وإن فالله ناصر المؤمنين، وهازم الكافرين; ولذا قال تعالى: الله تعالى إذ ينصر المؤمنين ذلك النصر بإرادته وتقديره هو الذي يوهن شأن الكافرين، ذلكم وأن الله موهن كيد الكافرين .
الإشارة إلى نصر الله تعالى وما كان من تأييده حتى شرف الله تعالى ذلك القتل والقتال بأن نسبه إليه سبحانه، وأتى بضمير الخطاب للجمع؛ لإعلام الجميع بذلك النصر، وخبر اسم الإشارة محذوف معلوم من الكلام، أي" ذلك النصر المؤزر ثابت لكم وحسبه نعمة أنعم بها عليكم، فالنصر وحده له فرحة شديدة، فتقبلوا نعمة الله فيه، وعطف على هذا النصر أمر آخر جليل في ذاته وهو ثمرة النصر، وهو قوله تعالى: وأن الله موهن كيد الكافرين فـ موهن معطوف على ما يفهم من الكلام السابق وهو فوق بشرى النصر بشرى إضعاف وتوهين شأن المشركين وكيدهم، لقد كانوا أصحاب القوة والسطوة والسلطان والشرف في البلاد العربية، وكانوا يستطيلون بكل ذلك على المؤمنين، فلما جاء النصر المبين لتلك الفئة الصغيرة واستطالت عليهم ونالت النصر دونهم وهنوا في أنفسهم، وإذا وهنوا في ذات أنفسهم وهن كيدهم للمسلمين، وهو تدبيرهم، وتأليبهم العرب عليهم، وحربهم، وصاروا يرهبونهم بعد أن كانوا يستضعفونهم، ويرون فيهم العزة.
فهذه الحرب المقدسة كان لها ثمرتان دانيتان:
إحداهما - النصر في ذاته، وأن صارت كلمة الله هي العليا، وكلمة الشرك هي السفلى، وتلك نعمة أنعم الله تعالى بها عليهم.
[ ص: 3089 ] الثانية - أنه انتهى عهد الاستهانة بالمسلمين واستعلاء المشركين عليهم، ووهن أمر الكافرين لديهم، فكانت تلك هي الضربة القاصمة التي كسرت أنفتهم وكبرياءهم.
وعبر الله تعالى بالكافرين لبيان أن الكفر هو السبب في وهنهم، والله من ورائهم، قال الله تعالى: إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح وإن تنتهوا فهو خير لكم وإن تعودوا نعد ولن تغني عنكم فئتكم شيئا ولو كثرت وأن الله مع المؤمنين
بعد أن ذكر الله تعالى غزوة بدر الكبرى أو (يوم الفرقان) - كما سماها القرآن الكريم - أخذ يشير سبحانه وتعالى إلى المغزى الأمثل فيها، وهو الطاعة لله ورسوله، فهو كان أساس النصر، وتخاذل النصر في أحد لنقصان في الطاعة للرسول - صلى الله عليه وسلم - وفي هذه الآيات يبين الله تعالى مقصد الحرب عند الفريقين، ومقام طاعة الله تعالى فيها، قال تعالى: