القصص لتثبيت النبي ووعظ المؤمنين
قال تعالى:
nindex.php?page=treesubj&link=28882_30614_32016_28982nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=120وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=121وقل للذين لا يؤمنون اعملوا على مكانتكم إنا عاملون nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=122وانتظروا إنا منتظرون nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=123ولله غيب السماوات والأرض وإليه يرجع الأمر كله فاعبده وتوكل عليه وما ربك بغافل عما تعملون
* * *
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=120وكلا نقص عليك من أنباء الرسل التنوين في (كلا) عوض عن مضاف إليه محذوف يقدر بما يتناسب مع ما يجيء بعده، و: (كلا) منصوب بقوله تعالى: (نقص) والتقدير على ذلك، وكل نبأ أو كل خبر، أو كل قصص، نقصه عليك متى نخبرك به متتبعين خفاياه، كما يتتبع قاص الأثر الآثار.
[ ص: 3778 ]
وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=120من أنباء الرسل أي: أخبارهم ذات الشأن كدعوتهم إلى التوحيد، ورد أقوامهم، ومعاندتهم، ثم نزول الهلاك بهم، بعد أن استيأس الرسل، ووقع في نفوسهم أنهم كذبوا، ولا علاج في رشدهم، وإقرار الله تعالى لما آل إليه أمر هؤلاء المكذبين كقوله
لنوح: nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=36أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن وذكر الله تعالى ثمرة هذا القصص الذي يقصه تعالى من أنباء المرسلين، فقال عز من قائل:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=120ما نثبت به فؤادك وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين
فكأن الثمرات لهذا القصص الصادق ثلاث:
الأولى: تثبيت فؤاد النبي - صلى الله عليه وسلم - إزاء إنكار المشركين وإيذائهم للنبي عليه الصلاة والسلام ومن معه من المؤمنين فإن أولئك الرسل أوذوا كما أوذي، وكانت الباقية لهم وللمتقين فليطمئن النبي عليه الصلاة والسلام إلى العاقبة، ولا يغرنك تقلبهم في البلاد فالعاقبة لك ولأصحابك، ومعنى تثبيت فؤاد النبي - صلى الله عليه وسلم -زيادة تثبيته بأنه لم يكن بدعا من الرسل، وإذا كان الله تعالى قد عذب أقوام الأنبياء الصادقين بالعذاب الذي يجتث من فوق الأرض العصاة، فإنه سيعذب قومك بأمر إرادي كذلك لينتفي الظالمون، فيحصدون بالسيف، ويبقى غيرهم ممن يرجى أن يكون منهم أو من أصلابهم من يعبد الله.
الثانية: الموعظة، وهي الاتعاظ بمن أنزل الله تعالى عليهم العذاب، والاتعاظ طريق الإيمان، ومن لم يتعظ بغيره، فالبلاء في نفسه شديد، وهذا الاتعاظ للمؤمنين أي: الذين في قلوبهم اتجاه إلى الإيمان.
الثالثة: الذكرى، أي: التذكر الدائم المستمر لما نزل بالأقوام الظالمة.
وهذه أيضا للمؤمنين والذين يتجهون بقلب مدرك للإيمان، هذه ثمرات القصص.
[ ص: 3779 ]
وقد ذكر الله تعالى بعد تثبيت قلب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقبل موعظة المؤمنين،
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=120وجاءك في هذه الحق مؤكدا أن هذه الإيتاء هو الحق الكامل الذي لا حق فوقه لأنه ثابت صادق، وفيه التثبيت والموعظة، والتذكر الدائم، وقد أكد سبحانه وتعالى أنه الحق بـ (ال) التي تدل على أنه كمال الحق لا ريب فيه
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=120في هذه أكثر المفسرين على أن الإشارة إلى السورة، لأنها اشتملت على قصص مفصل لبعض الأنبياء. وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة أن الإشارة إلى الدنيا، والله أعلم.
الْقَصَصُ لِتَثْبِيتِ النَّبِيِّ وَوَعْظِ الْمُؤْمِنِينَ
قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=treesubj&link=28882_30614_32016_28982nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=120وَكُلا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=121وَقُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=122وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=123وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ
* * *
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=120وَكُلا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ التَّنْوِينُ فِي (كُلًّا) عِوَضٌ عَنْ مُضَافٍ إِلَيْهِ مَحْذُوفٌ يُقَدَّرُ بِمَا يَتَنَاسَبُ مَعَ مَا يَجِيءُ بَعْدَهُ، وَ: (كُلًّا) مَنْصُوبٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: (نَقُصُّ) وَالتَّقْدِيرُ عَلَى ذَلِكَ، وَكُلُّ نَبَأٍ أَوْ كُلُّ خَبَرٍ، أَوْ كُلُّ قَصَصٍ، نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مَتَى نُخْبِرُكَ بِهِ مُتَتَبِّعِينَ خَفَايَاهُ، كَمَا يَتَتَبَّعُ قَاصُّ الْأَثَرِ الْآثَارَ.
