قال خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى ما كان لموسى وهو مضطرب بسبب المفاجأة؛ لهذا الانقلاب؛ أن يمد يده إليها ليأخذها إلا بعد الاطمئنان؛ وقرار النفس؛ ولذا قرن - سبحانه وتعالى - الأمر بأخذها بالنهي عن الخوف؛ لتقر نفسه وتطمئن؛ وبين له: إن ما أزعجك من الانقلاب زائل؛ ولذا قال - عز من قائل -: سنعيدها سيرتها الأولى حيث كنت تستخدمها في التوكؤ عليها؛ والهش على غنمك؛ والمآرب الأخرى التي كنت تنتفع بها؛ و "السيرة ": اسم هيئة؛ على وزن "فعلة "؛ بكسر الفاء؛ أي: سنعيدها على الهيئة التي كنت تستخدمها فيها؛ قارا مطمئنا؛ وقد ذكر ثلاثة وجوه لـ "سيرة "؛ أولها أنها ظرف؛ وثانيها أنها مفعول ثان لـ "أعاد "؛ لأن "عاد " - أصلها - متعدية بنفسها؛ من قولهم: "عاد المريض؛ يعوده "؛ فإذا جاءت همزة التعدية صار يتعدى لمفعولين؛ والثالث - وهو الذي رجحه - وقد ذكره بقوله: ووجه ثالث حسن؛ وهو أن يكون "سنعيدها "؛ مستقلا بنفسه؛ غير متعلق بـ "سيرتها "؛ بمعنى أنها أنشئت أول ما أنشئت عصا؛ ثم ذهبت؛ وبطلت بالقلب حية؛ فسنعيدها بعد ذهابها كما أنشئت أولا؛ ونصب "سيرتها "؛ بفعل مضمر؛ أي: "تسير سيرتها الأولى "؛ جملة هذا ما قاله الزمخشري ؛ وما كان لنا أن نسير في هذا التوجيه الإعرابي؛ ولتمام القول فيه أنه على هذا الإعراب الأخير تكون "سيرتها "؛ مع الفعل المحذوف جملة حالية؛ وقبل أن نترك القول في الآية الكريمة نقول: إن "سيرة "؛ فعل [ ص: 4716 ] هيئة من "سار "؛ وهي تطلق ابتداء على السير الحسي؛ وهو هنا قريب من ذلك؛ ثم أطلقت على المعنويات؛ فقيل: "سيرة فلان "؛ أي: مسلكه في الحياة؛ وقيل: "سيرة النبيين "؛ ثم أطلقت على المذهب والطريقة. الزمخشري