إبراهيم.. ومعه خبر النبيين من بعد
ونجيناه ولوطا إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين ولوطا آتيناه حكما وعلما ونجيناه من القرية التي كانت تعمل الخبائث إنهم كانوا قوم سوء فاسقين وأدخلناه في رحمتنا إنه من الصالحين
كان لوط ذا قرابة بإبراهيم - عليه السلام -; ولذا اقترن به في الذكر؛ وإنه لما جاء الملائكة مبشرين إبراهيم وامرأته بالولد؛ ذهبوا من عنده إلى لوط؛ فدكوا قريته دكا؛ لأنها كانت تعمل الخبائث؛ ما سبقهم بها أحد من العالمين; ولذا قرن نجاة إبراهيم - عليه السلام - بنجاته؛ وأنه أخذه معه إلى الأرض المباركة؛ وقال (تعالى): [ ص: 4893 ] ونجيناه ولوطا إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين أي: نجينا إبراهيم من النار؛ ولوطا من الدمار؛ أي: نجاهما وأخذهما إلى الأرض المباركة؛ وهنا أمران نذكرهما؛ أولهما: التكلم من الله (تعالى) العلي الأعلى بضمير المتكلم المعظم؛ لبيان أنها كبيرة تليق بكبر المتكلم؛ فإخراج من النار؛ أو جعلها عليه باردة؛ وجعلها أمنا لا فزع منها؛ وإهلاك قرية الفسق بجعل عاليها سافلها؛ وإرسال عليها حجارة من سجيل منضود؛ الأمر الثاني: ما الأرض التي باركها؛ وانتهى خليل الله وذو قرابته لوط إليها؟ روي عن أنها أبي بن كعب الشام; لأنه كان فيها النبيون من بعده؛ فهي مباركة؛ وروى - ترجمان القرآن - وغيره؛ أنها ابن عباس مكة المكرمة; لأن إبراهيم هو الذي رفع بناءها وإسماعيل ؛ ولأن بها ولأنها صارت حرما آمنا؛ ولأنها كانت مباركة بدعاء أول بيت وضع للناس؛ إبراهيم - عليه السلام -؛ ولأن الله وصف بيتها بأنه مبارك؛ فقال (تعالى): إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين ؛ وقوله: ونجيناه ولوطا إلى الأرض التي باركنا فيها الجار والمجرور متعلق بـ "نجيناه "؛ أي: حفظناهما إلى أن وصلا إلى الأرض المباركة؛ وهذا دليل على أنهما في هجرتهما إلى الأرض المباركة لاقيا عنف الصحراء؛ موماة موماة؛ حتى وصلا سالمين؛ وهو يدل على أن لوطا قد وصل إلى البيت الحرام؛ وإن لم يكن له ذكر فيه؛ و "البركة ": ثبوت الخير واستمراره؛ وقد كانت بركة مكة للعالمين؛ لكل الناس؛ كانت للعرب حرما آمنا؛ تجبى إليه ثمرات كل شيء؛ وكانت كذلك للناس أجمعين؛ ففي بطحائها ولد وظهر خير الخلق محمد - صلى الله عليه وسلم.