ولقد بوأنا بني إسرائيل مبوأ صدق ورزقناهم من الطيبات فما اختلفوا حتى جاءهم العلم إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون
كان بنو إسرائيل في أرض فرعون في منزل دون ومكان هون، فكانوا في ذلة ومهانة فخرجوا وجاوزوا البحر في عزة ورأوا فرعون وملئه يغرقون ولقد بوأنا بني إسرائيل مبوأ صدق أي: مكنا لهم مكانا يطمئنون فيه ويبوءون مستريحين أعزة فيما بينهم مستقلين عن التبعية والذل.
وقوله: مبوأ صدق أي: مقاما مطمئنا فاضلا يبعد عن السحر والكهانة وغيرها من أوهام فرعون. وقد جاء في مفردات الراغب الأصفهاني أنه يضاف إلى الصدق الفعل الذي يوصف به نحو قوله: في مقعد صدق و: قدم صدق فالصدق هو عنوان الفضائل; لأنه يتضمن صدق القول وصدق النفس والضمير، وهو عنوان لكل عمل فاضل ومكان طيب.
وفي هذه الإقامة الطيبة الفاضلة الكريمة العزيزة رزقهم الله تعالى المن والسلوى، وقد سجل الله اختلافهم بعد أن جاءهم العلم بالحق، ورأوا المبينات [ ص: 3630 ] الواضحة الدلالة القاطعة في إثبات الوحدانية والرسالات الإلهية، ومع ذلك لما اختلفوا كانت الذلة جامعة بينهم موحدة مؤلفة، كما جاءهم العلم ومعه العزة اختلفوا على فرق والله سبحانه يحكم بينهم يوم القيامة.
* * *