أيشركون ما لا يخلق شيئا وهم يخلقون ولا يستطيعون لهم نصرا ولا أنفسهم ينصرون .
إن ، فإن كان الله هو الخالق المكون فهو المالك لما خلق وكون، وهو وحده المستحق للعبادة، سبحانه وتعالى، والله تعالى مالك السماوات والأرض وخالقهما، وخالق الإنسان، فكيف يعبد غيره؟! ولذا قال تعالى مستنكرا ما عليه الضالون: مقياس الألوهية هو الخلق والتكوين أيشركون ما لا يخلق شيئا وهم يخلقون
الاستفهام إنكاري لإنكار الواقع بمعنى التوبيخ، أي: أتشركون بالله في العبادة ما لا يخلق شيئا وهو ذاته مخلوق، وننبه هنا إلى ثلاثة أمور:
أولها - أنه هنا ذكر شركهم ولم يذكر من يشاركونه، وهو الله؛ تساميا لاسم الله تعالى عن أن يذكر مقارنا بالأوثان.
ثانيها - أنه - سبحانه وتعالى - ذكر أنهم لا يخلقون، والله خالق كل شيء وهم مخلوقون، والله خالق وليس بمخلوق.
ثالثها - أنها لا تضر ولا تنفع ولا ينصرون أحدا، ولا ينصرون أنفسهم، والله تعالى غالب على كل شيء ينفع ويضر وينصر من ينصره، إنهم لو كانت لهم عقول ما أشركوا مع الله أحدا أو شيئا من هذه الأوثان أو غيرها.
وكل مقدمات هذه الفارقات ثابتة بالبداهة لله جلت قدرته، والأوثان ثابت كل ما سلب عنهم، قال الله تعالى: يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب ما قدروا الله حق قدره إن الله لقوي عزيز
[ ص: 3033 ] وقد كان إبراهيم - عليه السلام - يقول لأبيه: يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا وجاء إبراهيم وكسر الأوثان جذاذا إلا كبيرا لهم فلم يستطيعوا نصرا، قال تعالى في ذلك: فجعلهم جذاذا إلا كبيرا لهم لعلهم إليه يرجعون