ثم بينت بعد ذلك الأسس التي يقوم عليها التعامل الإنساني؛ وهو الأمانة؛ فقال - عز من قائل -: والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون ؛ " الأمانة " : ما يؤتمن عليه الإنسان؛ و " العهد " : ما يكون اتفاقا بين طرفين؛ يتعهد كل واحد لصاحبه؛ من صفات المؤمنين؛ وخيانتهما من صفات المنافقين؛ وقد ورد في الحديث الصحيح: والمحافظة على الأمانة والعهد " آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب؛ وإذا اؤتمن خان؛ وإذا عاهد غدر " ؛ وزيدت في رواية أخرى رابعة: . " وإذا خاصم فجر "
ورعاية الأمانة والعهد: القيام عليهما وملاحظتهما؛ والدقة في المحافظة عليهما؛ كما يرعى الراعي رعيته؛ وقال في ذلك: والراعي: القائم على [ ص: 5049 ] الشيء يحفظه بهمة؛ وإصلاح؛ كراعي الغنم؛ وراعي الرعية؛ ويقال: " من راعي هذا الشيء؟ " ؛ أي: متوليه وصاحبه. الزمخشري
وإن اللفظ يشمل كل ما يؤتمن عليه الإنسان؛ من مال؛ وشرف؛ وسر؛ وعرض؛ وكل ما يطلع عليه الإنسان؛ ولا يكون من المروءة إعلانه؛ وكل ما يعاهد عليه؛ ويكون من البر والخير الوفاء به؛ ولقد قرن الله (تعالى) الأمر بأداء الأمانة بالأمر بالعدل؛ فقال (تعالى): إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به ؛ فأداء الأمانات؛ وإقامة العدل؛ يستقيم بهما أمر الناس؛ ويتعاونون فيما بينهم؛ من غير شطط ولا مجاوزة للحد؛ ويكون المجتمع فاضلا.
وقرنت خيانة الأمانة بخيانة الله ورسوله؛ فقال (تعالى): يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون