أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون "أف "؛ جاء في مفردات الراغب: أصل "الأف "؛ كل مستقذر؛ من وسخ؛ وقلامة ظفر؛ وما يجرى مجراهما؛ ويقال لكل مستخف استقذارا له؛ فمعنى "أف لكم "؛ استقذار لكم؛ ولما تعبدون؛ والاستقذار هنا معنوي؛ لقول الله: يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا ؛ وكذا الأمر في أحجارهم؛ فهي مستقذرة يتأفف منها؛ كما تأفف من عابديها؛ وختم - سبحانه وتعالى - الآية بقوله (تعالى): أفلا تعقلون الاستفهام هنا لإنكار الوقوع؛ أي: بمعنى النفي؛ مع التوبيخ؛ وتحريض على التفكير والتعقل؛ وألا يطرحوا عقولهم وراء ظهورهم.
وإن المعرض عن الحق كلما جاء الدليل أعرض ونأى بجانبه؛ ويزداد لجاجة في باطله؛ هذا إبراهيم الخليل - عليه السلام - قد حطم أصنامهم؛ ورأوها جذاذا؛ حطاما؛ وتبين أن هؤلاء لا ينطقون؛ وكان حقا عليهم أن يذعنوا للحق إذ جاءهم؛ ولكنهم لجوا في الفتنة والضلال؛ وعتوا عتوا كبيرا؛ وأرادوا إحراق الناطق بالحق؛