في وسط هذا المظهر السحري أوحى الله تعالى إلى موسى أن يلقي عصاه وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون ألقى موسى عصاه، فإذا هي حية تسعى، وإذا هي تلقف وتبتلع حبالهم وعصيهم، (تلقف) مضارع لقف بمعنى تلقم وتبتلع، وقد لقفت الحبال والعصي كان يراها الذين سحرت أعينهم حيات وأفاعي، وقد قال تعالى: تلقف ما يأفكون أي: ما يصرفون به أعين الناس كاذبين، وقد أطلق على الحبال والعصي أنها (ما يأفكون) لأنها مادة إفكهم وكذبهم وتمويههم وتضليلهم.
وقد رأى السحرة أن هذا ما ليس بسحر; لأنهم يعلمون أن السحر لا يغير الأشياء، ولكن يموه على الأنظار، ولكن هذا يغير الأشياء، وليس تمويها على الأنظار، فأدركوا أن آيته تعالى حق، ولقد رأى بحس الأعين المستيقظة أن حبالهم وعصيهم لا وجود لها؛ إذ ابتلعتها العصا.