وكم أهلكنا قبلهم من قرن هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا "القرن ": الجماعة من الناس التي تعيش في عصر واحد؛ فالقرن: الجماعة؛ وليس الزمن؛ و "الركز "؛ هو الصوت الخفي؛ ومعنى ذلك أنهم أبيدوا؛ وصارت آثارهم تنبئ عنهم؛ ليكونوا عبرة المعتبرين؛ وليكونوا المثلات لمن يرتكبون مثل ما فعلوا؛ و "الركز "؛ يقال لكل شيء مختف؛ فيقال: "ركز الرمح "؛ أي: اختفى في الأرض؛ و "الركاز ": المال المختفي؛ كذلك قال في الكشاف. الزمخشري
وإن هذا بلا ريب إنذار للمشركين في الدنيا بالهلاك والدمار؛ كما كان لقوم نوح؛ إذ أغرقهم؛ ولقوم هود؛ وصالح؛ إذ جاءتهم ريح صرصر عاتية؛ ولقوم لوط؛ إذ جعل - سبحانه وتعالى - أرضهم عاليها سافلها؛ وهكذا؛ ولكن المشركين لم ينزل - سبحانه - ذلك بهم؛ ولكنه ذكره لبيان عاقبة الكفر؛ أولا؛ وعظيم قدرته؛ ثانيا؛ وما يتعرضون له؛ ثالثا؛ أما مشركو مكة فلم ينزل بهم ذلك العذاب المستأصل; لأن محمدا - صلى الله عليه وسلم - خاتم النبيين؛ فلا بد أن تبقى طائفة من أمته ظاهرة على الحق؛ داعية إليه - سبحانه -؛ وقد كان من أولئك المشركين من هداه الله؛ وكان قوة للمؤمنين؛ وعزا للإسلام؛ وكان من ذرية العاتين من صار من نصراء المؤمنين؛ والله بكل شيء عليم.
كعكرمة بن أبي جهل؛