فيه ستة أوجه : يكون بمعنى : هذا ذلك الكتاب ، فيكون خبر هذا .
ويكون بمعنى : " الم ذلك " هذا قول ، أي حروف المعجم ذلك الكتاب ، واجتزئ ببعضها من بعض ، ويكون هذا رفعا بالابتداء ، والكتاب خبره ، والكوفيون يقولون : رفعنا هذا بهذا وهذا بهذا ، ويكون الكتاب عطف البيان الذي يقوم مقام النعت ، وهدى خبرا ، ويكون " لا ريب فيه " الخبر ، والكوفيون يقولون : الهاء العائدة الخبر . الفراء
والوجه السادس : أن يكون الخبر " لا ريب فيه " لأن معنى " لا شك " : حق ، ويكون التمام على هذا لا ريب ، ويقال : ذلك ، ولغة تميم : ذاك . ولم تعرب " ذلك " ولا " هذا " ؛ لأنهما لا يثبتان على المسمى . قال البصريون : اللام في " ذلك " توكيد . وقال ، الكسائي : جيء باللام في " ذلك " لئلا يتوهم أن " ذا " مضاف إلى الكاف ، وقيل : جيء باللام بدلا من الهمزة ولذلك كسرت . وقال والفراء علي بن سليمان : جيء باللام لتدل على شدة التراخي . قال : كسرت فرقا بينها وبين لام الجر ، ولا موضع للكاف ، والاسم عند البصريين " ذا " ، وعند أبو إسحاق : الذال . الفراء
ثم قال الله - جل وعز - : لا ريب فيه نصب " ريب " لأن " لا " عند البصريين مضارعة لأن ، فنصبوا بها ، وأن " لا " لم تعمل إلا في نكرة ؛ لأنها جواب نكرة فيها معنى " من " بنيت مع [ ص: 179 ] النكرة فصيرا شيئا واحدا . وقال : سبيل النكرة أن يتقدمها أخبارها فتقول : قام رجل ، فلما تأخر الخبر في التبرئة نصبوا ولم ينونوا ؛ لأنه نصب ناقص . وقال الكسائي : سبيل " لا " أن تأتي بمعنى " غير " ، تقول : مررت بلا واحد ولا اثنين ، فلما جئت بها بغير معنى " غير " و " ليس " ؛ نصبت بها ، ولم تنون ؛ لئلا يتوهم أنك أقمت الصفة مقام الموصوف . وقيل : إنما نصبت لأن المعنى : لا أجد ريبا ، فلما حذفت الناصب حذفت التنوين . ويجوز الفراء لا ريب فيه تجعل " لا " بمعنى " ليس " ، وأنشد : سيبويه
من صد عن نيرانها فأنا ابن قيس لا براح
فيه هدى الهاء في موضع خفض بفي . وفي الهاء خمسة أوجه : أجودها : ( فيه هدى ) ، ويليه : ( فيه هدى ) بضم الهاء بغير واو ، وهي قراءة ، الزهري وسلام أبي المنذر . ويليه : ( فيهي هدى ) بإثبات الياء ، وهي قراءة ، ويجوز : ( فيهو هدى ) بالواو ، ويجوز : ( فيه هدى ) مدغما ، والأصل : ( فيهو [ ص: 180 ] هدى ) الاسم الهاء ، وزيدت الواو عند ابن كثير لأن الهاء خفية ، فقويت بحرف جلد متباعد منها ، وتبدل منها ياء لأن قبلها ياءا ، أو يحذف لاجتماع الواو والياء عند الخليل ، ولاجتماع الساكنين عند سيبويه ، وكذا الياء ، ويدغم لاجتماع هاءين ، وليس بجيد ؛ لأن حروف الحلق ليست أصلا بالإدغام ويجتمع ساكنان ، وقال أبي العباس : إنما زيدت الواو كما زيدت الألف في المؤنث . سيبويه
وفي ( هدى ) ستة أوجه : تكون في موضع رفع خبرا عن " ذلك " ، وعلى إضمار مبتدأ ، وعلى أن تكون خبرا بعد خبر ، وعلى أن تكون رفعا بالابتداء . قال : يكون المعنى : فيه هدى ولا ريب . فهذه أربعة أوجه في الرفع ، وحكي خامس وهو : أن يكون على موضع لا ريب فيه أي حق هدى ، ويكون نصبا على الحال من " ذلك " والكوفيون يقولون : قطع ، ويكون حالا من الكتاب ، وتكون حالا من الهاء . قال أبو إسحاق : بعض الفراء بني أسد يؤنث الهدى فيقول : هذه هدى حسنة . ولم يعرب لأنه مقصور ، والألف لا يحرك .
ثم قال - جل وعز - : للمتقين مخفوض باللام الزائدة ، ولغة أهل الحجاز : فلان موتق . وهذا هو الأصل ، والتقية أصلها الوقية ، من " وقيت " أبدلت من الواو تاء لأنها أقرب [ ص: 181 ] الزوائد إليها ، وقد فعلوا ذلك من غير أن يكون ثم تاء ، كما حدثنا علي بن سليمان ، عن عن محمد بن يزيد ، قال : سألت المازني عن قول الشاعر : الأصمعي
فإن يكن أمسى البلى تيقوري
وقلت له : قال : هو فيعول من الوقار فأبدل من الواو تاء ، فقال : هذا قول الأشياخ ، والأصل " للمتقيين " بياءين مخففتين ، وحذفت الكسرة من الياء الأولى لثقلها ، ثم حذفت الياء لالتقاء الساكنين . الخليل
ثم قال - جل وعز - :