nindex.php?page=treesubj&link=19860_28639_30489_30491_28974nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=102يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=103واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون بين الله سبحانه وتعالى في الآيات السابقة عناد بعض أهل الكتاب واستمرارهم في غيهم وسدهم طريق الهداية في قلوبهم، وتحديهم للحق وأهله، ومعاندتهم للبينات الثابتة التي لا تقبل نكيرا، ثم مجاوزتهم الحد، ومحاولة صدهم المؤمنين عن الحق، وبث روح الفرقة والانقسام، لكي يعود أمر الجاهلية كما كان، ولكي يتفرقوا أوزاعا كما كانوا أولا. وفي هذه الآيات يبين للمؤمنين
[ ص: 1336 ] الحبل الوثيق الذي لا يضلون إذا استمسكوا به، ولا يتفرقون ما داموا آخذين بعروته الوثقى، وهو تقوى الله حق تقاته، فقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=102يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته
صدر الكلام- سبحانه- بهذا الموصول الذي كانت الصلة فيه الإيمان، للإشارة إلى أن المطلوب من مقتضيات الإيمان ومن نتائجه، وهو غاية الغايات فيه، والثمرة الدانية له. وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=102اتقوا الله حق تقاته معناه: اتقوا الله تعالى " واجب تقواه " أي: اتقوا الله تعالى بالقدر الذي يجب أن يتقى به، وهو الحق الثابت المستقر الذي ينبغي أن يستمر ولا ينقطع، و " تقاة " مصدر على وزن فعلة كتؤدة، والواو قلبت تاء على ما هو الأصل في كلمة تقوى؛ لأنها من الوقاية؛ وكلمة " حق " منصوبة على أنها مفعول مطلق مضاف إلى المصدر المشتق منه الفعل، ومثل هذا قولنا ولكلام الله المثل الأعلى: أكرم فلانا حق الإكرام، أو أدب ولدك حق التأديب، وإضافة " تقاة " إلى الله تعالى في قوله تعالى: "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=102حق تقاته " تفيد علو الواجب المطلوب له سبحانه وتعالى من التقوى، فالمطلوب هو التقوى الواجبة التي تليق بذي الجلال والإكرام الواحد القهار، والمالك لكل شيء، القاهر فوق عباده، الغالب على كل أمر، ويقول
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري في تفسير قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=102اتقوا الله حق تقاته " حق تقاته " واجب تقواه وما يحق منها، وهو القيام بالمواجب، واجتناب المحارم، ونحوه:
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=16فاتقوا الله ما استطعتم يريد بالغوا في تقوى الله حتى لا تتركوا من المستطاع منها شيئا.
وهذا معنى مستقيم، وتخريج قويم، ويكون المعنى في الآيتين متلاقيا؛ إذ يكون معنى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=102اتقوا الله حق تقاته اتقوه بأقصى الاستطاعة في التقوى،
nindex.php?page=treesubj&link=19862فبذل المستطاع منه هو عين التقوى، وهو أقصى غاياتها.
وقد زعم بعض المفسرين أن الصحابة عندما نزل قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=102اتقوا الله حق تقاته شكوا إلى رسول الله مشقة ذلك عليهم، فنزل قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=16فاتقوا الله ما استطعتم [ ص: 1337 ] واعتبروا هذه الآية ناسخة للسابقة، وفي الحق، إن دعوى النسخ باطلة، فإنه إذا صحت الرواية، فإن المناسب لمعناها أن نقول: إن القوم لقوة إحساسهم الديني لم يرفقوا بل اشتدوا على أنفسهم في العمل، فقاموا في صلاة الليل حتى ورمت عراقيبهم، وتقرحت جباههم، كما ورد عن
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ، فبين الله سبحانه وتعالى المقدار الذي كلفوه، وهو الاستطاعة الدائمة، فهم
nindex.php?page=treesubj&link=20716_20715لا يكلفون إلا المستطاع الذي لا يشق أداؤه، وهذا هو المعنى الذي يتفق مع الحقائق الإسلامية والسنن المروية الثابتة، فإنه يروى
أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى عابدا يعبد الله حتى أرهق نفسه وغارت عيناه، فقال له عليه الصلاة والسلام: " إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق، إن المنبت لا أرضا قطع، ولا ظهرا أبقى " .