[ ص: 3778 ]
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=120مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ أَيْ: أَخْبَارِهِمْ ذَاتِ الشَّأْنِ كَدَعْوَتِهِمْ إِلَى التَّوْحِيدِ، وَرَدِّ أَقْوَامِهِمْ، وَمُعَانَدَتِهِمْ، ثُمَّ نُزُولِ الْهَلَاكِ بِهِمْ، بَعْدَ أَنِ اِسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ، وَوَقَعَ فِي نُفُوسِهِمْ أَنَّهُمْ كَذَّبُوا، وَلَا عِلَاجَ فِي رُشْدِهِمْ، وَإِقْرَارِ اللَّهِ تَعَالَى لِمَا آلَ إِلَيْهِ أَمْرُ هَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبِينَ كَقَوْلِهِ
لِنُوحٍ: nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=36أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلا مَنْ قَدْ آمَنَ وَذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى ثَمَرَةَ هَذَا الْقَصَصِ الَّذِي يَقُصُّهُ تَعَالَى مِنْ أَنْبَاءِ الْمُرْسَلِينَ، فَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=120مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ
فَكَأَنَّ الثَّمَرَاتِ لِهَذَا الْقَصَصِ الصَّادِقِ ثَلَاثٌ:
الْأُولَى: تَثْبِيتُ فُؤَادِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِزَاءَ إِنْكَارِ الْمُشْرِكِينَ وَإِيذَائِهِمْ لِلنَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنَّ أُولَئِكَ الرُّسُلَ أُوذُوا كَمَا أُوذِيَ، وَكَانَتِ الْبَاقِيَةُ لَهُمْ وَلِلْمُتَّقِينَ فَلْيَطْمَئِنَّ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إِلَى الْعَاقِبَةِ، وَلَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلَادِ فَالْعَاقِبَةُ لَكَ وَلِأَصْحَابِكَ، وَمَعْنَى تَثْبِيتِ فُؤَادِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -زِيَادَةُ تَثْبِيتِهِ بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِدَعًا مِنَ الرُّسُلِ، وَإِذَا كَانَ اللَّهُ تَعَالَى قَدْ عَذَّبَ أَقْوَامَ الْأَنْبِيَاءِ الصَّادِقِينَ بِالْعَذَابِ الَّذِي يَجْتَثُّ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ الْعُصَاةَ، فَإِنَّهُ سَيُعَذِّبُ قَوْمَكَ بِأَمْرٍ إِرَادِيٍّ كَذَلِكَ لِيَنْتَفِيَ الظَّالِمُونَ، فَيُحْصَدُونَ بِالسَّيْفِ، وَيَبْقَى غَيْرُهُمْ مِمَّنْ يُرْجَى أَنْ يَكُونَ مِنْهُمْ أَوْ مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ.
الثَّانِيَةُ: الْمَوْعِظَةُ، وَهِيَ الِاتِّعَاظُ بِمَنْ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمُ الْعَذَابَ، وَالِاتِّعَاظُ طَرِيقُ الْإِيمَانِ، وَمَنْ لَمْ يَتَّعِظْ بِغَيْرِهِ، فَالْبَلَاءُ فِي نَفْسِهِ شَدِيدٌ، وَهَذَا الِاتِّعَاظُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَيِ: الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمُ اِتِّجَاهٌ إِلَى الْإِيمَانِ.
الثَّالِثَةُ: الذِّكْرَى، أَيِ: التَّذَكُّرُ الدَّائِمُ الْمُسْتَمِرُّ لِمَا نَزَلَ بِالْأَقْوَامِ الظَّالِمَةِ.
وَهَذِهِ أَيْضًا لِلْمُؤْمِنِينَ وَاَلَّذِينَ يَتَّجِهُونَ بِقَلْبٍ مُدْرِكٍ لِلْإِيمَانِ، هَذِهِ ثَمَرَاتُ الْقَصَصِ.
[ ص: 3779 ]
وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى بَعْدَ تَثْبِيتِ قَلْبِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَقَبْلَ مَوْعِظَةِ الْمُؤْمِنِينَ،
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=120وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ مُؤَكِّدًا أَنَّ هَذِهِ الْإِيتَاءَ هُوَ الْحَقُّ الْكَامِلُ الَّذِي لَا حَقَّ فَوْقَهُ لِأَنَّهُ ثَابِتٌ صَادِقٌ، وَفِيهِ التَّثْبِيتُ وَالْمَوْعِظَةُ، وَالتَّذَكُّرُ الدَّائِمُ، وَقَدْ أَكَّدَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنَّهُ الْحَقُّ بِـ (اَلْ) الَّتِي تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَمَالُ الْحَقِّ لَا رَيْبَ فِيهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=120فِي هَذِهِ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى أَنَّ الْإِشَارَةَ إِلَى السُّورَةِ، لِأَنَّهَا اِشْتَمَلَتْ عَلَى قَصَصٍ مُفَصَّلٍ لِبَعْضِ الْأَنْبِيَاءِ. وَرُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةَ أَنَّ الْإِشَارَةَ إِلَى الدُّنْيَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.