ولقد بلغ الملك هذا التعبير، وهذا التبشير، فراعه ذلك، فأرسل إليه يحضر ليختص به: وقال الملك ائتوني به فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن إن ربي بكيدهن عليم
طمأن الملك بعلم حقيقي مما علمه ربه، فأرسل إليه ليأتوه به، ولكن الكريم ابن الكريم لا يذهب إلا مبرأ من كل إثم، وإلا مبينا أنه كان مظلوما بهذا السجن، وأنه كان فريسة كيد النساء، وإن الله تعالى عليم بكيدهن.
طلب منه التحقيق في سبب إلقائه في السجن، قال: ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن لقد كادوا لي إن ربي بكيدهن عليم ذكر النسوة اللاتي قلن امرأت العزيز تراود فتاها عن نفسه وخرج عليهن فجرحن أيديهن، اسأله ما بالهن أي: ما حالهن ومآل أمرهن. [ ص: 3832 ]
سأل عن النسوة، ولم يسأل عن امرأة العزيز، وهي التي كانت الأصل فيما نزل به، وقد أدخل السجن لستر الأمر ومنع الناس من أن يتحدثوا به، ويجعلوه ملهاة مجالسهم وسمرهم، وذلك أولا لأن تحقيق مآل النسوة يجر إلى الكلام في امرأة العزيز; لأنه مترتب على ما كان من امرأة العزيز، وثانيا، لأنه لم يرد أن يفاجئ الملك بأمر يمس شخصه، فلم يذكره، لأنه نتيجة للبحث في أمر النسوة، ولا يقوم هو بالاتهام إكراما للملك، فقد أحسن مثواه، ولكي لا يشنع عليها، ولكيلا يحرجه أمام الناس في اتهام امرأته.