وإن
nindex.php?page=treesubj&link=19863_29532_30509أفضل التقوى في الإسلام ما يدوم، وما يمكن أن يستمر الشخص عليه من غير إجهاد ومشقة، ولذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "
nindex.php?page=hadith&LINKID=655983أحب الأعمال عند الله أدومها وإن قل " وقال عليه الصلاة والسلام: "
إن الله يجب الديمة من الأفعال " وذلك لا يكون إلا في دائرة المستطاع، وقد جمع النبي - صلى الله عليه وسلم - معنى تقوى الله حق تقاته في قوله: " حق تقاته " :
أن يطاع فلا يعصى، وأن يذكر فلا ينسى، وأن يشكر فلا يكفر "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=102ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون
النهي ليس منصبا على الموت، وإنه بضم النهي إلى الاستثناء يكون المطلوب أمرا إيجابيا، وهو ما بعد أداة الاستثناء، فيكون المعنى الجملي كونوا على حال الإسلام المستمرة إلى الموت، إذ كل كلام مشتمل على استثناء هو في معناه تكلم بالباقي بعد أداة الاستثناء، فإذا قال قائل: لا تكرم إلا
محمدا، فمعنى القول أكرم
محمدا وحده؛ لأن معنى الاستثناء نفي وإثبات، فهو يتضمن النفي لما عدا ما بعد
[ ص: 1338 ] " إلا " ، والإثبات لما بعد " إلا " ، وقد يكون العكس ويكون موضع النهي هنا هو النهي عما يمنع استمرار الإسلام إلى الوفاة ولقاء الرب تعالت قدرته، وعظمت نعمته، فهو أمر لهم بأن يقصروا أنفسهم على حال الإسلام وحده إلى أن يتوفاهم الله سبحانه وتعالى.
nindex.php?page=treesubj&link=28632ومعنى الإسلام هو الإخلاص لله سبحانه وتعالى وحده، والإذعان له تبارك وتعالى، وألا يستمعوا إلا إليه، وأن يصموا آذانهم عن كل دعوة تخالف ما يأمر به وما ينهى عنه؛ فذلك هو الإسلام المطلوب ممن تشرفوا بذلك النعت الكريم، وهو ما قد بيناه من قبل عند الكلام في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=83وله أسلم من في السماوات والأرض وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=19إن الدين عند الله الإسلام وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=84ونحن له مسلمون وإطلاق الإسلام بمعنى الإذعان الظاهري لا يكون في القرآن إلا بقرينة، ويعبر عنه في مقابل الإيمان، وبالفعل لا بالوصف، ومن ذلك قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=14قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم
والخلاصة
nindex.php?page=treesubj&link=28647أن الله تعالى يأمر المؤمنين بأن يستمروا على إذعانهم للحق الذي يدعوهم إليه، ويمنعوا أن يدخل الانحراف إلى قلوبهم، فلا يجيبوا داعي اليهود وأشباههم الذين يريدون أن يصدوهم عن دينهم حسدا من عند أنفسهم.
