والنعمة الثانية: الأمن وإقرار السلام، وهذا أشار سبحانه وتعالى إليه بآيتين كريمتين هما قوله تعالى: ادخلوها بسلام آمنين ، والثانية قوله: ونـزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين .
أما الأولى: فإن الملائكة يطلبون إليهم أن يدخلوها بسلام، يجمعهم فيها سلام حال كونهم آمنين من الأشرار وأسقام النفوس ومدافعة الأعداء، فلا [ ص: 4092 ] حرب، ولا خصام ولا نزاع من نوع ما كان يجري في الأرض، وهناك راحة نفسية، وهي أبرك النعم بعد الأمن، أشار إليه سبحانه بقوله تعالى: ونـزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين نزع الله تعالى ما في النفوس من الغل الذي يتكون من الحقد، والحسد وحب الاستعلاء؛ لأنه سبب في شقاء الدنيا، فالناس يشقون إذا ملأ الحقد والحسد قلوبهم، فالحاسد في هم دائم وتعب ملازم، وكلما تكاثرت النعم على المحسود تفاقمت النقم على الحاسد، ومن كان في قلبه حقد أوجب انتقاما - فهو يضم بين جنبيه نارا تلهب دائما وتؤجج أضغان القلوب.
وقد صور النفوس المطمئنة فقال: إخوانا على سرر متقابلين أي جالسين على سرر جمع سرير، متقابلين بوجوه مقبلة فرحة مستبشرة، وهذه نعمة أخرى من أجل النعم الإنسانية وهي نعمة الأخوة والمحبة المتوادة المتراحمة، ويروى أن المجاهد الأعظم بعد رسول الله كرم الله وجهه عندما قرأ هذه الآية قال: «أرجو أن أكون أنا عليا وعثمان وطلحة منهم» رضي الله تعالى عن أولئك الأطهار، ولعن الأشرار الذين بثوا بينهم وتاب على من هو أهل للتوبة منهم. والزبير