معاني السورة الكريمة
قال الله (تعالى):
nindex.php?page=treesubj&link=32450_34237_28990nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=1كهيعص nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=2ذكر رحمت ربك عبده زكريا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=3إذ نادى ربه نداء خفيا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=4قال رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا ولم أكن بدعائك رب شقيا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=5وإني خفت الموالي من ورائي وكانت امرأتي عاقرا فهب لي من لدنك وليا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=6يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا [ ص: 4607 ] nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=7يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=8قال رب أنى يكون لي غلام وكانت امرأتي عاقرا وقد بلغت من الكبر عتيا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=9قال كذلك قال ربك هو علي هين وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=10قال رب اجعل لي آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=11فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=12يا يحيى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=13وحنانا من لدنا وزكاة وكان تقيا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=14وبرا بوالديه ولم يكن جبارا عصيا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=15وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا
هذا عصر كثرت فيه
nindex.php?page=treesubj&link=28752خوارق العادات؛ لأنها كانت تصحيحا للعقول؛ وإزالة لفكرة خاطئة؛ وقعت فيها الفلسفة التي كانت سائدة في هذا العصر؛ وهي نظام الأسباب العادية؛ وترتيب مسبباتها عليها؛ وأنه هو النظام المطرد المستقر؛ الذي لا يمكن تغييره؛ وهو النظام الموجود؛ حتى زعموا أن الله خلقت عنه الأشياء منفعلة بالعلية؛ وأنه ليس باختيار من الله (تعالى)؛ وإرادة؛ فكل ما في الوجود جاء منفعلا عن علة؛ وهو علة لغيره؛ حتى يتوالى كله بنظام العلية؛ فالأب علة لوجود ابنه؛ إذا كان قويا؛ والأم علة لوجود ولدها؛ إذا كانت سليمة قوية؛ ليست عاقرا.
وكان لا بد لتصحيح هذه الفلسفة؛ ولبيان بطلانها أن تكون أشياء بغير أسبابها التي استقرت أفهامهم على أنها أسباب طبيعية لها؛ وفي هذه السورة الكريمة كان
[ ص: 4608 ] أمران فيهما نقض لنظام الأسباب والمسببات؛ يدل على أن الوجود خلق بإرادة مختار؛ وأن الله (تعالى) فعال لما يريد؛ الأمر الأول: ولادة عاقر؛ وزوجها بلغ من الكبر عتيا؛ والأمر الثاني: ولادة ولد من غير أب؛ وإذا كانت الأولى فيها الولادة من أم غير صالحة للإنجاب؛ فالثانية ولادة من أم لم يثبت عدم صلاحيتها للإنجاب؛ ولكن من غير أب مطلقا؛ صالحا للإنجاب؛ أو غير صالح.
"كهيعص "؛ قلنا في الحروف التي تبدأ بها بعض السور: إن معناها قد اختص به علم الله (تعالى)؛ ولنا أن نتعرف الحكمة في ابتداء بعض السور بها؛ وأشرنا إلى أنها تنبه لإعجاز القرآن؛ وأنه مؤلف من الحروف التي يتألف منها كلامكم؛ ومع ذلك عجزتم أن تأتوا بمثلها؛ وأنها تنبه الأذهان للاستماع؛ وقد كان المشركون تعاهدوا على ألا يسمعوا لهذا القرآن؛ ويلغوا فيه:
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=26وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون ؛ فإذا تليت عليهم تلك الحروف بغنها؛ ومدها؛ نبهتهم؛ فيستمعون إليها؛ تهجم عليهم الآيات المفهومة المدركة؛ فيستمعون إليها راغمين؛ غير مختارين؛ وهي أسماء للسور؛ وذكر للكتاب.
مَعَانِي السُّورَةِ الْكَرِيمَةِ
قَالَ اللَّهُ (تَعَالَى):
nindex.php?page=treesubj&link=32450_34237_28990nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=1كهيعص nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=2ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=3إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=4قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=5وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=6يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا [ ص: 4607 ] nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=7يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=8قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=9قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=10قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=11فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=12يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=13وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=14وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=15وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا
هَذَا عَصْرٌ كَثُرَتْ فِيهِ
nindex.php?page=treesubj&link=28752خَوَارِقُ الْعَادَاتِ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ تَصْحِيحًا لِلْعُقُولِ؛ وَإِزَالَةً لِفِكْرَةٍ خَاطِئَةٍ؛ وَقَعَتْ فِيهَا الْفَلْسَفَةُ الَّتِي كَانَتْ سَائِدَةً فِي هَذَا الْعَصْرِ؛ وَهِيَ نِظَامُ الْأَسْبَابِ الْعَادِيَّةِ؛ وَتَرْتِيبِ مُسَبَّبَاتِهَا عَلَيْهَا؛ وَأَنَّهُ هُوَ النِّظَامُ الْمُطَّرِدُ الْمُسْتَقِرُّ؛ الَّذِي لَا يُمْكِنُ تَغْيِيرُهُ؛ وَهُوَ النِّظَامُ الْمَوْجُودُ؛ حَتَّى زَعَمُوا أَنَّ اللَّهَ خُلِقَتْ عَنْهُ الْأَشْيَاءُ مُنْفَعِلَةً بِالْعِلِّيَّةِ؛ وَأَنَّهُ لَيْسَ بِاخْتِيَارٍ مِنَ اللَّهِ (تَعَالَى)؛ وَإِرَادَةٍ؛ فَكُلَّ مَا فِي الْوُجُودِ جَاءَ مُنْفَعِلًا عَنْ عِلَّةٍ؛ وَهُوَ عِلَّةٌ لِغَيْرِهِ؛ حَتَّى يَتَوَالَى كُلُّهُ بِنِظَامِ الْعِلِّيَّةِ؛ فَالْأَبُ عِلَّةٌ لِوُجُودِ ابْنِهِ؛ إِذَا كَانَ قَوِيًّا؛ وَالْأُمُّ عِلَّةٌ لِوُجُودِ وَلَدِهَا؛ إِذَا كَانَتْ سَلِيمَةً قَوِيَّةً؛ لَيْسَتْ عَاقِرًا.
