ولقد كان ما أعده الله تعالى أكثر مما طمعوا، وإذ أعد لهم جنات تجري من تحتها الأنهار؛ ولذا قال تعالى:
فأثابهم الله بما قالوا جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء المحسنين
في هذا النص الكريم إجابتهم إلى ما طلبوا، وهو إجابة الله العزيز الكريم، وهو أكبر مما طلبوا، لقد كانوا يطمعون أن يكونوا من القوم الصالحين وأن يكتبوا مع الشاهدين، فأجابهم بالجزاء الأوفى وهو ما أعد الله تعالى لعباده المتقين، كانوا يطمعون ويرجون، فسمى سبحانه ما أعطاهم جزاء وفاقا، وكانوا يطلبون أن يكونوا مع الصالحين، فسماهم الله تعالى محسنين، أي: مجيدين متقين مخلصين.
فكان الجواب هو جواب الحكيم الكريم الذي يقول تعالت كلماته: هل جزاء الإحسان إلا الإحسان والثواب الرجوع بالشيء إلى حالته الأولى، وكان ثواب العمل من قبيل الرجوع إلى أصل العمل، أي: أن ما ينالهم من جنات النعيم، أي: من المقام الذي ينعمون، وإنما عاد إليهم من أعمالهم، [ ص: 2331 ] وذلك كرم من الله تعالى إذ جعل جزاءهم من العمل ذاته، وهو ذو الفضل العظيم، وذلك هو الجزاء لمن يحسن.
وجعل سبحانه وتعالى الثواب على القول; لأنه يدل على الإخلاص، وعلى الإيمان الصادق، والعمل الطيب، فالجزاء على هذا كله الذي دل عليه القول الطيب.
هذا جزاء أولئك الذين آمنوا وصدقوا الله تعالى، أما جزاء الذين كفروا وجحدوا فهو ما ذكر سبحانه وتعالى بقوله: