وكافرة، وكل خبيث وخبيثة وكل جبار لا يؤمن بيوم الحساب " .