فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا
* * *
إن هؤلاء الذين استضعفوا حقا وصدقا بسبب ضعفهم، عسى أن يعفو الله عنهم، أي يرجى أن يكونوا محل عفو الله تعالى، فلا يؤاخذهم برضاهم بالبقاء في أرض الذل، فالفاء هنا هي فاء السببية، أي أن السبب في أنهم محل عفو الله، ورجاء العفو لهم، هو ضعفهم. وهنا بحثان تشير إليهما الآية الكريمة:
أولهما: أن وإن الأعذار يقدرها أصحابها. ومع وجودها يرجى لهم العفو، ويرجونه، ويقول الهجرة هي الأمر المفروض الذي لا مناص منه إلا عند العذر الشديد، : "إن هذا يدل على أن ترك الهجرة أمر مضيق لا توسعة فيه، حتى إن المضطر البين الاضطرار من حقه أن يقول: عسى الله أن يعفو عني. وهذا كله معناه أن الأصل هو الهجرة" الزمخشري
ثانيهما: أن لأن المباح يكون مطلوبا على وجه التخيير، وهذه لا طلب فيها، بل رخص بها في الترك، والأصل وجوب الهجرة. الأمور التي يرخص بها في مقابل واجب مفروض، لا تكون مباحة في ذاتها، بل تكون في مرتبة العفو،
وقد ختم سبحانه وتعالى الآية بأنه كثير العفو عن عباده في الرخص التي يرخص لهم بها، والله سبحانه وتعالى رحيم بعباده. كثير المغفرة لمن تاب وأناب،
* * *