وقوله (تعالى):
nindex.php?page=treesubj&link=30563_34106_28993nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=53ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم اللام هي التي تسمى لام العاقبة؛ أي: لتكون النتيجة ترك الشيطان مسلطا على الناس؛ يأتيهم من قبل أمانيهم؛ أي: يجعل - سبحانه - ما يلقيه الشيطان من
[ ص: 5007 ] وسوسة وإغواء بمسايرتهم فيما يتمنونه؛ حتى يصلوا إلى ما يرديهم؛ "فتنة "؛ أي: نعاملهم معاملة المختبر لصنفين من الناس؛ يستهويهم بشره؛ وقد أقسم ليغوينهم أجمعين؛ إلا عباد الله المخلصين؛ والذين في قلوبهم مرض؛ هم الذين قد استولى عليهم الشك؛ فالشك
nindex.php?page=treesubj&link=29563مرض القلوب؛ وهم الذين يتبعون آباءهم؛ ويقولون:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=170بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون ؛ فالتقليد من غير تفكير؛ ووزن للأقوال؛ مرض؛ كالشك؛ أو يزيد؛ والقاسية قلوبهم هم اليهود؛ وغيرهم ممن يستمسكون بما هم عليه من أقوال لا تمت إلى التوراة بسبب؛ وقد وصفهم الله (تعالى) بقسوة القلوب؛ فلا تفتح للحق؛ بل هي مغلقة؛ تسد كل نور لهداية؛ فقال (تعالى) فيهم:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=74ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله وما الله بغافل عما تعملون
وقد رأينا المشركين آمنوا بعد شرك؛ أما اليهود؛ فلم يؤمنوا؛ وعاشوا للدس والخيانة؛ ونقض العهود والمواثيق؛ وختم الله (تعالى) الآية الكريمة بذكر أولياء الشيطان؛ فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=53وإن الظالمين لفي شقاق بعيد والظلم وصف يعم ظلم العبادة؛ فيشمل الشرك؛ وإن الشرك لظلم عظيم؛ كما قال لقمان الحكيم لابنه؛ ويشمل ظلم العباد بعضهم لبعض؛ ويشمل الخيانة والنميمة؛ فعل اليهود؛
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=53وإن الظالمين لفي شقاق أي: كل فريق منهم في شق يفارق الآخر؛ فالمشركون في شق؛ واليهود في شق؛ والمنافقون في شق؛ والنفاق ضروب مختلفة؛ وكل شق بينه وبين الآخر مسافة بعيدة؛ ولذا وصف الشقاق كله بأنه "بعيد "؛ مختلف في أجزائه.
وَقَوْلُهُ (تَعَالَى):
nindex.php?page=treesubj&link=30563_34106_28993nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=53لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ اَللَّامُ هِيَ الَّتِي تُسَمَّى لَامَ الْعَاقِبَةِ؛ أَيْ: لِتَكُونَ النَّتِيجَةُ تَرْكَ الشَّيْطَانِ مُسَلَّطًا عَلَى النَّاسِ؛ يَأْتِيهِمْ مِنْ قِبَلِ أَمَانِيِّهِمْ؛ أَيْ: يَجْعَلُ - سُبْحَانَهُ - مَا يُلْقِيهِ الشَّيْطَانُ مِنْ
[ ص: 5007 ] وَسْوَسَةٍ وَإِغْوَاءٍ بِمُسَايَرَتِهِمْ فِيمَا يَتَمَنَّوْنَهُ؛ حَتَّى يَصِلُوا إِلَى مَا يُرْدِيهِمْ؛ "فِتْنَةً "؛ أَيْ: نُعَامِلُهُمْ مُعَامَلَةَ الْمُخْتَبِرِ لِصِنْفَيْنِ مِنَ النَّاسِ؛ يَسْتَهْوِيهِمْ بِشَرِّهِ؛ وَقَدْ أَقْسَمَ لَيُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ؛ إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ؛ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ؛ هُمُ الَّذِينَ قَدِ اسْتَوْلَى عَلَيْهِمُ الشَّكُّ؛ فَالشَّكُّ
nindex.php?page=treesubj&link=29563مَرَضُ الْقُلُوبِ؛ وَهُمُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ آبَاءَهُمْ؛ وَيَقُولُونَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=170بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلا يَهْتَدُونَ ؛ فَالتَّقْلِيدُ مِنْ غَيْرِ تَفْكِيرٍ؛ وَوَزْنٍ لِلْأَقْوَالِ؛ مَرَضٌ؛ كَالشَّكِّ؛ أَوْ يَزِيدُ؛ وَالْقَاسِيَةُ قُلُوبُهُمْ هُمُ الْيَهُودُ؛ وَغَيْرُهُمْ مِمَّنْ يَسْتَمْسِكُونَ بِمَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَقْوَالٍ لَا تَمُتُّ إِلَى التَّوْرَاةِ بِسَبَبٍ؛ وَقَدْ وَصَفَهُمُ اللَّهُ (تَعَالَى) بِقَسْوَةِ الْقُلُوبِ؛ فَلَا تُفْتَحُ لِلْحَقِّ؛ بَلْ هِيَ مُغْلَقَةٌ؛ تَسُدُّ كُلَّ نُورٍ لِهِدَايَةٍ؛ فَقَالَ (تَعَالَى) فِيهِمْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=74ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ
وَقَدْ رَأَيْنَا الْمُشْرِكِينَ آمَنُوا بَعْدَ شِرْكٍ؛ أَمَّا الْيَهُودُ؛ فَلَمْ يُؤْمِنُوا؛ وَعَاشُوا لِلدَّسِّ وَالْخِيَانَةِ؛ وَنَقْضِ الْعُهُودِ وَالْمَوَاثِيقِ؛ وَخَتَمَ اللَّهُ (تَعَالَى) الْآيَةَ الْكَرِيمَةَ بِذِكْرِ أَوْلِيَاءِ الشَّيْطَانِ؛ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=53وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ وَالظُّلْمُ وَصْفٌ يَعُمُّ ظُلْمَ الْعِبَادَةِ؛ فَيَشْمَلُ الشِّرْكَ؛ وَإِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ؛ كَمَا قَالَ لُقْمَانُ الْحَكِيمُ لِابْنِهِ؛ وَيَشْمَلُ ظُلْمَ الْعِبَادِ بَعْضَهُمْ لِبَعْضٍ؛ وَيَشْمَلُ الْخِيَانَةَ وَالنَّمِيمَةَ؛ فِعْلَ الْيَهُودِ؛
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=53وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ أَيْ: كُلُّ فَرِيقٍ مِنْهُمْ فِي شِقٍّ يُفَارِقُ الْآخَرَ؛ فَالْمُشْرِكُونَ فِي شِقٍّ؛ وَالْيَهُودُ فِي شِقٍّ؛ وَالْمُنَافِقُونَ فِي شِقٍّ؛ وَالنِّفَاقُ ضُرُوبٌ مُخْتَلِفَةٌ؛ وَكُلُّ شِقٍّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْآخَرِ مَسَافَةٌ بَعِيدَةٌ؛ وَلِذَا وُصِفَ الشِّقَاقُ كُلُّهُ بِأَنَّهُ "بَعِيدٌ "؛ مُخْتَلِفٌ فِي أَجْزَائِهِ.