ليكفروا بما آتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون .
اللام هنا لام الأمر، كاللام في قوله تعالى: ليقض علينا ربك والأمر هنا معناه التهديد، ووصف أفعالهم بأنها سيئة، ومن أشرك بربه بعد نعمته التي أنعمها عليه بأن يؤمر بالسير في غيه، وهذا كقوله - صلى الله عليه وسلم - ، فالأمر ليس للطلب، ولكن لبيان أنهم [ ص: 4196 ] قد فسدت فطرتهم وضلت عقولهم، حتى صاروا جديرين بألا يكون منهم إلا الشر. " إذا لم تستح فاصنع ما شئت "
أو نقول: اللام للعاقبة، ويكون المعنى: لتكون العاقبة بأنهم كفروا بما آتيناهم من حق، وكتاب مبارك لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
وإذا كانوا على ذلك النحو من الفساد والضلال النفسي فجدير أن يتمتعوا كما تتمتع البهائم من غير تفكر ولا تدبر؛ ولذا فتمتعوا الفاء للإفصاح إذا كنتم على هذا الضلال وكفران النعمة والإشراك بربكم، فتمتعوا والأمر للتهديد، وقوله تعالى: فسوف تعلمون (الفاء) لترتيب ما بعدها على ما قبلها، أي: فيها بيان لما يستقبلهم، و(سوف) لتأكيد الفعل في المستقبل، أي: إذا كنتم في حاضركم متمتعين بما تملكون من متع، فمستقبلكم المغيب عنكم ستعلمونه علم معاينة وهو عذاب شديد، فقوله تعالى: فسوف تعلمون يتضمن تهديدا بعذاب مهين.