وما يفعلوا من خير فلن يكفروه والله عليم بالمتقين في هذا النص الكريم بيان أن الله تعالى يحتسب ما يفعلون من خير، ويثيبهم عليه، و " ما " هنا شرطية، ولذا جزم الفعل بعدها، و " من " هنا تفيد العموم، أي: إن يفعلوا أي خير قليلا كان أو كثيرا فلن يحرموا ثوابه، وقد أكد احتسابه بـ " لن " ؛ لأن النفي بـ " لن " يفيد التوكيد، و " كفر " بمعنى ستر، وهي لا تتعدى إلى مفعولين، ولكن لتضمنها معنى " حرم " تعدت إلى مفعولين، ويقول في ذلك : " فإن قلت: لم الزمخشري عدي إلى مفعولين و " شكر، وكفر " لا يتعديان إلا إلى واحد، تقول: شكر النعمة وكفرها؟ [ ص: 1371 ] قلت: ضمن معنى الحرمان فكأنه قيل: فلن يحرموه، بمعنى: فلن يحرموا جزاءه " وفى حذف هذا المضاف وهو الجزاء إشارة إلى أن الجزاء ثمرة الفعل دائما، وأن عمل العامل خيرا أو شرا يتضمن كسب الجزاء إن خيرا أو شرا، وذلك بالنسبة للثواب تفضل من الله تعالى دائما.
وفي هذا النص الكريم إشارة إلى أن لأن الأساس دائما تقوى القلوب، ولذا قال تعالى في تذييل الآية: النية الطيبة في الخير مع سلامة العقيدة ونزاهة النفس تجعل العمل طيبا مرجو الثواب دائما؛ والله عليم بالمتقين
وفى هذا التذييل الكريم إشارات إلى أمور ثلاثة:
أولها: أن وهي المجنب من كل شر. تقوى القلوب هي أساس لكل خير،
والثاني: أن وصار عمل الخير كسجية له من السجايا. التقوى إذا كانت شأنا من شئون النفس، صار الشخص لا يوصف إلا بأنه من المتقين،
والثالث: أن اللهم وفقنا لتقواك، وأنر بصيرتنا، وطهر قلوبنا من رجس الهوى، إنك سميع الدعاء. الله عليم بكل ما تخفيه القلوب وهو يجزي بما يعلم،