[ ص: 4664 ] خلف أولئك الأنبياء
قال الله (تعالى):
nindex.php?page=treesubj&link=27521_30525_30532_30539_32509_842_28990nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=59فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=60إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=61جنات عدن التي وعد الرحمن عباده بالغيب إنه كان وعده مأتيا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=62لا يسمعون فيها لغوا إلا سلاما ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=63تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=64وما نتنـزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك وما كان ربك نسيا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=65رب السماوات والأرض وما بينهما فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سميا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=59فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا الفاء للترتيب والتعقيب؛ فهي تفيد أنه جاء عقب هؤلاء الأطهار من تنكبوا طريقهم؛ وخرجوا عن منهاجهم؛ وليس معنى ذلك أنه لم يكن فيهم من خالف المنهاج من أقوامهم؛ بل كان كل نبي من هؤلاء الأنبياء من لقي مقاومة من قومه؛ فمن قوم
نوح من قاومه؛ وقالوا:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=27وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي ؛ وهذا كان شأن كل المصطفين الأخيار؛ من
[ ص: 4665 ] قووم في عصره؛ فكيف يقال: "خلف هؤلاء "؛ مع أنهم كان أمثالهم في عصرهم؛ ونقول: إن أولئك الأخلاف الذين خالفوا النبيين؛ كانوا في أقوام من أتباعهم من حرفوا أقوال النبيين؛ وحرفوا القول عن مواضعه؛ كبني إسرائيل؛ والذين حملوا إنجيل
عيسى؛ كان منهم من تخلف عن هدايته؛ وتنكب عن سبيله.
وصف الله (تعالى) الأخلاف الذين انحرفوا بسبب هذا الانحراف؛ ونتيجته؛ فقال - عز من قائل -:
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=59فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات وذكر أسباب انحرافهم؛ فحصرها في أمرين؛ أو ذكر أن أكبر أسبابه أمران؛ الأمر الأول: أنهم "أضاعوا الصلاة "؛ ومعنى إضاعة الصلاة إضاعة الدين؛ لأنها عمود كل دين؛ وكما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:
"لا دين من غير صلاة "؛ فهي سمة الدين وشعاره؛ ومعنى إضاعتها إهمالها؛ أو الصلاة من غير إقامتها على وجهها؛ أو
nindex.php?page=treesubj&link=25353الصلاة التي فقدت الخشوع والخضوع؛ وهذا لبابها؛ أو الإتيان بصلاة لا تنهى عن الفحشاء والمنكر؛ بل تلابسهما.
الأمر الثاني: هو اتباع الشهوات؛ فإنه إذا سيطرت الشهوات على النفس؛ وصارت سيدا مطاعا انحرف الاعتقاد تبعا لها؛ وحينئذ يتخذون إلههم هواهم؛ وكان معبودهم؛ وسرى ذلك إلى كل أعمالهم.
وقد نبه - سبحانه - إلى النتيجة من ذلك؛ فقال (تعالى):
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=59فسوف يلقون غيا "الغي ": ضد الرشاد؛ وهو الغواية؛ وهي تنكب الطريق المستقيم؛ إن اتباع الشهوات وجعل الأهواء لها السلطان الأكمل سبيل الفساد والغواية؛ وبها تنكب الرشاد; وذلك أن الهدى والعقل نقيضان؛ لا يجتمعان في قلب واحد؛ فإذا كان سلطان الهوى ذهب العقل؛ وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=59فسوف يلقون "سوف "؛ هنا لتأكيد وقوع الفعل في المستقبل؛ وقوله (تعالى): "يلقون "؛ أي: يجدون أمامهم؛ وهو نتيجة طبيعية لترك الصلاة؛ واتباع الشهوات.
وإن الله (تعالى) الكريم يستثني المتقين الأبرار; ولذا قال (تعالى):
[ ص: 4666 ] /
[ ص: 4664 ] خَلَفُ أُولَئِكَ الْأَنْبِيَاءِ
قَالَ اللَّهُ (تَعَالَى):
nindex.php?page=treesubj&link=27521_30525_30532_30539_32509_842_28990nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=59فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=60إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئًا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=61جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=62لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلا سَلامًا وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=63تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=64وَمَا نَتَنَـزَّلُ إِلا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=65رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=59فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا اَلْفَاءُ لِلتَّرْتِيبِ وَالتَّعْقِيبِ؛ فَهِيَ تُفِيدُ أَنَّهُ جَاءَ عَقِبَ هَؤُلَاءِ الْأَطْهَارِ مَنْ تَنَكَّبُوا طَرِيقَهُمْ؛ وَخَرَجُوا عَنْ مِنْهَاجِهِمْ؛ وَلَيْسَ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مَنْ خَالَفَ الْمِنْهَاجَ مِنْ أَقْوَامِهِمْ؛ بَلْ كَانَ كُلُّ نَبِيٍّ مِنْ هَؤُلَاءِ الْأَنْبِيَاءِ مَنْ لَقِيَ مُقَاوَمَةً مِنْ قَوْمِهِ؛ فَمِنْ قَوْمِ
نُوحٍ مَنْ قَاوَمَهُ؛ وَقَالُوا:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=27وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ ؛ وَهَذَا كَانَ شَأْنَ كُلِّ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ؛ مَنْ
[ ص: 4665 ] قُووِمَ فِي عَصْرِهِ؛ فَكَيْفَ يُقَالُ: "خَلَفُ هَؤُلَاءِ "؛ مَعَ أَنَّهُمْ كَانَ أَمْثَالَهُمْ فِي عَصْرِهِمْ؛ وَنَقُولُ: إِنَّ أُولَئِكَ الْأَخْلَافَ الَّذِينَ خَالَفُوا النَّبِيِّينَ؛ كَانُوا فِي أَقْوَامٍ مِنْ أَتْبَاعِهِمْ مَنْ حَرَّفُوا أَقْوَالَ النَّبِيِّينَ؛ وَحَرَّفُوا الْقَوْلَ عَنْ مَوَاضِعِهِ؛ كَبَنِي إِسْرَائِيلَ؛ وَالَّذِينَ حُمِّلُوا إِنْجِيلَ
عِيسَى؛ كَانَ مِنْهُمْ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْ هِدَايَتِهِ؛ وَتَنَكَّبَ عَنْ سَبِيلِهِ.
وَصَفَ اللَّهُ (تَعَالَى) الْأَخْلَافَ الَّذِينَ انْحَرَفُوا بِسَبَبِ هَذَا الِانْحِرَافِ؛ وَنَتِيجَتَهُ؛ فَقَالَ - عَزَّ مِنْ قَائِلٍ -:
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=59فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ وَذَكَرَ أَسْبَابَ انْحِرَافِهِمْ؛ فَحَصَرَهَا فِي أَمْرَيْنِ؛ أَوْ ذَكَرَ أَنَّ أَكْبَرَ أَسْبَابِهِ أَمْرَانِ؛ الْأَمْرُ الْأَوَّلُ: أَنَّهُمْ "أَضَاعُوا الصَّلَاةَ "؛ وَمَعْنَى إِضَاعَةِ الصَّلَاةِ إِضَاعَةُ الدِّينِ؛ لِأَنَّهَا عَمُودُ كُلِّ دِينٍ؛ وَكَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
"لَا دِينَ مِنْ غَيْرِ صَلَاةٍ "؛ فَهِيَ سِمَةُ الدِّينِ وَشِعَارُهُ؛ وَمَعْنَى إِضَاعَتُهَا إِهْمَالُهَا؛ أَوِ الصَّلَاةُ مِنْ غَيْرِ إِقَامَتِهَا عَلَى وَجْهِهَا؛ أَوِ
nindex.php?page=treesubj&link=25353الصَّلَاةُ الَّتِي فَقَدَتِ الْخُشُوعَ وَالْخُضُوعَ؛ وَهَذَا لُبَابُهَا؛ أَوِ الْإِتْيَانُ بِصَلَاةٍ لَا تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ؛ بَلْ تُلَابِسُهُمَا.
اَلْأَمْرُ الثَّانِي: هُوَ اتِّبَاعُ الشَّهَوَاتِ؛ فَإِنَّهُ إِذَا سَيْطَرَتِ الشَّهَوَاتُ عَلَى النَّفْسِ؛ وَصَارَتْ سَيِّدًا مُطَاعًا انْحَرَفَ الِاعْتِقَادُ تَبَعًا لَهَا؛ وَحِينَئِذٍ يَتَّخِذُونَ إِلَهَهُمْ هَوَاهُمْ؛ وَكَانَ مَعْبُودَهُمْ؛ وَسَرَى ذَلِكَ إِلَى كُلِّ أَعْمَالِهِمْ.
وَقَدْ نَبَّهَ - سُبْحَانَهُ - إِلَى النَّتِيجَةِ مِنْ ذَلِكَ؛ فَقَالَ (تَعَالَى):
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=59فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا "اَلْغَيُّ ": ضِدُّ الرَّشَادِ؛ وَهُوَ الْغَوَايَةُ؛ وَهِيَ تَنَكُّبُ الطَّرِيقِ الْمُسْتَقِيمِ؛ إِنَّ اتِّبَاعَ الشَّهَوَاتِ وَجَعْلَ الْأَهْوَاءِ لَهَا السُّلْطَانُ الْأَكْمَلُ سَبِيلُ الْفَسَادِ وَالْغَوَايَةِ؛ وَبِهَا تَنَكُّبُ الرَّشَادِ; وَذَلِكَ أَنَّ الْهُدَى وَالْعَقْلَ نَقِيضَانِ؛ لَا يَجْتَمِعَانِ فِي قَلْبٍ وَاحِدٍ؛ فَإِذَا كَانَ سُلْطَانُ الْهَوَى ذَهَبَ الْعَقْلُ؛ وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=59فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ "سَوْفَ "؛ هُنَا لِتَأْكِيدِ وُقُوعِ الْفِعْلِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ؛ وَقَوْلُهُ (تَعَالَى): "يَلْقَوْنَ "؛ أَيْ: يَجِدُونَ أَمَامَهُمْ؛ وَهُوَ نَتِيجَةٌ طَبِيعِيَّةٌ لِتَرْكِ الصَّلَاةِ؛ وَاتِّبَاعِ الشَّهَوَاتِ.
وَإِنَّ اللَّهَ (تَعَالَى) الْكَرِيمَ يَسْتَثْنِي الْمُتَّقِينَ الْأَبْرَارَ; وَلِذَا قَالَ (تَعَالَى):
[ ص: 4666 ] /