فإن تولوا فقل آذنتكم على سواء وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون "فإن تولوا "؛ أي: أعرضوا عن دعوة الحق؛ ولم يجيبوا داعي الإسلام والإذعان؛ وإخلاص وجوههم لله (تعالى) وحده؛ والفاء الأولى فاء الإفصاح عن شرط مقدر؛ ونسق القول: إن دعوتهم فإن تولوا... إلى آخره؛ والفاء الثانية في قوله (تعالى): "فقل "؛ واقعة في جواب الشرط لأن بعدها طلبا هو الأمر.
و "آذنتكم "؛ أي: أعلمتكم وبينت لكم الحق؛ وأنكم ستبعثون وتحاسبون على سواء؛ أي: على تسوية بين الضال والمهدي؛ أي: كل محاسب ومبعوث لهذا الحساب.
وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون "إن "؛ هنا؛ نافية؛ والمعنى: ما أدري أقريب أم بعيد اليوم الذي وعدتم؛ وهو يوم البعث؛ وإن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو الذي يوحى إليه القرآن الكريم؛ وحديثه؛ لا يعلم متى تكون الساعة؛ وقد قال (تعالى): يسألونك عن [ ص: 4930 ] الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي ؛ فقد خفي علمها عن كل البشر؛ ولو كان خير البشر؛ واختص الله وحده بعلم الساعة؛ كما قال (تعالى): إن الله عنده علم الساعة
وإن هذا فيه إنذار لمن أعرضوا؛ وكان من الترفق بهم في القول أن ذكر أنهم ومن هداهم الله على سواء فيما يتعلق بالإعلام بالبعث والحساب؛ وإن اختلف الجزاء.