nindex.php?page=treesubj&link=19860_28639_30489_30491_28974nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=102يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=103وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ بَيَّنَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي الْآيَاتِ السَّابِقَةِ عِنَادَ بَعْضِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَاسْتِمْرَارَهُمْ فِي غَيِّهِمْ وَسَدِّهِمْ طَرِيقَ الْهِدَايَةِ فِي قُلُوبِهِمْ، وَتَحَدِّيهِمْ لِلْحَقِّ وَأَهْلِهِ، وَمُعَانَدَتِهِمْ لِلْبَيِّنَاتِ الثَّابِتَةِ الَّتِي لَا تَقْبَلُ نَكِيرًا، ثُمَّ مُجَاوَزَتَهُمُ الْحَدَّ، وَمُحَاوَلَةَ صَدِّهِمُ الْمُؤْمِنِينَ عَنِ الْحَقِّ، وَبَثِّ رُوحِ الْفُرْقَةِ وَالِانْقِسَامِ، لِكَيْ يَعُودَ أَمْرُ الْجَاهِلِيَّةِ كَمَا كَانَ، وَلِكَيْ يَتَفَرَّقُوا أَوْزَاعًا كَمَا كَانُوا أَوَّلًا. وَفِي هَذِهِ الْآيَاتِ يُبَيِّنُ لِلْمُؤْمِنِينَ
[ ص: 1336 ] الْحَبْلَ الْوَثِيقَ الَّذِي لَا يَضِلُّونَ إِذَا اسْتَمْسَكُوا بِهِ، وَلَا يَتَفَرَّقُونَ مَا دَامُوا آخِذِينَ بِعُرْوَتِهِ الْوُثْقَى، وَهُوَ تَقْوَى اللَّهِ حَقَّ تُقَاتِهِ، فَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=102يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ
صَدَّرَ الْكَلَامَ- سُبْحَانَهُ- بِهَذَا الْمَوْصُولِ الَّذِي كَانَتِ الصِّلَةُ فِيهِ الْإِيمَانُ، لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْإِيمَانِ وَمِنْ نَتَائِجِهِ، وَهُوَ غَايَةُ الْغَايَاتِ فِيهِ، وَالثَّمَرَةُ الدَّانِيَةُ لَهُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=102اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ مَعْنَاهُ: اتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى " وَاجِبٌ تَقْوَاهُ " أَيِ: اتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى بِالْقَدْرِ الَّذِي يَجِبُ أَنْ يُتَّقَى بِهِ، وَهُوَ الْحَقُّ الثَّابِتُ الْمُسْتَقِرُّ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَمِرَّ وَلَا يَنْقَطِعَ، وَ " تُقَاةَ " مَصْدَرٌ عَلَى وَزْنِ فُعَلَةٍ كَتُؤَدَةٍ، وَالْوَاوُ قُلِبَتْ تَاءً عَلَى مَا هُوَ الْأَصْلُ فِي كَلِمَةِ تَقْوَى؛ لِأَنَّهَا مِنَ الْوِقَايَةِ؛ وَكَلِمَةُ " حَقَّ " مَنْصُوبَةٌ عَلَى أَنَّهَا مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ مُضَافٌ إِلَى الْمَصْدَرِ الْمُشْتَقِّ مِنْهُ الْفِعْلُ، وَمِثْلُ هَذَا قَوْلُنَا وَلِكَلَامِ اللَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى: أَكْرِمْ فَلَانًا حَقَّ الْإِكْرَامِ، أَوْ أَدِّبْ وَلَدَكَ حَقَّ التَّأْدِيبِ، وَإِضَافَةُ " تُقَاةٍ " إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=102حَقَّ تُقَاتِهِ " تُفِيدُ عُلُوَّ الْوَاجِبِ الْمَطْلُوبِ لَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مِنَ التَّقْوَى، فَالْمَطْلُوبُ هُوَ التَّقْوَى الْوَاجِبَةُ الَّتِي تَلِيقُ بِذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ، وَالْمَالِكِ لِكُلِّ شَيْءٍ، الْقَاهِرِ فَوْقَ عِبَادِهِ، الْغَالِبِ عَلَى كُلِّ أَمْرٍ، وَيَقُولُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=102اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ " حَقَّ تُقَاتِهِ " وَاجِبُ تَقْوَاهُ وَمَا يَحِقُّ مِنْهَا، وَهُوَ الْقِيَامُ بِالْمَوَاجِبِ، وَاجْتِنَابُ الْمَحَارِمِ، وَنَحْوُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=16فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ يُرِيدُ بَالِغُوا فِي تَقْوَى اللَّهِ حَتَّى لَا تَتْرُكُوا مِنَ الْمُسْتَطَاعِ مِنْهَا شَيْئًا.
وَهَذَا مَعْنًى مُسْتَقِيمٌ، وَتَخْرِيجٌ قَوِيمٌ، وَيَكُونُ الْمَعْنَى فِي الْآيَتَيْنِ مُتَلَاقِيًا؛ إِذْ يَكُونُ مَعْنَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=102اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ اتَّقُوهُ بِأَقْصَى الِاسْتِطَاعَةِ فِي التَّقْوَى،
nindex.php?page=treesubj&link=19862فَبَذْلُ الْمُسْتَطَاعِ مِنْهُ هُوَ عَيْنُ التَّقْوَى، وَهُوَ أَقْصَى غَايَاتِهَا.
وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّ الصَّحَابَةَ عِنْدَمَا نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=102اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ شَكَوَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ مَشَقَّةَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، فَنَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=16فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [ ص: 1337 ] وَاعْتَبَرُوا هَذِهِ الْآيَةَ نَاسِخَةً لِلسَّابِقَةِ، وَفِي الْحَقِّ، إِنَّ دَعْوَى النَّسْخِ بَاطِلَةٌ، فَإِنَّهُ إِذَا صَحَّتِ الرِّوَايَةُ، فَإِنَّ الْمُنَاسِبَ لِمَعْنَاهَا أَنْ نَقُولَ: إِنَّ الْقَوْمَ لِقُوَّةِ إِحْسَاسِهِمُ الدِّينِيِّ لَمْ يَرْفُقُوا بَلِ اشْتَدُّوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ فِي الْعَمَلِ، فَقَامُوا فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ حَتَّى وَرِمَتْ عَرَاقِيبُهُمْ، وَتَقَرَّحَتْ جِبَاهُهُمْ، كَمَا وَرَدَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15992سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، فَبَيَّنَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْمِقْدَارَ الَّذِي كُلِّفُوهُ، وَهُوَ الِاسْتِطَاعَةُ الدَّائِمَةُ، فَهُمْ
nindex.php?page=treesubj&link=20716_20715لَا يُكَلَّفُونَ إِلَّا الْمُسْتَطَاعَ الَّذِي لَا يَشُقُّ أَدَاؤُهُ، وَهَذَا هُوَ الْمَعْنَى الَّذِي يَتَّفِقُ مَعَ الْحَقَائِقِ الْإِسْلَامِيَّةِ وَالسُّنَنِ الْمَرْوِيَّةِ الثَّابِتَةِ، فَإِنَّهُ يُرْوَى
أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى عَابِدًا يَعْبُدُ اللَّهَ حَتَّى أَرْهَقَ نَفْسَهُ وَغَارَتْ عَيْنَاهُ، فَقَالَ لَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: " إِنَّ هَذَا الدِّينَ مَتِينٌ فَأَوْغِلْ فِيهِ بِرِفْقٍ، إِنَّ الْمُنْبَتَّ لَا أَرْضًا قَطَعَ، وَلَا ظَهْرًا أَبْقَى " .
وَإِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=19863_29532_30509أَفْضَلَ التَّقْوَى فِي الْإِسْلَامِ مَا يَدُومُ، وَمَا يُمْكِنُ أَنْ يَسْتَمِرَّ الشَّخْصُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ إِجْهَادٍ وَمَشَقَّةٍ، وَلِذَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "
nindex.php?page=hadith&LINKID=655983أَحَبُّ الْأَعْمَالِ عِنْدَ اللَّهِ أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ " وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "
إِنَّ اللَّهَ يَجِبُ الدِّيمَةَ مِنَ الْأَفْعَالِ " وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي دَائِرَةِ الْمُسْتَطَاعِ، وَقَدْ جَمَعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعْنَى تَقْوَى اللَّهِ حَقَّ تُقَاتِهِ فِي قَوْلِهِ: " حَقَّ تُقَاتِهِ " :
أَنْ يُطَاعَ فَلَا يُعْصَى، وَأَنْ يُذْكَرَ فَلَا يُنْسَى، وَأَنْ يُشْكَرَ فَلَا يُكْفَرَ "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=102وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ
النَّهْيُ لَيْسَ مُنْصَبًّا عَلَى الْمَوْتِ، وَإِنَّهُ بِضَمِّ النَّهْيِ إِلَى الِاسْتِثْنَاءِ يَكُونُ الْمَطْلُوبُ أَمْرًا إِيجَابِيًّا، وَهُوَ مَا بَعْدَ أَدَاةِ الِاسْتِثْنَاءِ، فَيَكُونُ الْمَعْنَى الْجُمَلِيُّ كُونُوا عَلَى حَالِ الْإِسْلَامِ الْمُسْتَمِرَّةِ إِلَى الْمَوْتِ، إِذْ كَلُّ كَلَامٍ مُشْتَمِلٌ عَلَى اسْتِثْنَاءٍ هُوَ فِي مَعْنَاهُ تَكَلُّمٌ بِالْبَاقِي بَعْدَ أَدَاةِ الِاسْتِثْنَاءِ، فَإِذَا قَالَ قَائِلٌ: لَا تُكْرِمْ إِلَّا
مُحَمَّدًا، فَمَعْنَى الْقَوْلِ أَكْرِمْ
مُحَمَّدًا وَحْدَهُ؛ لِأَنَّ مَعْنَى الِاسْتِثْنَاءِ نَفْيٌ وَإِثْبَاتٌ، فَهُوَ يَتَضَمَّنُ النَّفْيَ لِمَا عَدَا مَا بَعْدَ
[ ص: 1338 ] " إِلَّا " ، وَالْإِثْبَاتُ لِمَا بَعْدَ " إِلَّا " ، وَقَدْ يَكُونُ الْعَكْسُ وَيَكُونُ مَوْضِعُ النَّهْيِ هُنَا هُوَ النَّهْيُ عَمَّا يَمْنَعُ اسْتِمْرَارَ الْإِسْلَامِ إِلَى الْوَفَاةِ وَلِقَاءِ الرَّبِّ تَعَالَتْ قُدْرَتُهُ، وَعَظُمَتْ نِعْمَتُهُ، فَهُوَ أَمْرٌ لَهُمْ بِأَنْ يَقْصُرُوا أَنْفُسَهُمْ عَلَى حَالِ الْإِسْلَامِ وَحْدَهُ إِلَى أَنْ يَتَوَفَّاهُمُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
nindex.php?page=treesubj&link=28632وَمَعْنَى الْإِسْلَامِ هُوَ الْإِخْلَاصُ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَحْدَهُ، وَالْإِذْعَانُ لَهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَأَلَّا يَسْتَمِعُوا إِلَّا إِلَيْهِ، وَأَنْ يَصُمُّوا آذَانَهُمْ عَنْ كُلِّ دَعْوَةٍ تُخَالِفُ مَا يَأْمُرُ بِهِ وَمَا يَنْهَى عَنْهُ؛ فَذَلِكَ هُوَ الْإِسْلَامُ الْمَطْلُوبُ مِمَّنْ تَشَرَّفُوا بِذَلِكَ النَّعْتِ الْكَرِيمِ، وَهُوَ مَا قَدْ بَيَّنَاهُ مِنْ قَبْلُ عِنْدَ الْكَلَامِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=83وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=19إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=84وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ وَإِطْلَاقُ الْإِسْلَامِ بِمَعْنَى الْإِذْعَانِ الظَّاهِرِيِّ لَا يَكُونُ فِي الْقُرْآنِ إِلَّا بِقَرِينَةٍ، وَيُعَبَّرُ عَنْهُ فِي مُقَابِلِ الْإِيمَانِ، وَبِالْفِعْلِ لَا بِالْوَصْفِ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=14قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ
وَالْخُلَاصَةُ
nindex.php?page=treesubj&link=28647أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَأْمُرُ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنْ يَسْتَمِرُّوا عَلَى إِذْعَانِهِمْ لِلْحَقِّ الَّذِي يَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ، وَيُمْنَعُوا أَنْ يَدْخُلَ الِانْحِرَافُ إِلَى قُلُوبِهِمْ، فَلَا يُجِيبُوا دَاعِيَ الْيَهُودِ وَأَشْبَاهَهُمُ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَصُدُّوهُمْ عَنْ دِينِهِمْ حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ.