قصة خلق الإنسان والجن
قال الله تعالى:
[ ص: 4084 ] ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمإ مسنون والجان خلقناه من قبل من نار السموم وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من صلصال من حمإ مسنون فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس أبى أن يكون مع الساجدين قال يا إبليس ما لك ألا تكون مع الساجدين قال لم أكن لأسجد لبشر خلقته من صلصال من حمإ مسنون قال فاخرج منها فإنك رجيم وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون قال فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين قال هذا صراط علي مستقيم إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين
ذكرت قصة خلق الإنسان وإبليس قبل ذلك، وليس في ذكرها الآن تكرار لما ذكر أولا وثانيا، بل إن لكل واحدة عبرة في ناحيتها، وكلها يشترك في أمرين ثابتين، وهو أن الله تعالى كرم الإنسان فجعله فوق الجن والملائكة إن استقام على طريقه، والثاني أن الله تعالى كرمه منذ بدء الخليقة وفي كل مرة من ذكر القصة تفصيل لأمور لم يكن في المرة الأخرى، ففي مرة ذكرها في سورة الأعراف، كيف كان الإغواء، وكيف قاسمها أنه لهما من الناصحين، وفي هذه المرة صارح بالإغواء وإصراره عليه ونتيجة هذا الإغواء، وفي السابقات لم يكن تصريح بهذا، ولنرو القصة الحق، كما نتلوها من القرآن الكريم.
[ ص: 4085 ] ذكر سبحانه وتعالى فقال عز من قائل: خلق الإنسان،
ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمإ مسنون الصلصال هو الطين اليابس، وروي ذلك عن وقال ابن عباس، هو الطين المنتن، أي الطين العطن وذلك بيان لصغر أصل الإنسان حتى لا يستكبر ويغتر، ونحن نميل إلى رأي مجاهد: رضي الله عنهما. وقوله: ابن عباس من حمإ الحمأ: الطين، و (من) ابتدائية، أي خلقناه من طين يصلصل، مسنون أي شكل بأي شكل، وليكن شكل إنسان.