ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين
ومعنى همت به أي: قصدته وأرادته لنفسها، فالهم بالشيء قصده، والعزم عليه، فـ همت به أرادت مخالطته في هذه الخلوة التي أرادتها، وهم بها جاء في تفسير البيضاوي، والمراد بهمه بها عليه السلام ميل الطبع ومنازعة الشهوة لا القصد الاختياري، وذلك مما لا يدخل تحت التكليف، بل الحقيق بالمدح والأجر الجزيل من الله من يكف نفسه عن الفعل عند قيام هذا الهم، أو مشارفة الهم، كقوله: قتلته لو لم أخف الله لولا أن رأى برهان ربه في قبح الزنى وسوء مغبته لخالطها لشبق الغلمة ولا يجوز أن يجعل وهم بها جواب لولا، فإنها في حكم أدوات الشرط، اه.
وخلاصة كلام البيضاوي، وهو كلام أيضا، أنها بدأت له في حال انفعال جسدي، وهمت بمخالطته وأثارت شهوته، وكان الشأن أن يهم بها وأن يقصد مخالطتها، ولكن في هذه الساعة الحرجة رأى برهان ربه وأراد الفرار من سورة الشهوة، وليس في ذلك ما يمس النبوة، بل هو يعليها، فليس الفضل لمن لا يزني وهو غير قادر، إنما الفضل لمن كف عند منازعة الشهوة ومساورتها وردها والاستقامة على الطريق. الزمخشري
دفعها عن نفسه، وتركها فشدت قميصه حتى قد من ورائه، واستبقا الباب، هي تريد الوصول إليه لتحكم إغلاقه، أو تسد عليه طريق الخروج، وهو يريد أن يسبق ليخرج طاهرا مطهرا.