ثم أخذ يبين بطلان الشرك المصري، فقال: ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنـزل الله بها من سلطان إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون
نفى وجود ما يسمونه آلهة، فهي في حقيقة أمرها لا وجود لها وجودا حقيقيا، فضلا عن أن تكون آلهة معبودة وذلك حق; لأن قدماء المصريين كانوا يفرضون آلهة للزرع، وآلهة تتوالد، وتتقاتل، كلها فروض لا وجود لها، فهي أسماء سموها وعبدوها، وتتابعت أجيالهم على عبادة ليست إلا أسماء سماها أبوهم، وتبعوهم تبعية الوهم للوهم ما كان لها وجود ما أنـزل الله بها من سلطان أي: حجة تسوغ عبادتها، وإن الحكم والسلطان والقدرة القاهرة ليست إلا لله خالق كل شيء إن الحكم إلا لله وهو الجدير بالسلطان وحده أمر ألا تعبدوا إلا إياه وقد أمر ألا تعبدوا غيره، ذلك الدين القيم أي: الدين القويم الذي مع العقل والإدراك السليم، ولكن أكثر الناس لا يعلمون أي: ليس لهم علم بالحقائق، بل تسيطر عليهم الأوهام الباطلة، التي تخدع العقول فلا تعلم، والمصريون القدماء كانوا خاضعين للأوهام، ولا تزال بقية منهم خاضعة للأوهام، وهم الذين لم يدخلوا في دين التوحيد دين الله القيم. [ ص: 3826 ]
وهكذا نرى نبي الله يوسف عليه السلام ابتدأ بإثبات معجزته، ثم نهى عن الشرك، ووجههم إلى الاقتداء بشخصه، وقد صاروا له حبيبين، ثم وازن بين الوحدانية وتعدد الآلهة، ثم بين لهم إلى أنه لا وجود لما يسمونه آلهة، وأن الدين القويم الحق الذي يوافق قضية العقل البديهية هو الوحدانية.
بعد ذلك اتجه لتأويل رؤياهما، وقد يقال إن دعوته إلى الوحدانية، كانت بين اثنين، ونقول: إن محمدا صلى الله تعالى عليه وسلم ابتدأ دعوته بين زوجه وصديقه خديجة، أبي بكر، وكان ابن تسع، ومولاه، ومكث مستخفيا بالدعوة بضع سنين، فالعدة لا تكون بكثرة العدد، ولكن بقوة الإيمان. وعلي
اتجه إليهما بعد ذلك الإرشاد قائلا: