ولقد قال تعالى موجها القول إلى النبي صلى الله عليه وسلم لإبطال شركهم:
قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا
[ ص: 4389 ] هذه الآية الكريمة متصلة بقوله تعالى: ولا تجعل مع الله إلها آخر فتلقى في جهنم ملوما مدحورا وتوسط بينهما وهم أن الملائكة بنات، وتصريف القرآن ليتذكروا، وذلك للإشارة إلى أن الذين يجعلون مع الله آلهة أخرى يتبعون الأوهام ويصيبهم الخبال بهذه الأوهام، ولا يجد الدليل الإيجابي مجازا إلى قلوبهم، فصرف الله تعالى القرآن ليتذكروا فأبوا إلا نفورا كشأن أعداء الحق، ويبين الله تعالى على لسان نبيه بطلان ما يعبدون، فيقول سبحانه:
قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا
ذو العرش هو الله تعالى، وعبر بهذا التعبير لبيان كمال سلطانه في ملكه وأنه لا شريك له، فأظهر بعد الإضمار لذلك، والمعنى كما يقرر لو كان مع الله تعالى آلهة غيره كما يدعون لنازعوه السلطان في الوجود، ولعاندوه في خلقه، ولكن لا يمكن ذلك، وإلا فسد الكون، كما قال تعالى: ابن عباس: لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش عما يصفون
ويكون هذا الكلام لإبطال زعمهم بدليل يؤدي إليه من نزاع وذلك باطل، وقد خرج الآية آخرون تخريجا فيه مثل هذه من حيث إنه إبطال الدعوة التي يدعونها، وذلك التخريج الآخر أنهم قالوا: إن المعنى أنه لو كان هناك آلهة كما يقولون لابتغوا أي: لطلبوا سبيلا لذي العرش ليعبدوه، كما قال تعالى في آية أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة فأتى سبحانه ببرهان التوحيد من دعواهم، أي أن التي يدعون لها الألوهية خاضعة لله؛ لأن كل من في الوجود خاضع لله تعالى؛ لأن له السلطان الأعلى في ملكوت السماوات والأرض.
ومهما يكن التخريج فإن الآية إبطال لعبادة الأوثان وأنها من الأوهام وأنها من أنهم يقفون ما ليس لهم به علم، فيقعون في الباطل وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.