وَكَانَ لَا بُدَّ لِتَصْحِيحِ هَذِهِ الْفَلْسَفَةِ؛ وَلِبَيَانِ بُطْلَانِهَا أَنْ تَكُونَ أَشْيَاءٌ بِغَيْرِ أَسْبَابِهَا الَّتِي اسْتَقَرَّتْ أَفْهَامُهُمْ عَلَى أَنَّهَا أَسْبَابٌ طَبِيعِيَّةٌ لَهَا؛ وَفِي هَذِهِ السُّورَةِ الْكَرِيمَةِ كَانَ
[ ص: 4608 ] أَمْرَانِ فِيهِمَا نَقْضٌ لِنِظَامِ الْأَسْبَابِ وَالْمُسَبَّبَاتِ؛ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوُجُودَ خُلِقَ بِإِرَادَةِ مُخْتَارٍ؛ وَأَنَّ اللَّهَ (تَعَالَى) فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ؛ الْأَمْرُ الْأَوَّلُ: وِلَادَةٌ عَاقِرٍ؛ وَزَوْجُهَا بَلَغَ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا؛ وَالْأَمْرُ الثَّانِي: وِلَادَةُ وَلَدٍ مِنْ غَيْرِ أَبٍ؛ وَإِذَا كَانَتِ الْأُولَى فِيهَا الْوِلَادَةُ مِنْ أُمٍّ غَيْرِ صَالِحَةٍ لِلْإِنْجَابِ؛ فَالثَّانِيَةُ وِلَادَةٌ مِنْ أُمٍّ لَمْ يَثْبُتْ عَدَمُ صَلَاحِيَتِهَا لِلْإِنْجَابِ؛ وَلَكِنْ مِنْ غَيْرِ أَبٍ مُطْلَقًا؛ صَالِحًا لِلْإِنْجَابِ؛ أَوْ غَيْرَ صَالِحٍ.
"كهيعص "؛ قُلْنَا فِي الْحُرُوفِ الَّتِي تُبْدَأُ بِهَا بَعْضُ السُّوَرِ: إِنَّ مَعْنَاهَا قَدِ اخْتُصَّ بِهِ عِلْمُ اللَّهِ (تَعَالَى)؛ وَلَنَا أَنْ نَتَعَرَّفَ الْحِكْمَةَ فِي ابْتِدَاءِ بَعْضِ السُّوَرِ بِهَا؛ وَأَشَرْنَا إِلَى أَنَّهَا تُنَبِّهُ لِإِعْجَازِ الْقُرْآنِ؛ وَأَنَّهُ مُؤَلَّفٌ مِنَ الْحُرُوفِ الَّتِي يَتَأَلَّفُ مِنْهَا كَلَامُكُمْ؛ وَمَعَ ذَلِكَ عَجَزْتُمْ أَنْ تَأْتُوا بِمِثْلِهَا؛ وَأَنَّهَا تُنَبِّهُ الْأَذْهَانَ لِلِاسْتِمَاعِ؛ وَقَدْ كَانَ الْمُشْرِكُونَ تَعَاهَدُوا عَلَى أَلَّا يَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ؛ وَيَلْغُوا فِيهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=26وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ ؛ فَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ تِلْكَ الْحُرُوفُ بِغَنِّهَا؛ وَمَدِّهَا؛ نَبَّهَتْهُمْ؛ فَيَسْتَمِعُونَ إِلَيْهَا؛ تَهْجُمُ عَلَيْهِمُ الْآيَاتُ الْمَفْهُومَةُ الْمُدْرَكَةُ؛ فَيَسْتَمِعُونَ إِلَيْهَا رَاغِمِينَ؛ غَيْرَ مُخْتَارِينَ؛ وَهِيَ أَسْمَاءٌ لِلسُّورِ؛ وَذِكْرٌ لِلْكِتَابِ.