[ ص: 4661 ] أنبياء ليسوا من ذرية إبراهيم
قال الله (تعالى): واذكر في الكتاب إدريس إنه كان صديقا نبيا ورفعناه مكانا عليا أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل وممن هدينا واجتبينا إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا
تلك تذكر لما فيها من عبرة؛ ولما فيها من دعوة إلى الاقتداء بهم؛ وسلوك طريقهم؛ فهم أسوة الأبرار؛ وطريقهم هو طريق الأخيار؛ وإذا كان طريق إبليس طريق الأشرار؛ فطريقهم هو طريق الأخيار. أخبار النبيين؛
وابتدأ بذكر إدريس؛ فقال - عز من قائل -: واذكر في الكتاب إدريس إنه كان صديقا نبيا ورفعناه مكانا عليا الكتاب هو القرآن؛ كما أشرنا من قبل؛ والخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم -؛ وإدريس؛ قيل: إنه كان قبل نوح؛ ولا نجد ما يدل على ذلك من كتاب ولا سنة؛ وإنما هي أخبار كتاب قصص الأنبياء.
ورد في تفسير القرطبي : إدريس - عليه السلام - وأول من خاط الثياب؛ ولبس المخيط؛ أول من خط بالقلم؛ وإذا صح هذا فربما يكون أقدم من وأول من خط في علم النجوم والحساب؛ نوح؛ ولكنا في مثل هذا نقول: علمه عند الله؛ وإنه لا يزيل إبهاما في القرآن؛ ولا يأتي بعلم جديد؛ وإنه لمن أمر: "فالظن لا يغني من الحق شيئا "؛ ويؤكد أنه جد أبي الزمخشري نوح - عليه السلام -؛ ويقول بعض العلماء: إنه إلياس - عليه السلام - المذكور في سورة "الصافات "؛ وقد قال - عن إلياس - عليه السلام - في سورة "الصافات " -: [ ص: 4662 ] وإن إلياس لمن المرسلين إذ قال لقومه ألا تتقون أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين الله ربكم ورب آبائكم الأولين فكذبوه فإنهم لمحضرون إلا عباد الله المخلصين وتركنا عليه في الآخرين
وإذا صح أن إدريس هو إلياس؛ تكون سورة "الصافات "؛ قد بينت دعوته؛ وأن قومه أنكروا وكذبوا؛ وقد وصف الله (تعالى) في هذه الآية إدريس بثلاث صفات؛ الوصف الأول والثاني: إنه كان صديقا نبيا فهو صديق؛ لا يقول إلا حقا؛ ويصدق الحق؛ وينفذه؛ ولا يتردد في تنفيذه؛ ومعه الإذعان له؛ من غير تململ؛ بل باطمئنان ورضا وقبول؛ وكان نبيا قد كلف بتبليغ رسالة ربه.
الوصف الثالث: أن الله (تعالى) رفعه منزلة عالية؛ وقد عبر - سبحانه وتعالى - عن ذلك بقوله: