nindex.php?page=treesubj&link=19881_30561_31653_31948_32000_32360_32427_32431_34120_28976nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=51يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=52فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=53ويقول الذين آمنوا أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين
* * *
[ ص: 2239 ] في الآيات السابقات ذكر سبحانه وتعالى كتب اليهود الأولى، وكتب النصارى الأولى التي لم يعرها تغيير وتبديل، وبين أن القرآن هو الحاكم المهيمن على ما جاء قبله من الكتب، وأنه الحاكم عليها، وأنه المتبع ولا شريعة من الله سواه، بعد أن نزل على
محمد -صلى الله عليه وسلم-، وأن الذين يتبعون غيره خارجون عن مبدئه، ويبغون حكم الجاهلية، إذ فارق ما بين حكم الجاهلية وحكم العدل هو الحكم بالهوى، وإذا كان ما مضى من آي كريمة قد تعرض لعلاقات الكتب فكان من المناسب أن يبين القرآن الكريم علاقة الجماعة الإسلامية بغيرها من الجماعات اليهودية والنصرانية، فجاء قوله تعالى ناهيا:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=51يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء الأولياء جمع ولي، والولي يطلق بمعنى الودود المحب، أو الصديق ، ومن ذلك قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=34ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم [فصلت]. ويطلق بمعنى النصير الحافظ، ومن ذلك قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=257الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور [البقرة].
وهو في هذا النص الكريم يجمع بين النصرة والمحبة، والتوفيق والهداية، ويطلق الولي بمعنى من يتولى الأمر، ومن يكون صاحب الولاية، كما قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=55إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا [المائدة]. وما
nindex.php?page=treesubj&link=28802المراد من اتخاذ الأولياء المنهي عنه في هذه الآية، يفسره
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري بأنه الاستنصار والمودة والمحبة، ونفسره بأن يجعلوا ولايتهم لغيرهم في الانتماء والنصرة، ويقبلوا أن يكونوا هم أهل ولايتهم التي ينتمون إليها، وينضوون تحت لوائها، فهي مثل قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=28لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير [آل عمران ].
وهذا الرأي يؤيده ما جاء في سبب النزول، وتذكره كتب التفسير وهو أن بعض
الأنصار كان يتولى بعض اليهود لما كان يرى فيهم من عدد كثير، وما عندهم
[ ص: 2240 ] من سلاح. فتبرأ منهم لما نهي عن أن يكون عليه أو له أولياء غير المؤمنين واستمر على ولايتهم بعض المنافقين، فدل هذا على أن المراد بالولاية هنا الاستنصار بهم، والاندماج في ولايتهم، ولو سرا.
وهنا يرد سؤال
nindex.php?page=treesubj&link=28802أيجوز لنا أن نتخذ منهم بطانة ومعاونين؟ والجواب عن ذلك أنه لا يجوز، وقد ورد بذلك النص القرآني، فقد قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=118يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون [آل عمران ].
ولقد كان
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ينهى عن أن يستخدم غير المسلمين في الدولة الإسلامية، ويروى في ذلك أن
nindex.php?page=showalam&ids=110أبا موسى الأشعري كان له كاتب نصراني، فأرسل إليه أمير المؤمنين
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ينهاه عن ذلك، وجاء في آخر كتابه: (لا تقربوهم إذ أقصاهم الله) فرد عليه
nindex.php?page=showalam&ids=110أبو موسى يقول له: (لا قوام
للبصرة إلا به) . فكتب إليه
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر مرة أخرى كلمة موجزة: (مات النصراني والسلام) وقد فسر
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري تلك الكلمة الموجزة بقوله: (يعني أنه قد مات، فما كنت تكون صانعا حينئذ فاصنعه الساعة، واستغن عنه بغيره) .
والسؤال الثاني الذي يرد؛
nindex.php?page=treesubj&link=28802أيجوز للمسلم أن تكون بينه وبين غير المسلم مودة؛ أم يجب التباعد عنه ما أمكن؟ ونقول في الجواب عن ذلك: إنه قد ورد في هذا نصان يبدو أنهما بادي الرأي متعارضان، أولهما: قوله عليه الصلاة وأتم التسليم:
nindex.php?page=hadith&LINKID=670959 "لا تراءى ناراهما" أي لا تجمعهما نار يستدفئان بها أو يستضيئان بضوئها، أي لا يجتمعان على مودة واصلة. والثاني: قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=8لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين [الممتحنة]
[ ص: 2241 ] والتوفيق بين النصين أن الأول جاء في الذين يشاقون الإسلام، ويتآمرون عليه، والثاني بصريحه جاء في الذين لم يأتمروا بالإسلام وأهله.
ونقول في ذلك: إن
nindex.php?page=treesubj&link=28802غير المسلمين أقسام ثلاثة:
القسم الأول: يعيشون مع المسلمين ويسالمونهم، ولا يعملون لحساب غيرهم، وهؤلاء لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم، وتصح مواداتهم، كنص الآية الكريمة:
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=8لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين
والقسم الثاني: الذين يقاتلون المسلمين، ويدبرون لهم المكايد، وهؤلاء لا تجوز مواداتهم، وقد قال سبحانه في ذلك:
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=22لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون
وقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=9إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون
القسم الثالث: طائفة لم تعلن المجاهرة بالعداوة، ولكنهم في قلوبهم يتمنون في ذات أنفسهم خذلان المسلمين، ونصرة غيرهم، فظاهرهم مع المسلمين، وقلوبهم مع أعدائهم وهؤلاء نعاملهم بما عامل به النبي -صلى الله عليه وسلم- المنافقين، نسالمهم، ولا نكشف خبيئة نفوسهم، ولكن نأخذ حذرنا منهم.
ومهما تكن أحوال المخالفين فإنه لا تجوز
nindex.php?page=treesubj&link=8372الاستعانة بهم في خاصة شئون الدولة الإسلامية حتى لا يكون منهم بطانة لا تألوننا خبالا، وقد علل سبحانه النهي عن توليهم بقوله تعالت كلماته:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=51بعضهم أولياء بعض
أي أن السبب في منع المؤمنين من أن يستنصروا بهم أو يجعلوا منهم أولياء عليهم أو لهم، أنهم لا يوالون المسلمين في ذات أنفسهم بل تكون نصرتهم فيما
[ ص: 2242 ] بينهم، فالنصارى أولياء ونصراء لإخوانهم النصارى، واليهود أولياء ونصراء لليهود، فكل طائفة تنحاز ولايتها إلى أهل دينها، فالنصارى منحازون في الولاية إلى النصارى واليهود منحازون إلى اليهود.
ويصح أن نفسر النص بأنهم يوالي بعضهم بعضا أي: اليهود يوالون النصارى ضد المسلمين، فكلتا الطائفتين تتولى الأخرى.
ويظهر لي أن الآية تدل على المعنيين، فالنصارى يوالي بعضهم بعضا واليهود كذلك، وهما دائما إلب على المسلمين كما نرى في عصرنا الحاضر، فالعالم المسيحي كله يؤيد اليهود في اغتصابهم أرض الإسلام ووضعها تحت أيدي اليهود ومع أنهم يدعون عدم التعصب، يتعصبون ضد المسلمين ويؤيدون قيام دولة على أساس الدين.
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=51ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين إن من يجعل نصرته منهم ويخضع بالولاية لهم فهو منهم. روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله تعالى عنه أن النص يفيد التشبيه؛ أي أنه مثيلهم في معاداة الإسلام وأهله.
ولكن كثيرين من المفسرين يعتبرونهم منهم حقيقة، ولا تشبيه في القول ولا تمثيل، فيقولون: إن من اتخذ منهم نصراء وحلفاء وأولياء دون أهل الإسلام، فإنه منهم في التحزب على الله تعالى، وعلى رسوله والمؤمنين، وأن الله تعالى ورسوله منهم بريئان، ويقول في تقرير هذا المعنى
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير: "ومن يتول اليهود والنصارى دون المؤمنين فإنه منهم؛ فإن من تولاهم ونصرهم على المؤمنين، فهو من أهل دينهم وملتهم، فإنه لا يتولى متول أحدا إلا وهو به وبدينه، وما هو عليه راض، وإذا رضيه ورضي دينه فقد عادى ما خالفه وسخطه، وصار حكمه حكمه".
وإن ذلك التولي بلا ريب ظلم للنفس. وظلم للمسلمين، ومن أركست نفسه في هذه الضلالة حتى صار لا يطيق تركها، فقد استضعف نفسه، وظلمها، ثم ظلم المؤمنين، وبعد عن هداية أهل الإيمان، وارتضى حكم الطاغوت ولذلك
[ ص: 2243 ] ذيل الله سبحانه وتعالى النص بقوله تعالت كلماته:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=51إن الله لا يهدي القوم الظالمين
وهذا النص بعمومه يشير إلى أن
nindex.php?page=treesubj&link=28802أعداء الإسلام ظالمون مهما يكن تعدادهم، وأن من يواليهم هو من القوم الظالمين، ولا تدخل الهداية قلبه; لأنه مرد على النفاق، ولأنه استضعفت نفسه المسلمين، ولأنه لم يعمر الإيمان قلبه فكان قلبه ظلمات متكاثفة لا يدخل من خلالها نور، ولا حق مبين،
nindex.php?page=treesubj&link=19881_30561_31653_31948_32000_32360_32427_32431_34120_28976nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=51يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=52فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=53وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ
* * *
[ ص: 2239 ] فِي الْآيَاتِ السَّابِقَاتِ ذَكَرَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كُتُبَ الْيَهُودِ الْأُولَى، وَكُتُبَ النَّصَارَى الْأُولَى الَّتِي لَمْ يَعْرُهَا تَغْيِيرٌ وَتَبْدِيلٌ، وَبَيَّنَ أَنَّ الْقُرْآنَ هُوَ الْحَاكِمُ الْمُهَيْمِنُ عَلَى مَا جَاءَ قَبْلَهُ مِنَ الْكُتُبِ، وَأَنَّهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهَا، وَأَنَّهُ الْمُتَّبَعُ وَلَا شَرِيعَةَ مِنَ اللَّهِ سِوَاهُ، بَعْدَ أَنْ نَزَلَ عَلَى
مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَأَنَّ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ غَيْرَهُ خَارِجُونَ عَنْ مَبْدَئِهِ، وَيَبْغُونَ حُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ، إِذْ فَارِقٌ مَا بَيْنَ حُكْمِ الْجَاهِلِيَّةِ وَحُكْمِ الْعَدْلِ هُوَ الْحُكْمُ بِالْهَوَى، وَإِذَا كَانَ مَا مَضَى مِنْ آيٍ كَرِيمَةٍ قَدْ تَعَرَّضَ لِعَلَاقَاتِ الْكُتُبِ فَكَانَ مِنَ الْمُنَاسِبِ أَنْ يُبَيِّنَ الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ عَلَاقَةَ الْجَمَاعَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ بِغَيْرِهَا مِنَ الْجَمَاعَاتِ الْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ، فَجَاءَ قَوْلُهُ تَعَالَى نَاهِيًا:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=51يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ الْأَوْلِيَاءُ جَمْعُ وَلِيٍّ، وَالْوَلِيُّ يُطْلَقُ بِمَعْنَى الْوَدُودِ الْمُحِبِّ، أَوِ الصِّدِّيقِ ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=34ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ [فُصِّلَتْ]. وَيُطْلَقُ بِمَعْنَى النَّصِيرِ الْحَافِظِ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=257اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ [الْبَقَرَةِ].
وَهُوَ فِي هَذَا النَّصِّ الْكَرِيمِ يَجْمَعُ بَيْنَ النُّصْرَةِ وَالْمَحَبَّةِ، وَالتَّوْفِيقِ وَالْهِدَايَةِ، وَيُطْلَقُ الْوَلِيُّ بِمَعْنَى مَنْ يَتَوَلَّى الْأَمْرَ، وَمَنْ يَكُونُ صَاحِبَ الْوِلَايَةِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=55إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا [الْمَائِدَةِ]. وَمَا
nindex.php?page=treesubj&link=28802الْمُرَادُ مِنَ اتِّخَاذِ الْأَوْلِيَاءِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، يُفَسِّرُهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ بِأَنَّهُ الِاسْتِنْصَارُ وَالْمَوَدَّةُ وَالْمَحَبَّةُ، وَنُفَسِّرُهُ بِأَنْ يَجْعَلُوا وِلَايَتَهُمْ لِغَيْرِهِمْ فِي الِانْتِمَاءِ وَالنُّصْرَةِ، وَيَقْبَلُوا أَنْ يَكُونُوا هُمْ أَهْلَ وِلَايَتِهِمُ الَّتِي يَنْتَمُونَ إِلَيْهَا، وَيَنْضَوُونَ تَحْتَ لِوَائِهَا، فَهِيَ مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=28لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ [آلِ عِمْرَانَ ].
وَهَذَا الرَّأْيُ يُؤَيِّدُهُ مَا جَاءَ فِي سَبَبِ النُّزُولِ، وَتَذْكُرُهُ كُتُبُ التَّفْسِيرِ وَهُوَ أَنَّ بَعْضَ
الْأَنْصَارِ كَانَ يَتَوَلَّى بَعْضَ الْيَهُودِ لِمَا كَانَ يَرَى فِيهِمْ مِنْ عَدَدٍ كَثِيرٍ، وَمَا عِنْدَهُمْ
[ ص: 2240 ] مِنْ سِلَاحٍ. فَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ لَمَّا نُهِيَ عَنْ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ أَوْ لَهُ أَوْلِيَاءُ غَيْرَ الْمُؤْمِنِينَ وَاسْتَمَرَّ عَلَى وِلَايَتِهِمْ بَعْضُ الْمُنَافِقِينَ، فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوِلَايَةِ هُنَا الِاسْتِنْصَارُ بِهِمْ، وَالِانْدِمَاجُ فِي وِلَايَتِهِمْ، وَلَوْ سِرًّا.
وَهُنَا يَرِدُ سُؤَالٌ
nindex.php?page=treesubj&link=28802أَيَجُوزُ لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْهُمْ بِطَانَةً وَمُعَاوِنِينَ؟ وَالْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَقَدْ وَرَدَ بِذَلِكَ النَّصُّ الْقُرْآنِيُّ، فَقَدْ قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=118يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ [آلِ عِمْرَانَ ].
وَلَقَدْ كَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- يَنْهَى عَنْ أَنْ يُسْتَخْدَمَ غَيْرُ الْمُسْلِمِينَ فِي الدَّوْلَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ، وَيُرْوَى فِي ذَلِكَ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=110أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ كَانَ لَهُ كَاتِبٌ نَصْرَانِيٌّ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ يَنْهَاهُ عَنْ ذَلِكَ، وَجَاءَ فِي آخِرِ كِتَابِهِ: (لَا تُقَرِّبُوهُمْ إِذْ أَقْصَاهُمُ اللَّهُ) فَرَدَّ عَلَيْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=110أَبُو مُوسَى يَقُولُ لَهُ: (لَا قِوَامَ
لِلْبَصْرَةِ إِلَّا بِهِ) . فَكَتَبَ إِلَيْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ مَرَّةً أُخْرَى كَلِمَةً مُوجَزَةً: (مَاتَ النَّصْرَانِيُّ وَالسَّلَامُ) وَقَدْ فَسَّرَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ تِلْكَ الْكَلِمَةَ الْمُوجَزَةَ بِقَوْلِهِ: (يَعْنِي أَنَّهُ قَدْ مَاتَ، فَمَا كُنْتَ تَكُونُ صَانِعًا حِينَئِذٍ فَاصْنَعْهُ السَّاعَةَ، وَاسْتَغْنِ عَنْهُ بِغَيْرِهِ) .
وَالسُّؤَالُ الثَّانِي الَّذِي يَرِدُ؛
nindex.php?page=treesubj&link=28802أَيَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ تَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِ الْمُسْلِمِ مَوَدَّةٌ؛ أَمْ يَجِبُ التَّبَاعُدُ عَنْهُ مَا أَمْكَنَ؟ وَنَقُولُ فِي الْجَوَابِ عَنْ ذَلِكَ: إِنَّهُ قَدْ وَرَدَ فِي هَذَا نَصَّانِ يَبْدُو أَنَّهُمَا بَادِي الرَّأْيِ مُتَعَارِضَانِ، أَوَّلُهُمَا: قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَأَتَمُّ التَّسْلِيمِ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=670959 "لَا تَرَاءَى نَارَاهُمَا" أَيْ لَا تَجْمَعُهُمَا نَارٌ يَسْتَدْفِئَانِ بِهَا أَوْ يَسْتَضِيئَانِ بِضَوْئِهَا، أَيْ لَا يَجْتَمِعَانِ عَلَى مَوَدَّةٍ وَاصِلَةٍ. وَالثَّانِي: قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=8لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [الْمُمْتَحِنَةِ]
[ ص: 2241 ] وَالتَّوْفِيقُ بَيْنَ النَّصَّيْنِ أَنَّ الْأَوَّلَ جَاءَ فِي الَّذِينَ يُشَاقُّونَ الْإِسْلَامَ، وَيَتَآمَرُونَ عَلَيْهِ، وَالثَّانِي بِصَرِيحِهِ جَاءَ فِي الَّذِينَ لَمْ يَأْتَمِرُوا بِالْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ.
وَنَقُولُ فِي ذَلِكَ: إِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28802غَيْرَ الْمُسْلِمِينَ أَقْسَامٌ ثَلَاثَةٌ:
الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: يَعِيشُونَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ وَيُسَالِمُونَهُمْ، وَلَا يَعْمَلُونَ لِحِسَابِ غَيْرِهِمْ، وَهَؤُلَاءِ لَهُمْ مَا لِلْمُسْلِمِينَ وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَيْهِمْ، وَتَصِحُّ مُوَادَّاتُهُمْ، كَنَصِّ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=8لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ الْمُسْلِمِينَ، وَيُدَبِّرُونَ لَهُمُ الْمَكَايِدَ، وَهَؤُلَاءِ لَا تَجُوزُ مُوَادَّاتُهُمْ، وَقَدْ قَالَ سُبْحَانَهُ فِي ذَلِكَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=22لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
وَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=9إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ
الْقِسْمُ الثَّالِثُ: طَائِفَةٌ لَمْ تُعْلِنِ الْمُجَاهَرَةَ بِالْعَدَاوَةِ، وَلَكِنَّهُمْ فِي قُلُوبِهِمْ يَتَمَنَّوْنَ فِي ذَاتِ أَنْفُسِهِمْ خِذْلَانَ الْمُسْلِمِينَ، وَنُصْرَةَ غَيْرِهِمْ، فَظَاهِرُهُمْ مَعَ الْمُسْلِمِينَ، وَقُلُوبُهُمْ مَعَ أَعْدَائِهِمْ وَهَؤُلَاءِ نُعَامِلُهُمْ بِمَا عَامَلَ بِهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمُنَافِقِينَ، نُسَالِمُهُمْ، وَلَا نَكْشِفُ خَبِيئَةَ نُفُوسِهِمْ، وَلَكِنْ نَأْخُذُ حَذَرَنَا مِنْهُمْ.
وَمَهْمَا تَكُنْ أَحْوَالُ الْمُخَالِفِينَ فَإِنَّهُ لَا تَجُوزُ
nindex.php?page=treesubj&link=8372الِاسْتِعَانَةُ بِهِمْ فِي خَاصَّةِ شُئُونِ الدَّوْلَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ حَتَّى لَا يَكُونَ مِنْهُمْ بِطَانَةٌ لَا تَأْلُونَنَا خَبَالًا، وَقَدْ عَلَّلَ سُبْحَانَهُ النَّهْيَ عَنْ تَوَلِّيهِمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَتْ كَلِمَاتُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=51بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ
أَيْ أَنَّ السَّبَبَ فِي مَنْعِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْ يَسْتَنْصِرُوا بِهِمْ أَوْ يَجْعَلُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ عَلَيْهِمْ أَوْ لَهُمْ، أَنَّهُمْ لَا يُوَالُونَ الْمُسْلِمِينَ فِي ذَاتِ أَنْفُسِهِمْ بَلْ تَكُونُ نُصْرَتُهُمْ فِيمَا
[ ص: 2242 ] بَيْنَهُمْ، فَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءُ وَنُصَرَاءُ لِإِخْوَانِهِمُ النَّصَارَى، وَالْيَهُودُ أَوْلِيَاءُ وَنُصَرَاءُ لِلْيَهُودِ، فَكُلُّ طَائِفَةٍ تَنْحَازُ وِلَايَتُهَا إِلَى أَهْلِ دِينِهَا، فَالنَّصَارَى مُنْحَازُونَ فِي الْوِلَايَةِ إِلَى النَّصَارَى وَالْيَهُودُ مُنْحَازُونَ إِلَى الْيَهُودِ.
وَيَصِحُّ أَنْ نُفَسِّرَ النَّصَّ بِأَنَّهُمْ يُوَالِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا أَيِ: الْيَهُودُ يُوَالُونَ النَّصَارَى ضِدَّ الْمُسْلِمِينَ، فَكِلْتَا الطَّائِفَتَيْنِ تَتَوَلَّى الْأُخْرَى.
وَيَظْهَرُ لِي أَنَّ الْآيَةَ تَدُلُّ عَلَى الْمَعْنَيَيْنِ، فَالنَّصَارَى يُوَالِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَالْيَهُودُ كَذَلِكَ، وَهُمَا دَائِمًا إِلْبٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ كَمَا نَرَى فِي عَصْرِنَا الْحَاضِرَ، فَالْعَالَمُ الْمَسِيحِيُّ كُلُّهُ يُؤَيِّدُ الْيَهُودَ فِي اغْتِصَابِهِمْ أَرْضَ الْإِسْلَامِ وَوَضْعِهَا تَحْتَ أَيْدِي الْيَهُودِ وَمَعَ أَنَّهُمْ يَدَّعُونَ عَدَمَ التَّعَصُّبِ، يَتَعَصَّبُونَ ضِدَّ الْمُسْلِمِينَ وَيُؤَيِّدُونَ قِيَامَ دَوْلَةٍ عَلَى أَسَاسِ الدِّينِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=51وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ إِنَّ مَنْ يَجْعَلُ نُصْرَتَهُ مِنْهُمْ وَيَخْضَعُ بِالْوِلَايَةِ لَهُمْ فَهُوَ مِنْهُمْ. رُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ النَّصَّ يُفِيدُ التَّشْبِيهَ؛ أَيْ أَنَّهُ مَثِيلُهُمْ فِي مُعَادَاةِ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ.
وَلَكِنَّ كَثِيرِينَ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ يَعْتَبِرُونَهُمْ مِنْهُمْ حَقِيقَةً، وَلَا تَشْبِيهَ فِي الْقَوْلِ وَلَا تَمْثِيلَ، فَيَقُولُونَ: إِنَّ مَنِ اتَّخَذَ مِنْهُمْ نُصَرَاءَ وَحُلَفَاءَ وَأَوْلِيَاءَ دُونَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، فَإِنَّهُ مِنْهُمْ فِي التَّحَزُّبِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَعَلَى رَسُولِهِ وَالْمُؤْمِنِينَ، وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَرَسُولَهُ مِنْهُمْ بَرِيئَانِ، وَيَقُولُ فِي تَقْرِيرِ هَذَا الْمَعْنَى
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ: "وَمَنْ يَتَوَلَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى دُونَ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ؛ فَإِنَّ مَنْ تَوَلَّاهُمْ وَنَصَرَهُمْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، فَهُوَ مِنْ أَهْلِ دِينِهِمْ وَمِلَّتِهِمْ، فَإِنَّهُ لَا يَتَوَلَّى مُتَوَلٍّ أَحَدًا إِلَّا وَهُوَ بِهِ وَبِدِينِهِ، وَمَا هُوَ عَلَيْهِ رَاضٍ، وَإِذَا رَضِيَهُ وَرَضِيَ دِينَهُ فَقَدْ عَادَى مَا خَالَفَهُ وَسَخَطَهُ، وَصَارَ حُكْمُهُ حُكْمَهُ".
وَإِنَّ ذَلِكَ التَّوَلِّيَ بِلَا رَيْبٍ ظُلْمٌ لِلنَّفْسِ. وَظُلْمٌ لِلْمُسْلِمِينَ، وَمَنْ أُرْكِسَتْ نَفْسُهُ فِي هَذِهِ الضَّلَالَةِ حَتَّى صَارَ لَا يُطِيقُ تَرْكَهَا، فَقَدِ اسْتَضْعَفَ نَفْسَهُ، وَظَلَمَهَا، ثُمَّ ظَلَمَ الْمُؤْمِنِينَ، وَبَعُدَ عَنْ هِدَايَةِ أَهْلِ الْإِيمَانِ، وَارْتَضَى حُكْمَ الطَّاغُوتِ وَلِذَلِكَ
[ ص: 2243 ] ذَيَّلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى النَّصَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَتْ كَلِمَاتُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=51إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ
وَهَذَا النَّصُّ بِعُمُومِهِ يُشِيرُ إِلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28802أَعْدَاءَ الْإِسْلَامِ ظَالِمُونَ مَهْمَا يَكُنْ تَعْدَادُهُمْ، وَأَنَّ مَنْ يُوَالِيهِمْ هُوَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ، وَلَا تَدْخُلُ الْهِدَايَةُ قَلْبَهُ; لِأَنَّهُ مَرَدَ عَلَى النِّفَاقِ، وَلِأَنَّهُ اسْتَضْعَفَتْ نَفْسُهُ الْمُسْلِمِينَ، وَلِأَنَّهُ لَمْ يَعْمُرِ الْإِيمَانُ قَلْبَهُ فَكَانَ قَلْبُهُ ظُلُمَاتٍ مُتَكَاثِفَةً لَا يَدْخُلُ مِنْ خِلَالِهَا نُورٌ، وَلَا حَقٌّ مُبِينٌ،