" الذين " نصب بإن ، وعملت إن لأنها أشبهت الفعل في الإضمار ، ويقع بعدها اسمان ، وفيها معنى التحقيق كفروا صلة " الذين " ، والمضمر يعود على " الذين " . قال : محمد بن يزيد سواء عليهم رفع بالابتداء أأنذرتهم أم لم تنذرهم الخبر ، والجملة خبر إن ، أي إنهم تبالهوا حتى لم تغن فيهم النذارة ، والتقدير : سواء عليهم الإنذار وتركه ، أي سواء عليهم هذان ، وجيء بالاستفهام من أجل التسوية . قال ابن كيسان : يجوز أن يكون سواء خبر إن ، وما بعده يقوم مقام الفاعل ، ويجوز أن يكون خبر إن " لا يؤمنون " ، أي : إن الذين كفروا لا يؤمنون .
أأنذرتهم فيه ثمانية أوجه ؛ أجودها عند الخليل : تخفيف الهمزة الثانية وتحقيق الأولى . وهي لغة وسيبويه قريش ، وسعد بن بكر ، وكنانة ، وهي قراءة أهل المدينة ، وأبي عمرو ، . والأعمش
( أأنذرتهم ) قال ابن كيسان : وروي عن ابن محيصن أنه قرأ بحذف الهمزة الأولى ( سواء عليهم أنذرتهم ) فحذف لالتقاء الهمزتين ، وإن [ ص: 185 ] شئت قلت : لأن " أم " تدل على الاستفهام ، كما قال :
تروح من الحي أم تبتكر وماذا يضرك لو تنتظر
، وروي عن ابن أبي إسحاق أنه قرأ : ( أاأنذرتهم ) حقق الهمزتين وأدخل بينهما ألفا ؛ لئلا يجمع بينهما . قال أبو حاتم : ويجوز أن يدخل بينهما ألفا ويخفف الثانية ، وأبو عمرو يفعلان ذلك كثيرا ، وقرأ ونافع حمزة وعاصم بتحقيق الهمزتين : ( أأنذرتهم ) ، وهو اختيار والكسائي ، وذلك بعيد عند أبي عبيد الخليل يشبهه الثقل بضننوا . قال وسيبويه : الهمزة بعد مخرجها ، وهي نبرة تخرج من الصدر باجتهاد ، وهي أبعد الحروف مخرجا فثقلت لأنها كالتهوع . سيبويه
فهذه خمسة أوجه ، والسادس قاله ، قال : يجوز أن تخفف الأولى من الهمزتين . وذلك رديء ؛ لأنهم إنما يخففون بعد الاستثقال ، وبعد حصول الواحدة . قال الأخفش أبو حاتم : ويجوز تخفيف الهمزتين جميعا . فهذه سبعة أوجه ، والثامن : يجوز في غير القرآن ؛ لأنه مخالف للسواد . قال : تبدل من الهمزة هاء ، فتقول : " هانذرتهم " كما يقال : إياك وهياك . وقال الأخفش سعيد في قول الله - عز وجل - " ها أنتم " : إنما هو أأنتم ، [ ص: 186 ] والتاء في " أأنذرتهم " في موضع رفع ، وفتحتها فرقا بين المخاطب والمخاطب ، والهاء والميم نصب بوقوع الفعل عليهما . الأخفش أم لم تنذرهم جزم بلم ، وعلامة الجزم حذف الضمة من الراء ، والهاء والميم نصب أيضا . لا يؤمنون فعل مستقبل ، ولا موضع للا من الإعراب .