ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون نفى - سبحانه وتعالى - أن يكون له ولد؛ مثبتا له - سبحانه -؛ بلحن القول وبصريحه؛ إن ذلك ليس من شأنه؛ ولا من صفات الكمال والجلال؛ اتصف - سبحانه وتعالى - بها مخالفا الحوادث؛ فقال: ما كان لله أن يتخذ من ولد أي: ما ساغ؛ وما استقام أن يتخذ من ولد؛ أي ولد كان؛ عيسى؛ أو غيره; لأنه منزه عن مشابهته للحوادث; ولأنه دليل الاحتياج؛ والله غني حميد؛ لا يحتاج لأحد; ولأنه خالق الوجود؛ فنسبة كل موجود إليه؛ كنسبة المخلوق للخالق; ولأنه لو كان له ولد لكانت له صاحبة تلده؛ ولذا قال (تعالى): بديع السماوات والأرض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم ؛ وقد صرح - سبحانه - بتنزيهه عن ذلك؛ فقال (تعالى): "سبحانه "؛ أي: تقدست ذاته المتصفة بالكمال؛ والغنى عن كل البشر؛ والذي ليس كمثله شيء؛ عن ذلك؛ إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون أي: إذا حكم بوجود أمر أراد أن يوجد تكون إرادته وحده هي الموجدة؛ وحدها من غير أوساط؛ ولا وسائط؛ وقد شبه حاله في ذلك [ ص: 4639 ] في سرعة الإيجاد؛ ومن غير وسائط؛ بما إذا قال: "كن "؛ فيكون؛ لسرعة الإيجاد؛ ولأنه وحده الفعال لما يريد؛ فلا مكان لغير إرادته - سبحانه.
وإن الله - سبحانه - هو المعبود وحده؛ ولذا قال (تعالى): وإن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم هذا من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره الله (تعالى) بأن يقوله بعد أن قص ولادة عيسى - عليه السلام -؛ وامتراء الناس في أمره؛ وقد ادعوا بنوته؛ وألوهيته؛ فأمر نبيه أن يقرر الحق في العبادة؛ فقال: