قل اللهم مالك الملك [ 26 ]
يذهب فيما يرى إلى أن الأصل في " اللهم " : يا الله أمنا منك بخير ، فلما كثر واختلط حذفوا منه ، وإن الضمة التي في الهاء هي الضمة التي كانت في أمنا لما حذفت انتقلت . قال الفراء : هذا عند البصريين من الخطإ العظيم ، حتى قال بعضهم : هذا إلحاد في اسم الله - عز وجل - . قال أبو جعفر : القول في هذا ما قاله أبو جعفر الخليل : إن الأصل " يا الله " ، ثم جاؤوا بحرفين عوضا من حرفين ، وهما الميمان عوضا من " يا " ، والدليل على هذا : أنه ليس أحد من الفصحاء يقول : " يا اللهم " ؛ لأنهم لا يجمعون بين الشيء وعوضه ، والضمة التي في " اللهم " عندهما هي ضمة المنادى المرفوع . فأما قول وسيبويه : إن الأصل " يا الله أمنا " فلو كان كذا لوجب أن يقال : " اؤمم " ، وأن يدغم فيضم ويكسر ، وكان يجب أن تكون ألف وصل لا حكم لها ، وكان يجب أن يقال : " يا اللهم " ، وأيضا فكيف يصح المعنى أن يقال : " يا الله أمنا منك بخير " ؟ الفراء مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وهذا لا يقدمه أحد بين [ ص: 365 ] يدي دعائه . مالك الملك منصوب عند على أنه نداء ثان ، ولا يجوز أن يكون عنده صفة لقوله : " اللهم " من أجل الميم ، وخالفه سيبويه ، محمد بن يزيد وإبراهيم بن السري في هذا ، وقالا : يجوز أن يكون صفة كما يكون صفة إذا جئت بيا . تؤتي الملك من تشاء روى عن محمد بن إسحاق ، محمد بن جعفر بن الزبير : أن وفد نجران أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقرأ عليهم سورة آل عمران ، وفسر لهم من أولها إلى رأس الثمانين ، فقال : تؤتي الملك من تشاء " ملك النبوة " . قال : وكانوا نصارى ، فأعلم الله - جل وعز - بعنادهم وكفرهم ، وأن ابن إسحاق عيسى - صلى الله عليه وسلم - وإن كان الله - جل وعز - أعطاه آيات تدل على نبوته من إحياء الموتى وغير ذلك ؛ فإن الله - عز وجل - منفرد بهذه الأشياء من قوله :